أكرمني الله عز وجل بالحج هذا العام وكنت ضمن مجموعة اتفقت علي عدم الحديث أو الخوض في السياسة التي قد تفسد الرحلة تماما. لكن برغم هذا الاتفاق المسبق واثناء أجمل أيام العمر في مني تطوع أحد الجالسين بعد صلاة المغرب وسأل عن أكبر حزبين في العالم, واعتقد البعض أنه سؤال بريء وأجاب أحدهم أنه الحزب الشيوعي في روسيا وتشنج الآخر لحزب العمال في انجلترا وتعصب الثالث للجمهوريين في أمريكا. وكسر سكوتي والتزامي بالاتفاق المسبق تدخل أحدهم بأنه يريد أن يسمع رأي اساتذة الجامعات فقلت والله لا هذا ولا ذاك أقسم لكم يا إخواني الحجيج أن العالم لم يشهد حزبين مثل المهاجرين والأنصار, وأتمني لو كان السؤال عن كيفية قيام الدولة آن ذلك؟ إن ذكاء وفطنة وتوفيق واخلاص محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه جعلتهما حزبا واحدا تحت راية واحدة وقيادة مخلصة قوية, ولقد أيقن المسلمون آنذاك أن التشرذم والحزبية والتعصب هي في الواقع معاول هدم لا بناء وفي الحقيقة هي عوامل الضعف والفقر والجهل, لقد وصلت الدعوة إلي أرقي وأكرم وأشرف خلق عرفه العالم حين فتح الانصار بيوتهم وتجارتهم للمهاجرين, ولقد تسرب خلق الرسول الكريم إلي قلوب الجميع, فعرض الانصاري علي المهاجر ليختار من بين زوجاته من يريد. ولم يتركهم الشيطان فيوم سمع محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم من يقول ياللمهاجرين ليرد الآخر ياللانصار غضب الرسول الكريم غضبا لم يغضبه من قبل وقال كلمة أتمني أن يعيها الحاكم قبل المحكوم قال صلي الله عليه وسلم دعوها فإنها منتنة صدقت ياخير خلق الله إن هذا التشرذم والحزبية لا طائل منهما سوي الضعف والهوان, ولم يقطع الحديث سوي أذان العشاء الذي سكت الجميع له وعدنا إلي اتفاقنا المسبق وأدي الجميع الفرض ولم نتكلم إلا بذكر الله حتي عدنا إلي مصر الغالية سالمين. د.حسام أحمد موافي أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني