إحدي الصديقات غاضبة مني لأنني مازالت اتحدث عن الحب وتقول لقد تجاوزنا هذه المراهقة العاطفية ويجب ان نخاطب عقولنا فقط.. وانا عاتب علي هذه القارئة الفاضلة فليس برغيف الخبز وحده يحيا الإنسان انه ضرورة ولكن هناك اشياء اخري في حياتنا.. وفي احيان كثيرة اتمني ان اعطي العقل اجازة لأسمع نبضات قلبي المتعب.. احيانا اتمني ان اترك السيارة واهيم في الشوارع علي قدمي اتفحص الوجوه والطرقات والمباني احيانا اغلق التليفزيون واعود إلي الراديو لأسمع الحوارات والقصص والحكايا وبرامج قديمة احبها.. احيانا اعود مع نفسي إلي دفء أمي رغم رحيلها ودعوات أبي رغم غيابه احيانا يشدني حنين جارف إلي اصدقاء لم اعد اراهم وفرقت الأيام بيننا وأخذت معها البهجة ولحظة فرح وبسمة حلم.. احيانا استعيد وجوه الناس مبتسمة ضاحكة واحاول ان انسي ملامح الوجوه المتعبة وهي تقف علي الأرصفة في انتظار اتوبيس لا يجئ وحلم ليس له مكان.. لقد اجهدتنا عقولنا ما بين ثرثرة النخبة ومعارك السياسيين والأغاني التافهة والمسلسلات الرخيصة, حاول ان تراجع ساعات يومك وكيف يتسرب العمر بين يديك يوما بعد يوم سوف تكتشف انك تجلس في عملك بلا عمل وتجوب الشوارع وتنظر في وجوه الناس وتحتويك الكآبة وتتنقل بين برامج التوك شو وتشعر ان شيئا يشبه التخلف العقلي يتسرب إلي رأسك وتجلس إلي الطعام ولا شئ يغريك امام وجبات جاهزة لا تعرف ما فيها وما تخفيه.. وبعد ذلك تبحث عن قلبك المتعب فتجد النبضات تتسابق بعد ان حاصرها الإجهاد وتجد المشاعر وقد اختفت تماما حيث لا حب ولا كراهية ولا شوق ولا حرمان.. انها مشاعر متضاربة لا تثبت علي حال.. وتسأل نفسك بعد هذا كله هل اترك العقل الذي اصابته امراض التخلف ام اعود إلي القلب الذي تراجعت نبضاته وايهما اهم برنامج تافه يحاصرني بالأكاذيب أم اغنية جميلة لأم كلثوم أخبئ في كلماتها لحظات ضعفي وانكساري أمام زمن لم يعد يعرف قيمة الأشياء. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة