منذ أيام أعلنت وزيرة الشئون الاجتماعية عن إقامة أول مدينة لأطفال الشوارع تكون بمثابة المآوي الآمن لهم .. جاء ذلك الإعلان في مؤتمر أطفال بلا مأوي الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع الوزارات المعنية ومنظمة اليونيسف وهيئة إنقاذ الطفولة. ونحن نتساءل بدورنا هل هذا هو الحل الأمثل لهذه الظاهرة التي تتفاقم يوم بعد يوم أم أنه مجرد محاولة لردم المشكلة وإخفاء هؤلاء الأطفال عن العيون ؟ أن طفل الشارع مثله مثل أي طفل آخر مكانه الطبيعي البيت وسط أفراد أسرته لكنه يخرج إلي الشارع لأنه تعرض أما للطرد أو أجبر علي الخروج بمحض إرادته لأنه تعرض للعنف.. وبالرغم مما يلاقيه في الشارع من قسوة واساءة وإستغلال فإنه يصر علي البقاء فيه لأنه بما أنه لم يذق طعم الحنان في بيته فإنه يفتقد الكثير. لذلك فإن الحل في نظر المتخصصين ليس في إنشاء مؤسسات جديدة لأن القدرة الإستيعابية للمؤسسات الموجودة حاليا قادرة علي استقبال اعداد أخري, إنما الحل يكمن في الحماية والوقاية وفي تأهيل العاملين في هذه المؤسسات حتي لا يهرب منها الأطفال نتيجة العنف. وفي اثناء الفتره التي يقضيها الطفل في المؤسسة يجب العمل علي تأهيل أسرته نفسيا وتربويا حتي إذا عاد اليها الطفل بعد ذلك يجدها في حالة أفضل. المطلوب أيضا تضافر الجهود المجتمعية لإحتواء هؤلاء الأطفال وتفعيل القوانين والتشريعات واللائحة التنفيذية لقانون الطفل حتي يأتي بالثمار المرجوة منه مع تفعيل دور لجان الحماية الموجودة في كل المحافظات وذلك من خلا ل تخصيص ميزانيات خاصة بها وأماكن مستقرة. وعلي الحكومة إعلان التزامها التام بالتعامل الجاد مع هذه الظاهرة وعدم الإعتماد علي الجمعيات الأهلية فقط لأن دورها في النهاية محدود إلي حد ما مع ضرورة وجود تنسيق بينها وبين المجتمع المدني لتعود الفائدة علي الأطفال بإعتبارهم ضحايا الفقر والعنف والتفكك الأسري.