تعد قبيلة الماساي أو' القبيلة المرقطة' كما أطلق عليها العرب أحد أشهر القبائل الأفريقية وأكثرها محافظة علي العادات والتقاليد, ويعيش الماساي الذين يصل تعدادهم إلي مليون شخص تقريبا في جنوب كينيا وشمال تنزانيا, حيث لا مكان إلا للطبيعة البسيطة بثرواتها وخيراتها... وهذا هو سر تميز حياة الماساي عن غيرها من القبائل فالمدن بحضارتها وثقافتها لم تنتزع منهم لباسهم الأحمر المميز, ولا نمط حياتهم اليومية الذي يكاد يكون بدائيا بمفردات القرن الحديث. منازل الماساي عبارة عن أكواخ صغيرة من ورق وخشب الأشجار,و كل كوخ مكون من حجرتين واحدة للنوم والثانية لقطعان الأبقار والماعز,ويحيط بالأكواخ سياج من الأشواك والأشجار لحماية القبيلة من هجمات الحيوانات المفترسة. وتلعب الثروة الحيوانية دورا هاما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للماساي. ويعد اللحم وحليب الإبل والماشية هو طعام الماساي الرئيسي. أول من درس عادات هذه القبيلة هو الألماني موريس ميركر في أوائل القرن العشرين وكتب كثيرا عن حياتهم وعاداتهم الاجتماعية وأرجع أصولهم إلي أحد شعوب بني إسرائيل التائهين في الأرض كما في قبيلة الفلاشا في إثيوبيا, لكن اغلب الأكاديميين لا يعتقدون صحة هذه الرواية, وحتي الآن لا يعرف أحد أصول الماساي العرقية. وقد اعتنق بعض أفراد القبيلة مؤخرا الديانتين الإسلامية و المسيحية في حين أن أغلب أفراد القبيلة لازالوا يعبدون مايسمي انكاري ويعتقدون أنه يعيش علي فوهة جبل كلمنجارو البركانية, وأنه قد نزل من السماء وأنزل الأبقار معه ووهبها لأفراد هذه القبيلة, ولعل هذه الاعتقادات الدينية هي السر وراء العلاقة الوثيقة بين أفراد القبيلة والأبقار. ويتحدث أفراد الماساي اللغة النيلية الصحراوية هذا إلي جانب لغة الزامبورو وهي من فروع اللغة النيلية, واللغة السواحلية والإنجليزية. وعلي الرغم من بساطة الحياة القبلية للماساي إلا أنها في نفس الوقت حافلة تمنح كل فرد في القبيلة دورا عليه أن يؤديه علي أكمل وجه, ومن أهم هذه الأدوار دور المرأة فهي المسئولة عن توفير المياه وجمع الحطب والطهي وتربية الصغار, كما يعتمد الرجل عليها أيضا في بناء الحظيرة المركزية والمنزل, وفي حالة عدم وجود المحاربين تتحمل المرأة مسئولية رعاية القطعان. أما الحماية فهي مسئولية الرجل وتبدأ عند السياج ولا تنتهي أبدا فهو حامي حمي القبيلة, و يتدرب الأطفال منذ الصغر علي تعلم روح المغامرة والقتال إلي أن يبلغ الصبي سبع سنوات يصبح مؤهلا لعملية الختان الجماعي للصبيان, فمن بين عادات الماساي جمع الصبيان ما بين سبع وخمسة عشرة عاما لإجراء عملية الختان, لينتقل هؤلاء الأطفال بعدها إلي مرتبة' الموران' أي مرحلة المحاربين. وتعدد الزوجات هنا قاعدة وليس استثناء, فنادرا ما تجد في الماساي امرأة ناضجة لم تتزوج حيث يقاس غني ورقي الفرد في القبيلة بعدد الأنعام والنساء, فكلما ارتفع عدد الأبقار والنساء أصبح الرجل من أثرياء القبيلة. وقد يبلغ حظ الرجل الواحد من الزوجات أكثر من عشر نساء. ولعل قاعدة تعدد الزوجات في تقاليدهم تتماشي مع طبيعة حياتهم. فالنساء أكثر من الرجال دائما نظرا لما يتعرض له الرجال من أخطار. وبين البساطة والبدائية يجتمع كل من الرجل والمرأة في قبيلة الماساي من قديم الأزل للعمل من أجل الحفاظ علي طريقة الحياة التقليدية التي وقفت في الماضي أمام قسوة البشر والطبيعة وتقف اليوم أمام تطلع ولهفة شباب الماساي في الخروج من تحت عباءة الأجداد وتذوق الحياة العصرية الخارجية وما بها من جديد وتقدم.... فهل ستظل قبيلة الماساي قبيلة العادات والتقاليد كما مضي؟!