رغم أن ازدهار الإبداع في أي مجتمع يرتبط بمدي ازدهار الحرية بشكل عام وحرية الرأي والتعبير بوجه خاص فإن أجواء الحرية التي تعيشها مصر هذه الأيام بدأت تثير الكثير من المخاوف لدي قطاعات واسعة من المثقفين والمفكرين بل وعامة المواطنين. وفي اعتقادي أن أكثر ما يثير القلق هو محاولة توظيف أجواء الحرية في الارتداد نحو ثقافة المحرمات سواء كانت محرمات سياسية أو دينية أو اجتماعية يصل بعضها إلي حد تكفير الفنون والموسيقي والعروض المسرحية والسينمائية بينما في المقابل هناك من يدعو إلي تعميم ثقافة الإباحية والشذوذ والتطاول علي الأديان والمعتقدات! وصحيح أنه من حق كل تيار في المجتمع أن يعبر عن آرائه وتوجهاته ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية لكن الذي ينبغي الالتفات إليه هو خطورة طغيان المساحات المخصصة لتيار بعينه في وسائل الإعلام علي حساب بقية التيارات الأخري التي تعكس واقع التعددية المجتمعية في السياسة والفكر والثقافة والدين. إن الاستهانة ببعض ما يطفو علي سطح المشهد المصري هذه الأيام أمر لا يثير التساؤل بقدر ما يثير الخوف نتيجة تعدد منابر الإعلام التي تدعو إلي الجاهلية وتحرض ضد أصحاب الفكر الوسطي المستنير الذين بدأت المساحات المخصصة لهم في التراجع والانكماش لصالح قوي التطرف والتشدد من ناحية وقوي الانحلال والفوضوية من ناحية أخري! وإذا كنا نرفض العديد من استحقاقات ثقافة العولمة التي تروج للانحلال الخلقي إلي حد المطالبة مثلا بإباحة زواج المثليين فإننا وبنفس القوة يجب أن نتصدي لأية أفكار رجعية تري أيضا وعلي سبيل المثال أن المرأة عورة يجب إخفاؤها ومن ثم ينبغي عودتها إلي البيت وعدم خروجها للعمل. وما أكثر الأمثلة التي تثير القلق وينبغي من موقع المسئولية الوطنية أن نري فيها أجراس إنذار للتحذير من قادم الأخطار! خير الكلام: ما كنت أحسبني أحيا إلي زمن.. يسيء لي فيه من أطعمته خبزي! [email protected]