أبجديات اتخاذ أي مسئول لقرار يمس الجماهير ومصالحهم أن يدرس بعناية فائقة من كافة جوانبه الصغيرة قبل الكبيرة, وأن توضع آليات تنفيذه قبل إعلانه, وأن تتوافر شجاعة تطبيقه بسيف القانون وليس البطش الغاشم. هذه العناصر وغيرها افتقدناها في موقعة إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء, بغية توفير الطاقة وجهد المواطنين للعمل نهارا, لأننا في حاجة لمصر النهارية وليس الليلية, وكانت النتيجة أن الحكومة المرتبكة تراجعت عن البدء في تنفيذه في الثواني الاخيرة اعتبارا من اليوم. الارتباك إذن هو السائد والمهيمن علي جهات صناعة القرار من أعلي هرم السلطة إلي أدناه مع أنه كان بالإمكان علاج الخلاف الناشب بين المعسكرين المؤيد والمعارض للإغلاق بطريقة بسيطة تبدأ من عرض الحكومة قضيتها بشكل قوي مقنع تشارك فيه النقابات والهيئات الممثلة لأصحاب المحال الذين اعتبروا الإغلاق خراب بيوت مستعجل حل بهم, وأن توضح أن المبتغي ليس التضييق علي أرزاق الناس, وأن الصالح الوطني يجبرها علي الإقدام علي هذه الخطوة غير المستساغة من جهة كثيرين. وحبذا لو كانت الحكومة المرتبكة أرفقت هذا ببيان عن الإجراءات المماثلة في دول أخري بأوروبا والولايات المتحدة والمنطقة العربية. ثم الإعلان عن تسيير دوريات خاصة للشرطة في المناطق المكتظة بالمحال, مثل وسط البلد, للقضاء علي ما يثار, حول أن القاهرة وبقية المدن الكبري ستتحول إلي مدن أشباح يرتع فيها البلطجية من بعد العاشرة مساء حتي صلاة الفجر. لكن الملاحظ أن وزارة الداخلية, رغم محورية دورها, كانت تقريبا مهمشة أو تتحدث علي استحياء, خشية استفزاز المواطنين وإثارة غضبهم. ولعل السادة في مواقع الحكم لديهم ما يكفي ويزيد من القرائن الدالة علي أن الارتباك والارتعاش لا يبني الأوطان بل يعرقلها ويعوق مسيرتها. وأذكر الجميع بمقولة ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل:' الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقي بالعرق والدم'. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي