يمثل ضغط التوسع البشري خطرا مهلكا لحديقة نيروبي الوطنية التى تعد الأقدم في كينيا ، مما أدى لخلافات شديدة بين المنظمات المهتمة بالحياة البرية وبين مجموعات قبائل ماساى ومؤسسة للتمويل المحدود تحاول مساعدة سكان الأحياء الفقيرة. ويتركز أكثر الخلافات احتداما على مجموعة من المباني ذات أسطح حمراء اللون تقام على سهول تذروها الرياح جنوبي الحديقة تجوبها الحيوانات البرية والرعاة من قبائل ماساي. فعلى مقربة من الأحياء الفقيرة وناطحات السحاب في نيروبى تحيط نانيو نتيريسا قريتها في منطقة قبائل ماساي بأشجار شائكة لإبعاد أسود غازية قتلت بقرة واثنين من الخراف قائلة "نبذل قصاري جهدنا توخيا للحذر." وعلى الجانب الآخر من النهر الذي تقع عليه قريتها يلتقط سائحون في سيارات لاند روفر صورا لزرافات تمضع أشواك السنط فيما تظهر أبراج المدينة من بعيد ، ويتمتع الزائرون بسحر حديقة نيروبي الوطنية وهي الأقرب من نوعها إلى أي عاصمة في العالم حيث يمكن للزائرين القيام برحلة سفاري سريعة خلال زيارة عمل بل أن شركات الطيران تنظم رحلات للحديقة للركاب الذين يتوقفون لبضع ساعات في مطار نيروبي. ومنظر سهول اثي جنوبي العاصمة الكينية مماثل لأراضي منطقة قبائل ماساي التي تمتد لمئات الكيلومترات حتى الحدود التنزانية ، ويوجد في الحديقة أكبر تركيز لحيوانات وحيد القرن السوداء النادرة في كينيا والأسود والفهود ، ولكن السهول التي كانت تنتشر فيها آلاف من الحيوانات البرية بنفس الكم الموجود في منطقة ماساي مارا إلى الجنوب يجوبها الآن نحو مئة حيوان فقط . وتعهد تحالف يضم جهاز الحياة البرية الكيني التابع للحكومة ومنظمات غير حكومية مهتمة بالحفاظ على الطبيعة واحدى مجموعات قبائل ماساي بمواصلة المعركة ، قائلا إن البلدة ستدمر أسلوب الحياة التقليدى في المنطقة وتزيد الجريمة وتلوث امدادات المياه بالصرف الصحي وتسد الممر الذي تأتي منه الحيوانات إلى الحديقة. وتجوب معظم الحيوانات سهولا أوسع وتأتي للحديقة عبر الحدود الجنوبية المفتوحة للحصول على المياه من 12 سدا بالحديقة في الموسم الجاف غير ان الأسوار والمستوطنات تسد الطريق على نحو متزايد. وتمثل المباني المرحلة الأولى من بلدة يقيم بها عشرة آلاف من سكان أحياء نيروبي الفقيرة الكبيرة. والبلدة من بنات أفكار انجريد مونرو وهي سويدية كرست حياتها لمساعدة الفقراء في كينيا ، وتدير مونرو جامي بورا أكبر مؤسسة للتمويل المحدود في كينيا وبعد انتصارها في معركة قانونية استمرت خمسة أعوام بدأت جامي بورا البناء في بلدة كابوتي في مايو ايار الماضي. وترفض مونرو بشدة دعاوي معارضيها وتقول إن الممر سد منذ سنوات بمنازل ضخمة وأسوار أقامها أثرياء كينيون ومزارع زهور ودواجن ونباتات الاس العطرية التي تستنزف امدادات المياه القليلة. وتنفي مونرو ان البلدة تمثل ممرا وتقول "تملكنا الأرض منذ ست سنوات ولم نر حيوانا بريا. حقيقة الأمر أن الهجرة منه واليه لم تعد قائمة." وتضيف " بعض من يعارضوننا يعيشون على حدود الحديقة في منازل ضخمة مزودة بممرات طائرات خاصة وأحواض سباحة." ولكن انجي بورشارد من جمعية أصدقاء حديقة نيروبي الوطنية تقول إن البلدة "ستخنق الحديقة". وتدفع الجمعية تعويضات عن الماشية التي تقتلها الحيوانات البرية ضمن برنامج ناجح لحماية الحيوانات المفترسة ، وتضيف بورشارد "سيكون عددهم أكبر من عدد الماساي. ستجور على الحياة البرية والماشية وستزيد الجريمة." ويقول جيمس توريري رئيس جماعة من قبائل ماساي تقيم حول بلدة كتينجيلا مترامية الأطراف "من اتخذوا قرار إقامة المشروع قضوا على مستقبلنا." وذكر اوجيلي ماكوي صاحب أرض من قبائل ماساي وهو يدير برنامجا يدفع أموالا لرعاة لإبقاء السهول مفتوحة "سيحول المجتمع المحلي لأقلية ويحرمه من حقوق سياسية واقتصادية وبيئية. "لا زلنا نذرف الدمع حين نتحدث عنه". ويتفق ريتشارد شيبكوني نائب مدير الحديقة مع الرأي القائل بان حديقته مهددة. ويقول "اذا شيدوا عددا كبيرا من المنازل سيسدون الممر .. من المؤكد ان تكون مشكلة كبيرة لانها ستقلص المساحة التي تنتشر عليها (الحيوانات)." غير ان مجموعات اخرى من قبائل ماساي في منطقة البلدة الجديدة تقبل المشروع وتقول إن توريري لا يمثل السكان المحليين. ويضيف جوزيف كيبيرو زعيم مجموعة كيساجو ماساي المؤلفة من 500 أسرة التي انضمت لجامي بورا للحصول على قروض ودعم "ندعم جميعا البلدة من أجل التنمية والعمل." وترفض مونرو بعض المزاعم بان البلدة ستثير صراعا قبليا بين الماساي وقبائل اخرى من الأحياء الفقيرة وتضيف ان البلدة ستكون نموذجا لمجتمع خال من توترات عرقية. وتبني جامي بورا مصنعا لتبريد الألبان للماساي وتساعد النساء على بيع انتاجهن من أعمال الخرز لتجار تجزئة.