نشجب.. نستنكر.. ندين... هذه الأفعال الثلاثة التي اعتاد ملوك ورؤساء والعرب أن يستهلوا بها حديثهم بعد كل كارثة تحدث من جانب العدو الصهيوني، والتي تعتبر بمثابة المسكنات التي تهدئ رد الفعل الغيورين من شباب ورجال الدول العربية... فلا تزال إسرائيل تشنّ عدوانها الغاشم السافر وغاراتها المتفرقة على قطاع غزة.. ولاتزال حالة الصمت الدولي المشين المتعمد تخيّم على الأجواء من جانب مجلس الأمن والولايات المتحدةالأمريكية... ولا يوجد أي دور فعال حقيقي لجامعة الدول العربية إزاء ما يحدث سوى الدعوة لاجتماع طارئ لبحث الاعتداء الإسرائيلي على غزة... ألم يشاهد الأعضاء بأم أعينهم الاعتداءات الدموية الوحشية.. ألم يشاهدوا عشرات الشهداء والجرحى وقصف البيوت والتجمعات السكنية وقتل المدنيين، بل إن معظم الضحايا من النساء والأطفال... ألم تشاهدوا الصورة التي أدمت قلوبنا قبل أعيننا بأب يمسك بطفلته الرضيعة، متفحمة ويظهر منها عظامها... آه.. آه... صرخة من أعماقي بصوت عال أصدرتها عندما شاهدت تلك الصورة... وأقول لكم ألم يؤثر ذلك المشهد فيكم.. ألم يحرّك قلوبكم... أم افتقدتم أحاسيسكم ومشاعركم مثل الغربيين؟! أين المجتمع الدولي؟! أين لجنة حقوق الإنسان من مثل هذه الاعتداءات الوحشية؟! أين أنتم مما يحدث من المذابح التي يرتكبها المتغطرس السوري في حق شعبه؟! خسئتم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. وبدوري أثمّن دور مصر الفعال الرائد بقيادة الرئيس محمد مرسي الذي يجاهد ويناضل وحده لوقف العدوان على فلسطينوغزة وحقن الدماء.. وسحب السفير وتحذير الجانب الإسرائيلي من غضبة الشعوب العربية وانتفاضتها.. وإرسال رئيس الوزراء لفلسطين للشد من أزرها والتأكيد أن مصر تقف بجانبها ولن تتركها في محنتها.. ولا يفوتني أن أشيد بموقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، بإرسال المساعدات والإعانات والأدوية. كما أثمّن الدور التركي المساند لمصر والذي سيزور مصر اليوم بقيادة رجب طيب أردوغان للتوصل لحل عادل لنصرة غزة. والولايات المتحدة "بجلالة قدرها وهيلمانها وسطوتها" اكتفت بالصمت، وتزج دائماً باسم مصر لتهدئة الموقف!! أستغرب موقفها الآن المخزي فهي منذ اندلاع الثورة كانت تضغط على الرئيس السابق بالتنحي وترك السلطة، ولا أنسى يوم أن طلب الرئيس باراك أوباما اجتماع طارئ عندما استمع لخطاب مبارك برفض الضغوط الأمريكية عليه بتخلي السلطة!! ها هي إذن تتحرك.. لماذا تصمت الآن وتقف مكتوفة الأيدي!! أرى تواطئاً من الجانب الأمريكي الذي يهدد بقطع المساعدات عن مصر إذا قطعت علاقتها مع إسرائيل!! وعلى مصر أن تعي لمخططات من الجانب الصهيوني التي لن تنطلي علينا، وتسعى لإيجاد حالة فوضى عارمة في الدول العربية والتعتيم على ما يحدث في الأردن من احتجاجات... والمجازر في سوريا... والزج باسم مصر والدفع بها للدخول مع إسرائيل في مناوشات وفتح المعابر للفلسطينيين. هذا التصعيد على غزة متعمد ويأتي في مرحلة حرجة بالنسبة لمصر؛ في الوقت الذي تتجه فيه للتصديق على الدستور الجديد والسعي للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لانتعاش اقتصادها. المطلوب ردود أفعال واضحة من جانب جامعة الدول العربية بدلاً من الشجب والتنديد والاستنكار وتلك المسكنات التي لن تجدي.. والتهديد بتصعيد فوري؛ للتصدي للعدوان الغاشم.. ووحدة الصف بين حكام وملوك الدول العربية الشقيقة واتخاذ موقف فعلي جاد تجاه ما يحدث من مجازر واعتداءات ليس على جانب غزة فحسب، بل أيضاً في سوريا، فالأمة العربية وإرادتها الشعبية تغيرت الآن، ولا يمكن السكوت أو الخنوع على ما يحدث من انتهاكات. [email protected] المزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة