أكد ريتشارد فالك المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الانسان بالاراضي الفلسطينية أن الاعلام الغربي غير منصف بشأن القضية الفلسطينية. وقال فالك في حوار مع الأهرام علي هامش احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني تنظمها الجامعة العربية بالتعاون مع لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا( الاسكوا) أن إسرائيل لم تستيقظ بعد علي خلفية الربيع العربي, وتعتقد أن تفوقها العسكري كاف لحفظ أمنها. وأضاف فالك استاذ القانون الدولي بجامعة سرينكتون الأمريكية ذو الاصول اليهودية أنه إذا لم تتحقق العدالة فلن يتحقق السلام مشيرا إلي أنه لا يوجد شيء مستحيل في التاريخ...وكان معه الحوار.. كيف تري مستقبل إسرائيل في المنطقة بعد قيام ثورات الربيع العربي؟ أعتقد أن إسرائيل لم تستيقظ بعد فيما يتعلق بثورات الربيع العربي, ومازالت تعتقد أن تفوقها العسكري سيوفر لها الحماية الكافية ويؤمن لها السيطرة علي الوضع, وأن المسألة لاتعدو كونها تحديا دبلوماسيا جديد في إدارة العلاقة مع تلك الدول طبقا لتطورات الوضع الحالي.. إسرائيل مستمرة في الضغط وتخويف الجيران وهو ما يضع إسرائيل في تقديري الشخصي في تحد بين اختيار أن تستمر في سياساتها العسكرية وأن تدخل في مرحلة استمرار النزاع العسكري وما يمكن أن يحدث إذا حدث خلل في توازن القوي مع تطور تكنولوجيات التسليح وتنوع مصادرها وهو ما لن تستطيع الولاياتالمتحدة ضمانه والتلاعب به بشكل دائم, أو تجنح إلي تغيير تلك السياسة وتؤمن بضرورة قبول حل الدولتين وهو ما تفرضه التحولات الآن في المنطقة بعد قيام ثورات الربيع العربي. الحقيقة أن أكثر شئ يجب أن تسعي إليه إسرائيل من أجل الحفاظ علي أمنها الآن هو أن تزود الفلسطينيين بالسلام الدائم القائم علي العدل وهو ما لايمكن حدوثه في ظل وجود ستة آلاف مستوطنة تعوق حل الدولتين. طالبت دوما بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والشركات التي تقوم ببناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة فهل فكرت أبدا في المطالبة بمقاطعة إسرائيل ذاتها؟ طالبت شخصيا بمقاطعة إسرائيل لكن مطالبة الأممالمتحدة بذلك معناه الدفع بالمسألة إلي آخر المطاف, وهو أمر ليس ممكنا في هذه المرحلة ويجب أن نستنفذ الحلول الدبلوماسية, لكن هذا غير مستحيل أيضا وقد تتجه الأمور لذلك في يوم ما, والتاريخ ملئ بالنماذج التي لم يكن من الممكن تصورها, تماما كما حدث في ميدان التحرير, إذ لم يكن أحد يتصور أن يمتلئ بالناس ويسقط مبارك.. بالنسبة لمسالة المقاطعة يجب أن نتبع الإجراءات الدبلوماسية وأن نستشعر المناخ السياسي, وأن نطلب الدعم من منظمات المجتمع المدني وهي إحدي الطرق التي تكسب القضية مصداقية كبيرة وتساهم في نجاحها, وذلك مع الإستمرار في المفاوضات من خلال المجتمع الدولي.. والحقيقة أنني أعتقد أن الضغط خلق الكثير حتي أن الولاياتالمتحدة أصبحت تفكر في القضية بشكل مختلف عن السابق وتسعي إلي إيجاد حل دبلوماسي للقضية وهو ما قد يدفع إسرائيل للتفكير بشكل مختلف أيضا في اتجاه تغيير سياساتها التوسعية والعسكرية بشكل حقيقي. لكن العرب لايفهمون لماذا تتخذ القرارات بالتدخل العسكري فورا حين يتعلق الأمر بدولة عربية أخري بينما يتحدث الساسة عن طبيعة السياسة الجغرافية وضبط النفس حين يتعلق الأمر بإسرائيل! الموضوع معقد حينما يتعلق بطبيعة القضية, مثل ليبيا أو العراق, التدخل العسكري فيهما ما كان ليشكل مشكلة كبري لدي الدول الجيران وهو ليس الحال بالنسبة لإسرائيل, وبالطبع مصداقية الأممالمتحدة تأثرت بسبب قضية فلسطين لكن الحقيقة أن أداء الأممالمتحدة لم يتأثر وظلت الأممالمتحدة تسير في طريق الجدل حول الأخلاق والمبادئ والشرعية في المجتمع الدولي لوضع قضية فلسطين أمامه بطريقة مختلفة.. الإعلام في العالم الغربي يسيطر عليه اليهود الموالون لإسرائيل وحتي الكونجرس الأمريكي الذي يتخذ القرارت يتأثر كثيرا باللوبي الصهيوني مما يجعل خروج الولاياتالمتحدة ورئيسها بقرار ضد إسرائيل أمرا بالغ الصعوبة.. ومع ذلك في العشر السنوات الأخيرة تغير وضع القضية الفلسطينية بعد أن غير الفلسطينيون من طريقتهم في التعامل مع المجتمع الدولي وأصبحوا يتعاملون مع العالم الغربي بالطريقة التي يفهمها بوضع الحقائق حول معاناتهم والممارسات الإسرائيلية ضدهم وليس بالشجب والإدانة فقط, الشئ الأهم بالنسبة للأمم المتحدة هو أنه علي العرب الجيران لإسرائيل أن يساعدوا في قضية فلسطين بالضغط علي إسرائيل مما يساعد الأممالمتحدة, يجب علي تلك الدول التوقف عن إمداد إسرائيل بالغاز والبترول لأن ذلك يساعد علي وضع إسرائيل في وضع صعب ويجعلها تشعر بالعزلة ويدفعها للتفاوض والإستماع للجيران بدلا من تخويفهم وهو أمر يدعم الأممالمتحدة في جهودها أيضا.. هل تظن أن إسرائيل تهتم بعلاقاتها بالعرب؟ الواضح أن إسرائيل يمكن أن تحصل علي احتياجاتها من الغرب الذي يدعمها فلماذا تهتم بعلاقاتها بالعرب؟ لا توجد حكومة في العالم تقر بأنها لاتهتم بعلاقاتها بجيرانها, وهم يشيعون أنهم لايحتاجون العرب ولايهتمون بهم وأنهم لايدفعون ثمنا لذلك ويريدون أن يصدقهم العالم, لكن الحقيقة أنه أي دولة توضع في عزلة تتأثر تماما كما حدث في جنوب أفريقيا, إذا أصر العرب علي مقاطعة إسرائيل وأيضا مقاطعة المؤتمرات والألعاب الرياضية التي تشارك فيها إسرائيل سيحرجها ذلك.. لكننا نحن العرب حين نقاطع هذه الأحداث وننادي بإعادة النظر في إتفاقية السلام مع إسرائيل يتهمنا الغرب بالتطرف فما رأيك؟ العالم الغربي ليس كله واعيا بما يحدث في فلسطين و العالم العربي, وأكرر أن العديد من وسائل الإعلام الغربية ليست منصفة فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية ويصفون التصرفات العربية بالعدائية, بينما يغضون الطرف عن ممارسات إسرائيل, الفلسطينيون محتاجون لأن يغيروا المناخ العام في الولاياتالمتحدة تجاه قضيتهم وتجاه إسرائيل بوضع قضيتهم بصورة أكبر في الإعلام.. الولاياتالمتحدة أخذت موقفا حادا من منظمة اليونسكو بسبب اعترافها بدولة فلسطين عضوا وأوقفت تمويلها للمنظمة بينما تحاول أن تظهر أمام العالم بأنها الدولة راعية السلام, الأن والأممالمتحدة تسعي للإعتراف بفلسطين كدولة غير عضو, في تقديرك ماذا سيكون موقف الولاياتالمتحدة من ذلك؟ كما قلت سابقا الولاياتالمتحدة تتخذ القرارات بواسطة الكونجرس, والرئيس الأمريكي يداه مغلولتان في إتخاذ القرارات بمعزل عن الكونجرس, والكونجرس يضم لوبيا صهيونيا قويا يؤثر في إتخاذ القرارات المتعلقة بإسرائيل, وأنا لا أستطيع أن أتنبأ بما سيحدث من الكونجرس الأمريكي, هل سيتم إتخاذ إجراءات عقابية ضد الأممالمتحدة أم مجرد خطوة رمزية بالإعتراض.. الإعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأممالمتحدة لن يحدث شئ علي الأرض لكن سيكون هناك دلالات مهمة, وحينما يكونون تحت إحتلال لمدة طويلة كفلسطين يستحقون صوتا في المجتمع الدولي, وهذا الإعتراف بهم هو بمثابة خطوة نحو الإعتراف بحقوقهم. في منطقتنا تبدو العدالة أمرا صعب المنال, كيف تظن أنه يمكن تحقيق العدالة والسلام في الشرق الأوسط؟ في رأيي لايمكن الفصل بين العدالة والسلام, الإثنان متلازمان, ولذلك إذا لم نستطع تحقيق العدالة فلن يتحقق السلام.. وستكون النتيجة غير مرضية لأحد.. وحتي لو استطعنا تحقيق سلام غير قائم علي العدل فإنه في هذا الحالة سيكون سلاما غير حقيقي ولن يدوم. إسرائيل تري في صراعها مع فلسطين أن الحل الوحيد لإخضاع الفلسطينيين هو تدمير وسائل الإعاشة لحملهم علي الاستسلام, وهذا هو الشكل الذي يفهمه المحتل الغاصب ولذلك تم استقبال وقف إطلاق النار الأخير من جانب الإسرائيليين أن حكومتهم لم تقم بالهجوم العسكري الكافي وأنه كان عليها تطوير الهجوم وإحداث قدر أكبر من التدمير وهو منطق الإحتلال العسكري, لكن الفلسطينيون أيضا اصبح لديهم سلاح اقوي ويصل إلي مدي أبعد و يتم إستخدامه بفعالية أكبر ولكن الخطر في ذلك أن الدولتين أصبحتا تنتهج نفس الفكر وهو القضاء علي الآخر من أجل البقاء, هذا بالضبط وهو ما فعلته الولاياتالمتحدة في بداية تاريخها ضد السكان الأصليين من الهنود وما فعلته استراليا أيضا وهو أمر خطير لايجب أن يحدث الآن.. أحد الكتاب الغربيين خرج بمقولة أن إسرائيل تنتحر وأنها سوف تختفي قريبا فما رأيك؟ العديد من المفكرين الغربيين يقولون ذلك والولاياتالمتحدة درست هذه المسألة من خلال جهاز المخابرات CIA وتوصلوا إلي أن التطور العسكري السريع قد لا يحمي إسرائيل, وحتي تفوقها العسكري قد لايمكنها من الدفاع عن نفسها أمام إيران مثلا بالنظر إلي التباين الكبير في حجم الدولتين.. وهذا يؤكد أن التفوق العسكري ليس أبدا ضمانا للبقاء وهو إفتراض خاطئ يؤمن به مع الأسف كثير من الدول.. والدليل ما حدث للولايات المتحدة في فييتنام مثلا, فقد كسبت الولاياتالمتحدة الكثير من المعارك بسبب تفوق آلتها العسكرية لكنها في الواقع خسرت الحرب وهو ما يدفع إلي ضرورة التفكير في سبيل آخر للبقاء عن طريق التعايش السلمي.. من المنتظر أن تظهر نتيجة تحليل رفات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقد يثبت وفاته بالسم فما تقديرك للوضع وموقف إسرائيل في هذه الحالة؟ أظن أن هذا سيكون دليلا أمام العالم علي الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع أعدائها, ولكن ربما يتقبله اصدقاء إسرائيل علي أنه مجرد جزء من لعبة الصراع وعلي كل حال إسرائيل سوف تنكر علاقتها والإعلام المنحاز لها سوف يبرز هذا الإنكار وإسرائيل لديها طريقة شديدة التعقيد في إظهار تعليقاتها علي أنها الحقيقة وإخفاء ما يناقض تصريحاتها وهي مارست هذه السياسات كثيرا وتجيدها تماما كما حدث في تقرير جولدستون.. طريقتهم تعتمد علي مهاجمة الرسول وليس الرسالة, وهم هاجموا جولدستون في شخصه خصوصا أنه كان مرتبطا بصداقة مع الكثير من زعماء إسرائيل ورغم ذلك غضبوا منه واعتبروا أنه قد خدعهم وإتهموه بالإنحياز ضد إسرائيل.. كيف تري تطورات الأحداث في مصر وكيف يمكن أن تؤثر هذه التطورات في الصراع العربي الإسرائيلي؟ أعتقد أنه كلما زادت مساحة الديمقراطية في مصر سيكون لذلك تأثير إيجابي لحل قضية الصراع, القيادات الديمقراطية تستمع إلي صوت الشارع وتستجيب لمطالب الناس, والناس في مصر ترغب في إنهاء الصراع بما يضمن حقوق الفلسطينيين وهو ما لم يقم به النظام السابق, مبارك كان مطيعا للأمريكان ولم يكن يستمع لشعبه وكان يعتمد علي الدعم الغربي للبقاء في السلطة وهو ما كان يرفضه الشعب وهو أيضا ضد الديمقراطية.