الأولي هي ظاهرة الفرحة التي عمت مصر كلها بهذا الانتخاب, فقد شعرت بأن إخوتي المسلمين يشعرون بالفرحة مثلي تماما, ولم ينقطع تليفون بيتي منذ يوم الأحد بعد إعلان فوز البابا ولساعات طويلة, لتهنئتي وعائلتي بهذا الحدث المهم. وسمعت كلمات رائعات فياضة بالفرحة وحافلة بالمشاعر الصادقة المحبة, بل لقد تلقيت مكالمة من السعودية من صديق سعودي وزوجته لتهنئتي وزوجتي بالبابا الجديد ودعاء لمصر من القلب أن يعم فيها السلام والخير, وهذه الفرحة العارمة تدل علي أن شعبنا عظيم جدا, وأن التطرف ليس له مكان بيننا. النقطة الثانية, هي قداسة البابا تواضروس الثاني نفسه, الذي عرف عنه أنه قليل الكلام كثير العمل علي درجة روحانية عالية, يطبق النظريات العلمية في كل خطواته, وأكد أنه سيكون خادما للشعب بمسلميه ومسيحييه, ويجب توطيد العلاقة مع الأشقاء في الوطن من المسلمين, كما يجب ألا تطرح مطالب الأقباط من خلال الكنيسة ولكن من خلال المجتمع بشكل عام.. والأقباط الذين يفضلون الهجرة الي الغرب, يرتكبون خطأ كبيرا في حق أنفسهم وفي حق وطنهم لأن الوطن حضن للجميع. هذا الكلام ينم عن شخصية مثقفة واعية تعرف دورها جيدا ومسئوليتها الروحية والوطنية, فشخصية البابا وموقعه لا يهم الاقباط وحدهم وانما يهم مصر كلها وشعبها كله مهما اختلفت دياناتهم ومشاربهم, وقد كان المتنيح البابا شنودة شخصية محبوبة لكل المصريين والعرب حتي أنهم لقبوه ببابا العرب, وكان المسلمون يحبون لقاءه وحديثه ووده الذي شمل الجميع, وأعجبني رأي قداسة البابا الجديد في أن مطالب الأقباط يجب ألا تطرح من خلال الكنيسة ولكن من خلال المجتمع بشكل عام, وهذا ما كنا نطالب به دائما لأن المسيحي مواطن في جمهورية مصر وليس مواطنا في الكاتدرائية المرقسية, ويجب أن يذهب الي المسئولين في الدولة لقضاء احتياجاته, وحتي المظاهرات في الكاتدرائية كنا نشجبها ونطالب أن يخرج الشباب القبطي الي الشوارع والميادين. وهناك أهمية كبري لرأي البابا تواضروس الثاني في الهجرة, فقد نصح الأقباط الذين يفضلون الهجرة الي الغرب في البقاء في وطنهم مصر لأنه حضن للجميع, وأن الذين يفكرون في الهجرة يرتكبون خطأ كبيرا, وأعجبتني آراء البابا في مجملها وفي بدايتها ولاشك, أنه عنده الكثير الذي سينفذه بعد ذلك, وهل لي أن أطلب من قداسته بعض الأمور التي يمكن أن تساعد الكنيسة علي أن تلعب دورها في قيادة الشعب روحيا الي الخير والسلام: 1 أن يشجع قداسته أصحاب الفكر والرؤي علي التعبير عن آرائهم ويدرسها ليأخذ وينفذ الصالح منها, ويرتبط بهذا الطلب أن يتيح البابا تواضروس الثاني الفرصة لرجال الفكر والصحافة في اللقاء به مرة كل شهر للتعرف علي مشكلاتهم وآرائهم. 2 أن يحاول مع فريق العمل الخاص بالحالات الاجتماعية وضع حلول للمشكلات الكثيرة للأسرة المسيحية, حتي لا نجد آلاف الأسر منفصلة وليس لها حل إلا ذلك!. 3 أن يهتم قداسته بالشخصيات العامة والمعروفة المسيحية ويترك لها الدور في أن تكون هي همزة الوصل بين الدولة وبين الشعب القبطي, فلا يختصر الأقباط في شخصه, ولا يترك الحكومة تفعل ذلك هربا من المسئولية. 4 أن يهتم بإعداد الكهنة والشمامسة وكل رجال الدين وأن يكون الخطاب الديني مناسبا للمرحلة المهمة والخطيرة التي تمر بها مصر الآن, خاصة أن البابا الجديد تواضروس الثاني معلم ممتاز وواعظ لا يشق له غبار. وأخيرا, هل أطلب من قداسته عمل مكتب إعلامي خاص به ويكون المسئول فيه رجل مدني لكي يعرف التعامل مع الإعلاميين ويعرفوا التعامل معه. المزيد من مقالات فايز فرح