تتعليمات موسم حج 1445..تأشيرة العمرة لا تصلح لأداء الفريضة    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    "نيويورك تايمز": غزو إسرائيل رفح لن يساعدها في حربها ضد حماس    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    نهائي دوري أبطال أفريقيا| رامي ربيعة: هدفنا حسم اللقب في استاد القاهرة والاحتفال مع جماهير الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    شافها في مقطع فيديو.. سائق «توك توك» يتهم زوجته بالزنا في كرداسة    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    كيت بلانشيت بإطلالة ذهبية في عرض Rumours بمهرجان كان    الفنان محمد بوشريح يناقش قضايا اجتماعية في فيلم «صحراء الواحة» لتسليط الضوء على المجتمعات    وزارة الصحة عن الموجة الحارة: لا تخرج من المنزل إلا للضرورة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر على مناطق متفرقة في قطاع غزة    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    تونس.. ضبط 6 عناصر تكفيرية مطلوبين لدى الجهات الأمنية والقضائية    من 35 ل 40 ألف جنيه.. ارتفاع أسعار الأضاحي بالإسكندرية 2024    محمد غنيم: القيادة السياسية حولت بني سويف إلى طاقة نور في الاقتصاد المصري    التعادل السلبي يحسم لقاء الأهلي والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا    ماذا يفعل الأهلي عند تعادله "خارج ملعبه" في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا؟.. بشرى سارة ل "أبناء التتش"    بسبب دعم المثليين.. حقيقة غياب مصطفى محمد عن نانت ضد موناكو    ما أشبه الليلة بالبارحة.. هل يكرر الزمالك السيناريو المجنون للأهلي في نهائي 2014؟    الرياضة في يوم.. الأهلي يؤجل حسم لقب دوري أبطال أفريقيا لموقعة الإياب    القاضي: 53 ألف مشجع لمباراة الزمالك ونهضة بركان    قبل بداية التعاملات.. سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأحد 19 مايو 2024    انخفاض سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأحد 19 أبريل 202    تحليل موعد عيد الأضحى في عام 2024: توقعات وتوجيهات    «أجلوا مشاوير النهار».. تحذير من حالة الطقس اليوم الأحد: درجات الحرارة «قياسية»    السيطرة على حريق بمنزل بمركز صدفا فى أسيوط    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    حماية المنافسة: بعض البنود التي تضعها شركات الأجهزة الكهربائية تحرم المستهلك من التخفيضات    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 19 مايو 2024    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    «المقصورة الملكية».. المهابة تعانق الجمال فى استاد الإسكندرية الرياضى    حدث بالفن| حفل زفاف ابنة الفنان سامح يسري ونجوم الفن في عزاء زوجة أحمد عدوية وإصابة مخرج بجلطة    وزيرة الثقافة وسفير كوريا الجنوبية يشهدان انطلاق الأسبوع الثقافي الكوري    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    مصر في 24 ساعة| موجة حارة تضرب البلاد.. وهجوم للغربان في الإسماعيلية    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    «التصنيع الدوائي»: أزمة اختفاء الأدوية بسبب ارتفاع تكلفة الصناعة على الشركات    وزارة الحج: دخول السعودية بتأشيرة عمرة لا تمكن حاملها من أداء الحج    الأطعمة المصنعة السبب..الإفراط في الملح يقتل 10 آلاف شخص في أوروبا يوميا    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    قبل مناقشته بالبرلمان.. نقابة الأطباء ترسل اعتراضاتها على تأجير المستشفيات.. النقيب: إضرار بالمواطن محدود الدخل    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيق والزفير..أنا المصري
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2012


عبدالمنعم رمضان:
انقضي العيد‏,‏ ولم تطلبني هدي الجميلة‏,‏ وهي التي عذبتني‏,‏ واستولت علي زمني‏,‏ وأدخلتني كل الأزمنة‏,‏ فخرجت ثانية من رحم أمي‏,‏ وصرت طفلا هزيلا‏,‏ أغلب أعضائي مكشوفة‏,‏ وجلبابي من الكتان الخشن‏,‏ يمتد ولا يبلغ ركبتي‏,‏ أمي بيضاء جميلة يحاول كل رجل نعمل عنده أن ينفرد بها‏,‏ فيخفض أبي رأسه ويتلعثم‏,‏ وبعد قليل‏,‏ يهتاج الرجل ويطردنا, بيتنا في قرية فرعونية, وتمثال إلهنا الذي نعبده, يشبه القط الأسود النائم في حضن أختي, في أيام سيدنا الفرعون, رأيت أبي يحملني علي كتفيه, ويمسك بيده اليمني يد أختي, وبيده اليسري بقجة ملابسنا القديمة, وكانت أمي تسير خلفه كأنها تحرس ظلالنا, ولما وصلنا إلي منف, أوقفنا الحراس, وأجلسونا بجوارغيرنا, ولم يمنحونا حساء العدس الأصفر إلا بعد إلحاحنا, ثم أخذونا إلي صوامع الغلال, وأصبحت لا أري أبي, كانت أعضاء أمي تجف, حتي أن ثدييها صارا مشفوطين, وفارقتنا بهجة عبادة القط الأسود, وفرض الحراس علينا عبادة إله لانعرفه, كنا نبكي في أثناء تحديقنا إلي وجهه, وذات مرة رأيته يبكي مثلنا, فأحببته, وبدأت أميل إليه, ولما اكتشفت أمي ذلك, امتنعت عن النظر إلي وجهي, وأصبحت لا أري لسانها إلا إذا كلمت أختي, وكانت تكثر من توجيه النصح إليها, خاصة إذا رأتها تبتسم عندما يخبطها أحد السادة علي عجيزتها, وذات مرة فقدت أمي هدوءها, كانت تخرج وتقف وتعود وتجلس وتقف وتنظر حواليها, وتتنهد وتأمر أختي كي تختفي وراء الجوال الملئ بالذرة الصفراء, لم أستطع أن أسألها, اختبأت مع أختي و سألتها, فقالت:ابن الكاهن لمحني وصفر بفمه, إنها تخشي أن يأتي و يصطحبني, في تلك الليلة ظهر أبي بعد غياب, فانفردت به أمي, وبعدها فوجئت بأبي يحملني فوق كتفيه, ويمسك بيده اليمني يد أختي, وبيده اليسري بقجة ملابسنا, وفي أيام الملك توت, تركني الجميع وذهبوا إلي معبد آمون, وجلست وحدي مع بقرة سيدنا, كانت تأكل البرسيم وتضع عينيها في عيني, وتشرب الماء من القناة الضيقة, وتضع عينيها في عيني, وتلحس صغارها و تتركهم يلتهمون ضروعها, وتضع عينيها في عيني, فشعرت بالأمان, واعترفت لنفسي أن البقرة أطيب من القط الأسود, ومن الحمامة البيضاء, وأنني سأبني لها معبدا أكبر من معبد آمون, في الليل أخذوا أبي وأعطوه عصا طويلة, وقالوا له:ستكون حمال أمتعة حورمحب, فوجم وانكمش, وأتي القائد وأعطي أختي أربع بلحات حمراء, وأعطاني مثلها, وأعطي كيس أرز لأمي وأمرها أن تأتيه ليلا لتأخذ التوت والجميز والقمح, وقبل الغروب رأيت أبي يرتعش وينزف العرق من كل جسمه, ويلهث, ويحث أمي علي الإسراع, ويحملني علي كتفيه, وبيده اليمني يمسك يد أختي,وباليسري يد أمي, في أيام سيدنا أخناتون, اختفي أبي, واختفت أمي, واختفت أختي,واختفيت, ولم نظهر ثانية إلا حين ظهورالمقوقس, الذي أهدي أختي إلي الملك البعيد, وأهداني, كي أدق الأجراس, إلي كنيسته, وانتزع أمي من أبي, ورسمها راهبة, ورسم أبي شماسا, وفوجئ المقوقس بموتنا جميعا في يوم واحد, حيث اصطففنا علي عتبة الجنة, وأسرع أبي وحملني فوق كتفيه, وأمسك يد أختي بيده اليسري, ويد أمي باليمني, وابتسم, فابتسمنا وتلاشينا كالضوء, وعاودنا الظهور في أيام عمرو بن العاص, كان أبي من العمال الذين يحملون الماء إلي بيت عمرو, والروث إلي الحقول, وكانت أمي تشارك الأخريات جلوسهن علي الترعة, وغسل ملابس الجنود, وصارت أختي خادمة عند القادة الأرامل الذين رأوني, وأجبروني علي الوقوف مثلهم لأعبد الإله الذي يعبدونه, غير أنني يئست من السماء, وهربت وحدي, وبعد أسبوعين, صادفت أبي, فأفلت يدي أختي وأمي, وحملني علي كتفيه, كنا قد وصلنا إلي قرية نائمة, علي حافتها التقطنا خفيرها, وقادنا إلي شيخ القرية الذي نظر إلي أبي وكلفه بتنظيف الزرائب, واجتناب الحرملك, وكلف أمي بصناعة الخبز والفطير,وأطال النظر إلي أختي, ومثل الرجل الطيب, كلفها بحمل وجبة الغداء فقط إلي استراحته التي علي النهر, ولم ينظر ناحيتي, قال لعماله:علموه كيف يهش علي الماعز ويصطاد فئران الحقول, كانت بطن شيخ القرية كبيرة, وكنت إذا اشتقت إلي أختي, خفت وتخيلت أنه ابتلعها وخبأها في بطنه, ولما لم أستطع الصبر, سرقت شوكة فلاح نائم, وطعنت بطن كبير الماعز, لتخرج منه أختي, في الظهيرة رأيتها شاحبة, وأبي يمسك يدها, ويسحبني من يدي, وأمي خلفنا تسحب ظلالنا وتخفيها, وفي الطريق اعترضنا ثلاثة رجال بوجوه حمراء, ضربوا أبي, وخلعوا ثياب أمي, وخطفونا أنا وأختي, وأودعونا في غرفتين ببيت مجهول, وعلموني أن أدلك سيقان النساء ساعة استقبالهن للزائرات, ففقدت ذاكرتي وخفت من ذكورتي, ولم أستيقظ إلا أيام الباشا اسماعيل, كنت طفلا, وكان أبي مثل عود القصب, ونهدا أختي كرغوتي صابون, تنطفئان إذا ارتعبت, وأمي تحمل علي ذراعها أخا جديدا, قالوا لأبي:أنت مطلوب للسخرة ستحفر القناة وتبني القناطر, وقالوا لأمي, وأنت ستحملين سلال الفاكهة وتقدمينها للأميرات أول الليل, وأول النهار تنتفين زغب سيقانهن وأفخاذهن, ووضعونا أنا و أختي وأخي في فراغ تحت السلم, كنا نجوع ونلعق أصابعنا, إلي أن جاء الرئيس ذو الأنف الكبير, فاستقبلناه في الميدان, لكنه انشغل بقوة حنجرته وسلطان حاشيته, وتركنا نجرب النوم تحت أقدام رجاله, قال:احلموا يا أولادي, فأطعته وحلمت, رأيتني أدخل بستان الوقت ورأيت الرؤساء يختفون, ليأتي رجل كثيف الشعر, يقف علي تخت عال ويفتح صدره كالكركي, ويهتف:أنا السندباد, أنا الطائر الأزرق ثم يرفرف بجناحيه فأتبعه إلي قصر ندخله, لا يأبه بالحجرات حوله, ويهرول إلي قبو فيه عائلتي, يحملني ويضعني معهم, ويغلق القبو, فأسمع قدميه تنصرفان وتدقان الأرض بوحشية, أسمعه يتنحنح ويصيح:أنا الجبل, أمي بأصابعها تغلق أذني وعيني, فأحلم كأنني أضع قدمي علي رأس الجبل, وأضحك, وأتذكر أن شيرين خاصمتني, وأتأبط ظلي, وأنام كالمحموم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.