مع التسليم بأن الديمقراطية لا تخلو من المعارك السياسية والحزبية وأن حرية الصحافة تؤدي تلقائيا إلي صدامات واحتكاكات ولكن أي معارك تلك وأي صدامات واحتكاكات هذه التي لا تسئ إلي الديمقراطية السياسية وحرية التعبير هل هي معارك إثبات الذات لكي يقول أي تيار سياسي إنني موجود علي الساحة وقادر علي لفت الأنظار؟! الجواب بالطبع لا.. وإنما المقصود معارك تحتدم بالحوار والاجتهاد حول كل ما يهم الوطن ويصب في مصلحة المواطنين وليس كل ما يعلي شأن تيار سياسي بعينه ويسئ إلي الآخرين! ثم ما هو الصدام الواجب حدوثه تحت مظلة حرية الصحافة ؟.. هل هو صدام النرجسية الذي يزرع الوهم في بعض النفوس إلي حد تصور أن ما يقولون به وتخطه أقلامهم ينبغي الأخذ به والرضوخ لمحتواه دون نقاش؟! الجواب مرة أخري: لا.. إن الصدام الذي توفره أجواء حرية الصحافة سواء بين أقلام وأقلام أو بين الصحافة والسلطة ينبغي أن يظل في إطار صدام الأفكار تحت مظلة من الرقي والتهذب وعدم التعصب والقدرة علي قبول الآخر, خصوصا عندما يتضح أن الحق في الجانب الآخر. وليس هناك أقسي علي نفس أي محب للحرية عاشق للديمقراطية منتم لصاحبة الجلالة سوي أن يسمع أن نافذة من نوافذ الديمقراطية قد أغلقت أو أن منبرا من منابر الرأي قد جري تعطيله بحكم قضائي لأن الحلم كبير والأمل عظيم في أن تزداد تجربتنا الديمقراطية وحرياتنا الصحفية عمقا ورسوخا يوما بعد يوم! ولكن ينبغي أيضا أن يكون واضحا أن مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وضمان سلامه الاجتماعي هو الأبقي والأهم والأجدر بالحماية.. وهو ما ينبغي أن يكون الهدف والمبتغي من أية ديمقراطية وأية صحافة حرة نزيهة. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الأحمق مثل المهرج الذي يعرفه الناس من طرطوره!