الانفراد بوضع الدستور لن يكون مجديا, والدليل علي ذلك ما حدث عام 1930 عندما أراد الملك فؤاد أن يغير دستور 1923 في ظل حكومة صدقي باشا لتكون له صلاحيات أكبر. ولكن الشعب بمن فيهم الإخوان المسلمين وكانوا حينئذ حركة جديدة قاموا بمظاهرات, ومارسوا ضغوطا كبيرة حتي أسقطوا دستور 1930, وعاد دستور 23 مرة أخري. من هذا المنطلق نريد دستورا يتوافق عليه الجميع, ولذلك نبدي هذه الملاحظات علي مسودة الدستور. نص المادة 10 فضفاض غير محدد الملامح والأبعاد, ويتحدث عن مطلقات مثل التقاليد المصرية الأصيلة والمستوي الرفيع للتربية والقيم الدينية ومثل هذه النصوص الفضفاضة هي سلاح نموذجي لكل من يريد أن يستخدمها لتتوافق مع معتقداته, وأداة أيضا لإرهاب كل من تسول له نفسه أن يفكر بأسلوب مختلف. اما المادة 14 فقد نصت علي أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني, وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها والحقيقية أن مهمة أي دستور في العالم ليس الحديث في هذه الأمور التفصيلية, وإنما كان يجب التفصيل عن حقوق الفلاح والمباديء الأساسية التي سينص عليها الدستور من أجل حفظ هذه الحقوق, وليس الحديث عن الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية. أما المادة 51 فتذكرنا بالنظم الشمولية والشيوعية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق, فقد اعتبرت أن مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني, ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وتناست أن مقاطعة الانتخابات حق ديمقراطي لكل مواطن أيضا. أما المادة 58 فقد نصت علي تكرم الدولة الشهداء, وتكفل رعاية أسرهم والمحاربين القدماء والمصابين في الحروب أو بسببها وأسر شهداء ومصابي ثورة الخامس والعشرين من يناير والواجب الوطني ولهم ولأبنائهم ولزوجاتهم الأولوية في فرص العمل وفقا لما ينظمه القانون. وهذه المادة اعتبرت أن الشهداء لابد أن يكونوا رجالا لأن الأولوية لأبنائهم وزوجاتهم في فرص العمل وليس لأزواجهن علي اعتبار أن من كتبوا الدستور لم يتصوروا أنه يمكن أن تكون في مصر شهيدة امرأة. المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد