أطرح اليوم علي القراء الأفاضل لصفحات سياحة وسفر قضية في غاية الأهمية.. وأرحب بالحوار حولها خاصة من أصحاب الخبرة والعمل في مجال السياحة والطيران والاقتصاد بشكل عام. القضية هي السياحة والطيران.. والعلاقة بينهما ونحن علي هذه الصفحة طالما كتبنا ورددنا مقولتين مهمتين الأولي هي لا سياحة بدون طيران.. والثانية هي لا سياحة بدون اعلام وكان مردنا في ذلك في المقولة الثانية تحديدا أنه مع تغير العالم وزيادة حركة السياحة الدولية لم يعد من السهل أن تتحرك هذه الملايين سياحة الملايين بين دول العالم( مليار سائح) بدون تأثير من الاعلام والحملات الاعلانية. أما المقولة الأولي وهي قضيتنا اليوم فربما يكون التعبير فيه مبالغة في بعض الحالات أو بعض الدول مثل فرنسا أو اسبانيا ولكنه في النهاية يؤكد أهمية الطيران للسياحة في دول أخري مثل حالة مصر. ومن المعلوم أن دولا مثل فرنساواسبانيا تتنوع فيها وسيلة النقل للسائحين سواء بالطرق البرية والسيارات أو حتي بالنهر أو البحر أو الطائرات فكله متاح أمام السائح بين دول أوروبا.. لكن في حالة دولة مثل مصر فإن الأمر المؤكد أو الصعب أن نحو09% من حركة السياحة الدولية يأتي أو ينتقل بالطيران. وقد يتصور البعض أن البحر يمكن أن يكون أساسيا في نقل الحركة الدولية إلي مصر وهذا غير صحيح. فنظرة علي أرقام هذه السياحة نجدها في عام الذروة0102 لم تتعد006 ألف زائر ولا نقول سائح من بين نحو7.41 مليون سائح انتقلوا إلي مصر في هذا العام لأن هذه النسبة الصغيرة هي ما يسمي سياحة اليوم الواحد أو الزيارات السريعة ولذلك يتم تسميتهم زوارا وليسوا سائحين. ومن هنا يمكن القول إن الاعتماد علي البحر لنقل ملايين السائحين إلي مصر هدف من المستحيل تحقيقه ولذلك ليس أمامنا إلا الطيران. لماذا نقول هذا الكلام اليوم؟ أسارع فأقول اننا اليوم في مرحلة مهمة وأرقام السياحة المصرية تراجعت بعد ثورة52 يناير.. ونحن نريد العودة إلي أرقام0102 وبمعني آخر نريد عودة التدفق السياحي إلي مصر مرة أخري.. وبدأت وزارة السياحة بقيادة الوزير هشام زعزوع وضع خطط لعودة هذا التدفق حتي تنطلق السياحة المصرية بإعتبارها المصنع الجاهز لدعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل والعملات الصعبة لكن مع عودة التدفق هذا علينا أن نعترف أنه تواجهه مشكلة كبري تتعلق بتوافر الطاقة الناقلة من الطيران من أماكن أو نقاط عديدة في العالم خاصة إذا كنا نريد فتح أسواق جديدة مثل أوروبا الشرقية والصين واليابان وحتي أمريكا اللاتينية. أن الكل يجمع علي أن الطيران هو القادر علي عودة التدفق مرة أخري, ونحن هنا لا نقصد الشركة الوطنية فقط ولكن نقصد جميع أنواع الطيران التي تساهم في نقل الحركة إلي مصر من طيران منتظم سواء مصر للطيران أو شركات دولية أو طيران عارض شارتر أو طيران منخفض التكاليف. فالكل يعلم أن الشارتر هو الذي ينقل سياحة الملايين والمنتظم ينقل سياحة الانفاق العالي ومنخفض التكاليف يساهم في انعاش سياحة الاقامة. وأنا هنا لا أريد أن أحمل مصر للطيران أكبر من طاقتها أو المسئولية كاملة ولكن علينا أن نناقش القضية من عدة أوجه كلها يمكن استثمارها لصالح الاقتصاد القومي ليس لمصلحة مصر للطيران فقط أو لمصلحة قطاع السياحة فقط! فالكلام أن سماوات مصر مفتوحة ومطاراتها أمام جميع أنواع شركات الطيران يحتاج إلي مراجعة.. والكلام عن أن الطيران الخاص في مصر له الحرية الكاملة في العمل وفي كل الأماكن يحتاج أيضا إلي مراجعة.. فنحن أمام حالات أو شركات طيران تواجه صعوبة في العمل بسبب مشاكل يعتبرون انها تعطي نوعا من الحماية أو الافضلية لمصر للطيران وأنا بالطبع هنا مع حماية ودعم الشركة الوطنية لكن في نفس الوقت بما لايتعارض مع المصلحة الاكبر أو بما يساعد علي تحقيق مصالح جميع الاطراف فالهدف الاقتصاد القومي كله. أنا أري انه لابد من السماح لشركات طيران دولية شارتر أو مخفض التكاليف بالعمل ولابد ايضا من الجرأة في ادارة مصر للطيران بان تدعم شركتها الشارتر بعدد أكبر من الطائرات. أنا أعرف أن الشركة محملة باعباء ضخمة وعمالة زائدة(23 ألف عامل) مع عدد طائرات(27 طائرة), لا يتناسب مع رغبة الشركة في التوسع خاصة مع زيادة الخسائر بعد الثورة بسبب إنحسار عدد الركاب. ولذلك أقول إن علي مصر كدولة, ان ندرس جميعا تجربة تركيا في السياحة وتجربة شركة الطيران التركية.. فتركيا التي كانت منذ نحو01 سنوات مع بداية الالفية الثالثة لايتجاوز عدد السياحة اليها نحو5 ملايين سائح وصلت الآن إلي03 مليون سائح ووصلت شركتها الوطنية الي491 طائرة وتصل إلي202 نقطة في العالم آخرها شرم الشيخ. كيف حدث ذلك؟ الامر المؤكد ان هناك منظومة عمل متكاملة هناك نظرة شاملة لما تريده تركيا من السياحة ولا انفصال بين السياحة والطيران فالكل يعمل لمصلحة تركيا ودعم الاقتصاد التركي.. وقد نجحوا. كيف حدث ذلك هذا هو ما علينا دراسته بعناية شديدة. إن القضية الاساسية هي ان قطاع الطيران, وكذلك مصر للطيران عليها ان تدرك الانفتاح والتوسع كما يقول عدد كبير من الخبراء هو السبيل لقوة الشركة بعكس ما ينادي به البعض من الانكماش والانغلاق خوفا من الخسائر.. فكم من شركات توسعت ونجحت باتباع اساليب حديثة في التسعير وفي الخدمات وفي مواكبة المتغيرات الدولية في الحجز وفي التعامل مع الانترنت ووسائل الاتصال والتسويق الحديثة. كما أن قضية السماوات المفتوحة علينا اعادت النظر فيها, وأن تكون السماوات المفتوحة.. بالفعل مفتوحة دون عراقيل.. لقد أثبت تجارب في كثير دول العالم أن السماوات المفتوحة حققت إضافة للاقتصاد, وللسياحة.. بل اعطت مزيدا من القوة للشركة الوطنية للطيران. فمثلا تقول الأرقام والدراسات في تركيا مثلا.. عقب تطبيق السموات المفتوحة قد حققت زيادة في عدد الركاب بنسبة65%, ارتفع العدد من نحو06 مليون راكب بدلا من04 مليون. وأضافت السماوات المفتوحة43 ألف فرصة عمل مباشرة بمجال الطيران و14 ألف غير مباشرة, وزاد معدل الرحلات المباشرة الي تركيا, وظهرت العديد من شركات الطيران وتم تحقيق زيادة سنوية في اعداد السائحين أكثر من5.6 مليون سائح سنويا و052 الف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة, وزاد اجمال الناتج القومي كله. وهكذا تشير الأرقام في المغرب والإمارات وكل الدول التي نفذت سياسة السماوات المفتوحة. إن علينا أن ندرك اننا يجب ان نشجع الطيران الخاص في مصر وان نضع حلولا للتفاهم مع شركات الطيران منخفض التكاليف والشارتر اذا كنا نريد انطلاق السياحة وعودة التدفق السياحي الي مصر للوصول الي02 أو03 مليون سائح مثل تركيا. إن نظرة علي سياسة التسعير للطيران التركي الذي هبط في شرم الشيخ لأول مرة هذا الاسبوع نجد انه يبيع التذكرة بمبلغ99 يورو ونجده ايضا يفكر في جلب سياحة الي مصر من نقاط بعيدة غير اسطنبول.. وهكذا هناك مرونة وفكر تسويقي حديث. علي العموم أنا اليوم لا اقصد إطلاقا أن أحمل مصر للطيران اي مسئولية.. أنا فقط أناقش القضية بصوت عال.. إن العلاقة بين السياحة والطيران مهمة جدا لمصر ولدعم اقتصادها.. ولا سياحة حقيقة الا بوجود طيران وطاقة ناقلة من كل دول العالم.. ولن يحدث ذلك الا بالتنسيق الفوري جدا بين وزيري السياحة والطيران المدني هشام زعزوع وسمير امبابي وهما من المهنيين كل في قطاعه.. فهل يحدث التفاهم والتنسيق المطلوب بينهما لصالح السياحة ولصالح مصر للطيران ولصالح الاقتصاد. اعتقد ان القضية تحتاج الي كثير من الاهتمام.. وكثير من الدراسة والعمل والحوار.. فلا سياحة في مصر بدون طيران.. فالطيران هو القادر علي انقاذ السياحة من كبوتها وانحسار اعدادها وعودة التدفق اليها مرة اخري.. ومصر لن تصبح دولة سياحية كبري إلا بالطيران. ياسادة.. الطيران هو الحل...! [email protected]