امرأة تستعين بالمتبقي داخلها من أمل وشجاعة, تقتات بالكتابة لتواجه الخوف والذعر وتفتش عن الأمل ليكون ما تكتب بمثابة مرآة تري فيها أنها مازالت حية وسط كل هذا وأن عليها التمسك بالحياة لتوثق ما تراه وتنقله للعالم في كتاب عن أهوال حقيقية لا تمت للخيال بصلة..هكذا فعلت الكاتبة السورية سمر يزبك في كتابها الأخير الذي أصدرته عن الثورة السورية تحت عنوان اامرأة في مرمي النيران المتقاطعة, والذي يعتمد علي مذكراتها خلال أيام الثورة السورية المستمرة منذ18 شهرا, لترصد من خلاله مأساة امرأة و وطن بأكمله يذبح شعبه علي يد حاكمه. حيث يأخذ الكتاب شكل يوميات, تبدأ من25 مارس2011 وتنتهي اليومية الأخيرة في9 يوليو من نفس العام, تنتقل خلالها الكاتبة بين الأماكن المشتعلة في المدن السورية, فتقدم مشاهداتها وانطباعاتها وتقابل معتقلين سابقين ومتظاهرين صحفيين وأطباء وكتابا, لتوثق شهادات من قلب الجحيم الذي يصنعه بشار الأسد, لذا كان من المتوقع أن تختصر أسماءهم لحمايتهم من بطش شبيحة الأسد, ليصبح ما دونته شاهدا علي جرائم هذا النظام وأساليبه اللا إنسانية في تصفية الحياة. مزجت يزبك في أسلوبها التوثيق والذات في قالب أدبي شيق بعيدا عن أي تنظير أو بطولات زائفة قد يعكسها أحيانا نفس الكاتب وهو يحكي عن شجاعته في اجتياز الصعاب, فهي لا تخجل من الاعتراف بألمها وضعفها وخوفها ويأسها حين تقول: الا أستطيع أن أكتب. لا أستطيع أن أشتغل علي الأرض مع الشباب. لا أستطيع أن أفعل شيئا. أستطيع فقط أن أتألم. و يزبك كاتبة وصحفية سورية تنتمي إلي الطائفة العلوية, تمكنت من الفرار إلي فرنسا بعد أن رفضت الإنحياز إلي النظام في مواجهته للمظاهرات السلمية, حيث روت قصصا تقشعر لها الأبدان عما يتعرض له المتظاهرون من تعذيب مع بدء الثورة السورية مشيرة إلي محاولة نظام البعث الفاشلة لثنيها عن مواقفها المساندة للثورة وللمتظاهرين, فترجمت ما عاشته إلي شهادات تفضح ممارسات نظام الأسد أمام العالم. ففي هذه اليوميات يختلط ما هو شخصي بما هو عام, وتختلط الحكايات التي ترويها بالشهادات التي توثقها, بتجارب الاعتقال والتحقيق التي عاشتها, كما تتحدث عن تفاصيل اعتقالها في أول مرة, ونظرة الضابط الكبير وكأنها احشرة, وكيف تلقت صفعة ألقتها أرضا وهو يصرخ فيها اانت عار علي العلويين وكأنها عندما تكون مع الثورة هي من الطائفة أو الطوائف الأخري فتلك مصيبة برأيهم, أما أن تكون مع الثورة و هي علوية, أي طائفة النظام, فالمصيبة أعظم, ليصل الأمر إلي حد تكفيرها من الأساس.ت والرواية الصادرة عن دار الآداب ببيروت ترجمت إلي العديد من اللغات الحية كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية, ومؤخرا فازت عنها يزبك بجائزة هارولد بنتر الأدبية الرفيعة مناصفة مع الشاعرة البريطانية البارزة, كارول آن دافي,توالتي سميت باسم الكاتب البريطاني الشهير الحائز علي نوبل في الآداب هارولد بنتر, حيث تمنح الجائزة لكاتب بريطاني ذي إنتاج أدبي متميز, ثم يختار هذا الكاتب أحد الكتاب من خارج بريطانيا ليحصل علي جائزة الكاتب الشجاع, والتي تمنح لكاتب عالمي تم اضطهاده أو التضييق عليه. يذكر أن يزبك منتمواليد عام1970 توصف بكونها روائية متحررة خرجت من عباءة العائلة والطائفة والقبلية واستجوبت المحرمات الاجتماعية والأخلاقية التقليدية, تحمل في وجدانها شقاء المجتمع التقليدي الذي ترويه في مؤلفاتها وتحدثنا عن آلامه و أحلامه., صدر لها من قبل: اباقة خريف, مفردات امرأة, طفلة السماء, صلصال, رائحة القرفةب.