تحت عنوان'100 ألف شاعر وموسيقي من أجل التغيير', احتفل العالم باليوم العالمي للشعر بمشاركة850 مدينة في115 دولة لإعلاء قيم الحرية والعدل والمساواة, وتأكيد حرية الإبداع. وكانت منظمة اليونسكو العالمية قد اعتمدت يوما للاحتفال بالشعر بهدف دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري,وإتاحة الفرصة للغات المهددة بالاندثار أن يستمع لها في مجتمعاتها المحلية, بالإضافة إلي دعم فن الشعر وإحياء الحوار بين الشعر والفنون الأخري, مثل المسرح والرقص والموسيقي والرسم وغيرها. وقد شهدت عدة مدن مصرية علي مدي عدة أيام في شهر أكتوبر الماضي فعاليات مرتبطة بهذا الحدث في القاهرة والاسكندرية وبورسعيد وطنطا, وكان اخرها ما شهدته دار الأوبرا بالقاهرة. وهذه الاحتفالية جعلتنا نطرح بعض الأسئلة لماذا يوم عالمي للشعر؟ وهل الشعر يستطيع أن يغير الواقع؟ وتوجهنا بها إلي نخبة من شعرائنا ولنتعرف علي الإجابة من خلال هذا التحقيق.. يقول محمد إبراهيم أبو سنة يري الكثيرون أن الشعر في العالم يمر بأزمة ومأزق. فرغم عشرات الدواوين التي تصدر وتحتل واجهات المكتبات ودور النشر إلا أن الإقبال عليها في العالم أصبح نادرا وأصبح الشعراء يعانون كثيرا في نشر أعمالهم ودواوينهم, وانصرفت كثير من الدول عن إقامة المهرجانات الكبري للاحتفاء بالشعر, بينما احتلت الرواية الصدارة في الفوز بالجوائز العالمية رغم أن الشعر يحتل في وجدان البشرية مكانة سامية, لأنه أبو الفنون وما من أمة علي الأرض إلا ولها شعرها الذي ينبض بروحها وأحلامها وطموحها. لكن الذي نراه الآن هو عدم قدرة الشعر علي التأثير الحقيقي في الواقع, ربما لأن الشعر يتوسل بلغة عليا كما يقول جون كوين, وهذه اللغة تحتاج الي ثقافة لغوية وبلاغية, لا نقول أن الشعر تراجع ولكن مناهج التعليم هي التي تراجعت. أن هذه الحالة التي تستحق الإشفاق علي الشعر هي التي دفعت منظمات كبري مثل اليونسكو وعدد من الشعراء العرب والأجانب للبحث عن توفير الحماية للشعر ودفعه الي الازدهار مرة أخري, ومن هنا جاء تخصيص يوم عالمي للشعر وخصصت اليونسكو هذا العام للاحتفاء بثلاثة شعراء هم طاغور من الهند, ونيرودا من شيلي, وسيزار الشاعر الفرنسي من أصل افريقي, ونشرت دعوتها في العالم كله للاحتفاء من خلال عقد أمسيات وندوات لقراءة الشعر وليتعارف الشعراء بعضهم الي بعض, وربما يشجع هذا حالة النشر المتردية تجاه دواوين الشعراء الجدد. ومن هنا يصبح الشعر قادرا علي تغيير الإنسان من حيث بناء الثقافة, يؤثر في سلوكه وأحيانا يذكي نار الحماسة عند المحاربين, ويرقق أحاسيس العشاق, يفجر كثير من الأحاسيس تجاه جمال الطبيعة, ويقوم بدور خطير في حياة الانسان, لكن تغيير الواقع مرتبط بالحدث المادي أكثر من الحدث المعنوي. أما د. عبد اللطيف عبد الحليم' أبو همام' فيؤكد انه لابد من يوم بل أيام للشعر, خاصة في عصر أصبحت الآلة فيه هي المسيطرة, بل أصبح الإنسان ذاته شبيها بالآلة فإذا طغت هذه الآلة علي حياتنا فقدنا جزءا كبيرا من إنسانيتنا. وعلي الإنسان ان يتحسس أضلعه من وقت لآخر ليري ويتأكد أنه مازال في صدره قلب ينبض, وإذا استغني الإنسان عن جزء من العقل فلا يستغني عن القلب أو الوجدان, ونحن نعرف الأشياء بوجداننا قبل أن نعرفها بعقولنا. ويضيف أحيي اليوم العالمي للشعر وأرجو أن تكون السنة كلها أياما للشعر لا لأنني شاعر,ولكن لأن الركن المهم في حياتنا هو الوجدان. والشعر يقود الأمم في كل لحظات التاريخ ولا يفترض أن الشعر يقدم لنا طعاما وشرابا, ولكنه يستطيع أن يحثنا علي أن نكون أناسا متميزين, وإذا كان الشعر لا يستطيع تنفيذ ما يتخيله ما يعبر عنه فهذه ليست وظيفة الشعر.. وظيفة الشعر أن يحببنا في الجمال, والجمال في رأي العقاد هو الحرية, والشاعر الذي يحببنا في الزهرة أو الوردة يقدم خدمة للأمة, وكل الفنون الجميلة تستطيع التغيير في الأذواق والمشاعر, وإذا تهذبت المشاعر بدت الأمة في ثوب جديد, لأن الأمة الحرة هي التي تطرب للجمال وتنفر من القيود, وأظن أن الشعر وبقية الفنون الجميلة تقوم بهذه الوظيفة. وتؤكد الشاعرة شيرين العدوي ما ذهب إليه أبو همام أن الشعر قادر علي التغيير المباشر, يدلله علي ذلك بأنه كان له دور كبير في قيام الثورة حتي اذا أعترض النقاد علي هذا, فالشعر قبل الثورة كان يجسد حالة الإحباط والألم التي كانت تسيطر علي الناس, ومع الثورة خرج الشعر كمارد من القمقم ليعبر عن الثورة وما تجيش به نفوس الشباب, ورغم أن كثيرين كانوا يعتقدون أن الشعر لم يعد له تأثير ولكننا فوجئنا بأن له دورا في مرابطة الثوار في ميدان التحرير, وخاصة الشعر العامي لأنه قريب في لغتة من البسطاء.