لم تشهد بورسعيد في تاريخها أسوأ مما تشهده في الفترة الحالية من الضعف الأمني والاسترخاء اللامتناهي من قيادات الأمن لفرض سيطرتهم علي الأوضاع الملتهبة بالمدينة. فالتهريب الجماعي مفتوح علي مصراعيه بالمنافذ الجمركية في نزيف مستمر لمئات الملايين شهريا والتي تضيع علي خزانة الدولة, والمؤسف ان هذا الكم الهائل من عمليات التهريب تمر يوميا تحت سمع وبصر رجال الأمن والجمارك والصرخات تتوالي علي اللواء سامح رضوان مدير الأمن لوقف هذه المهزلة.. ولكن لاحياة لمن تنادي. بل وصلت قمة المهزلة والمأساة ان اغلق المهربون ميناء بورسعيد لمدة أسبوع ومنعوا خروج البضائع منه إلا كما يرغبون لتهريبها من المنافذ وأكتفي مدير الأمن ورجاله باسترضاء المهربين حتي يفكوا حصارهم علي الميناء. وبهذه السياسة الأمنية المتخاذلة توحشت عمليات الإشغالات والأسواق العشوائية التي أغلقت قلب المدينة تماما من تجاوزات اصحاب المحال التجارية في السوق التجارية بعدما استغل البعض حالة الركود لإدارات الإشغالات داخل الأحياء وحالة السكون لشرطة المرافق, وذهبوا باشغالاتهم إلي ما هو أبعد من لقمة العيش, فقد زادت تجاوزات بعض أصحاب الإشغالات كل الحدود الأمنة, وقاموا باحتلال الشوارع الرئيسية والعرضية وأعاقوا حركة سير السيارات بالشوارع الرئيسية في مناطق الثلاثيني وكسري ومحمد علي والأمين والأكثر خطورة اختفاء حنفيات الحريق الخاصة بإدارة الحماية المدنية الموجودة أسفل تلك الإشغالات والتي تحولت خلال الأشهر القليلة الماضية من اشغال مؤقت إلي إشغال دائم, من خلال صبات أسمنتية, ويجاور هذه المنطقة أسواق عشوائية أخري للأسماك والخضراوات لاتقل خطورة عن المنطقة التجارية منها الثابت والمتحرك والتي كانت قد أزيلت في عهد المحافظ الأسبق مصطفي كامل. وفي قلب هذه الأسواق أكبر مخازن للأخشاب وكل هذه العشوائيات تشكل قنابل موقوته قابلة للانفجار في اي لحظة وأنه لاقدر الله في حالة حدوث أي مكروه سيؤدي هذه المرة إلي حريق يدمر قلب المدينة بأحياء العرب والمناخ.. ولسنا ببعيد عن حريق شارع الغوري المروع الذي أندلع عام2006 وألتهمت نيرانه أجساد ثمانية مواطنين وأصابة سبعين أخرين واشعلت نيرانه16 عمارة خشبية بها73 وحدة سكنية وأتت علي منقولات أربعين محلا تجاريا وستين فرشا وتجاوزت خسائره المالية عشرة ملايين جنيه ولولا العناية الإلهية لامتد الحريق إلي المنازل الخشبية المجاورة!! يقول عبد الفتاح حافظ رئيس لجنة التنمية المحلية بالمجلس المحلي ببورسعيد سابقا إن سوق ستوتة تحولت بقدرة قادر إلي فوضي عارمة جعلتها تتحدي القانون بل وتتحدي المسئولين أنفسهم, بعدما سد الباعة كل الطرقات والشوارع ب القليوبية والغوري والسواحل وكسري التي يطل عليه وأغلقها طولا وعرضا وتسببت في إعاقة حركة المرور بتلك الشوارع تماما وصعبت من وصول سكان هذه المنطقة إلي مساكنهم بعدما أغلقتها الإشغالات ليعيشوا حالة استياء شديدة بسبب فشل شرطة المرافق وإدارة الإشغالات بحي العرب في إعادة الحياة لهم, في ظل انتشار المشاجرات اليومية بين البائعين الذين اعتبروا المنطقة ملكا لهم وسيطرتهم علي الصغار وفرضهم الإتاوات عليهم دون رادع من القانون الذي غاب عن المدينة. ويضيف أن السوق تقع في أقدم المناطق السكنية التي تشتهر بالمساكن الخشبية المعرضة للحرائق والانهيارات التي يصعب معها دخول سيارات الإطفاء والإسعاف والطوارئ بسبب كميات العشوائيات التي اغلقت جميع المداخل والمخارج. ويشير إلي أنه بالرغم من أن المحافظة أقامت عددا من الأسواق الجديدة المجمعة صرفت عليها الملايين, وقامت بنقل هؤلاء الباعة وكل اشغالاتهم إلي السوق الجديدة فإنهم سرعان ما عادوا من جديد إلي المنطقة نفسها غير عابئين بالقرارات التي أصدرتها قيادات المحافظة لتعود مرة أخري العشوائية وتضيع معها الملايين من أموال المحافظة في إطار إهدار المال العام. ويتساءل عادل عفيفي موظف بالتوكيلات الملاحية عن سبب اختفاء ادارات الإشغالات بالأحياء وإختفاء رجال الأمن والمرافق تماما, حتي وصل الأمر ما إلي وصل إليه, بعدما أحتل الخارجون علي القانون الشوارع والطرقات والأرصفة بإشغالات ثابتة ومتحركة وأقاموا هم وأصحاب المحال التجارية تندات قماشية وبلاستيكية لتمتد بجميع الشوارع الرئيسية والفرعية بالمنطقة بأكملها والتي تنذر بوقوع مأساة إذا ما ألقي أحد عقب سجارة أو حدث ماس كهربائي من الممكن أن تشتغل معه هذه الأقمشة من التندات والبلاستيكيات وتتسبب في كارثة البورسعيدية في غني عنها, كما حدث من قبل في كارثة حريق شارع الغوري.. ويستنكر عبد الرحمن بصله تقاعس الأجهزة التنفيذية والأمنية المعنية باعادة الانضباط إلي منطقة الأسواق بحي العرب, مؤكدا أن محافظ بورسعيد الأسبق قام ببناء زسواق( المروة خالد بن الوليد عمر بن عبد العزيز ناصر بورفؤاد الجديد بلال بن رباح خان الخليلي علي بن أبي طالب المروة السيدة خديجة الفردوس) بجانب سوق السمك وسوق الخضار والفاكهة والتي تكلفت ملايين الجنيهات وتم نقل الأسواق العشوائية إليها إلا أنها لفترة محدودة. وقام البعض ببيع محالهم داخل هذه الأسواق والعودة مرة أخري لاحتلال الشوارع والطرقات, بسبب ضيق هذه المحال علي حد قولهم.. ويتساءل عن مصير الأسواق النموذجية التي أقيمت في الأحياء الشعبية منذ أكثر من15 عاما وتحولت علي مدي هذه السنين إلي أوكار لتعاطي المخدرات والأعمال المنافية للآداب؟ متسائلا: لماذا لايجري تطوير هذه الأسواق والزام المستفيدين بوحداتها بفتحها وممارسة نشاطهم في بيع الخضر والفاكهة مع فرض الرقابة الأمنية عليهم؟ وإلي جانب فشل فكرة الأسواق المجمعة عما يقول بصلة التي أقيمت في السنوات الماضية بسبب ضيق المساحات المخصصة لصغار تجار وباعة الأسماك, وكذلك الحال داخل سوق الخضار والفاكهة الجديد.. وهو ما دفع صغار التجار والباعة الجائلون للبقاء في مواقعهم القديمة لتتفاقم ظاهرة الإشغالات في ظل غياب دور شرطة المرافق حتي داخل نقطة الشرطة الموجودة بسوق السمك الجديد الذي بات اضافة أخري للعشوائيات بالشارع البورسعيدي.. ويبقي السؤال: متي تتغلب الحكومة وأجهزتها علي جبروت ستوتة والإشغالات المخالفة التي تعرض المنطقة وقلب حي العرب بالكامل لكارثة إذا حدث فيها لاقدر الله حريق أو انهيار منزل من منازلها القديمة؟!