وزير التعليم يشيد بقرار رئيس المركزي للتنظيم والإدارة بشأن آلية نتيجة مسابقات وظائف المعلمين المساعدين    الفيدرالي الأمريكي يقرر تثبيت الفائدة على الدولار بين 4.25% و4.5%    جهز 100 ألف جنيه.. وقدم على شقق الإسكان بعد أيام    وزير الاتصالات يلتقي محافظ طوكيو لبحث التعاون في مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    توريد 51 ألفا و652 طن قمح بكفر الشيخ    الجدل يتصاعد حول قانون الإيجار القديم: نواب يطالبون بالتأجيل والمواطنون يرفضون الزيادات    بريطانيا تلغي رحلاتها الجوية إلي تل أبيب حتي هذا الموعد| تفاصيل    إعلان وشيك بشأن غزة.. ترامب يلوّح بإعلان مصيري.. وحماس ترد بشروط صارمة    الولايات المتحدة تعتزم تعيين حاكمًا أمريكيًا للإدارة المؤقتة لقطاع غزة    "الغندور" حكمًا لمباراة الأهلي والمصري في الدوري    الغندور: بيسير لا يرى سوى 14 لاعبا يصلحون للمشاركة في الزمالك    أزمة مباراة القمة.. هل تحرم لجنة التظلمات الأهلي من التتويج بفصل الختام؟    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    طقس اليوم الخميس.. درجات الحرارة تقفز ل 39 درجة    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    امتحانات الدبلومات الفنية.. رابط تسجيل استمارة التقدم قبل غلق ملء البيانات    أبناء محمود عبدالعزيز وبوسي شلبي في مواجهة نارية أمام القضاء    وزير الثقافة يترأس الاجتماع الثاني للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لمشروعات خدمية وتنموية بالغربية    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    وزير الصحة يستقبل وفد مجموعة "برجيل" الطبية لبحث سبل التعاون المشترك بالقطاع الصحي    عاجل- هيئة الدواء المصرية تسحب دواء «Tussinor» من الأسواق    حريق يلتهم منزلين بدار السلام سوهاج دون إصابات بشرية    مصرع شخص سقط تحت عجلات القطار بالمراغة سوهاج    جامعة عين شمس تفوز بجائزتين في المهرجان العربي لعلوم الإعلام    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    مدير مكتبة الإسكندرية يفتتح ندوة المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب - صور    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    الزمالك يستعيد مصطفى شلبى أمام سيراميكا في الدورى    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    لدعم فلسطين.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب    وزير الصحة ونقيب التمريض يبحثان تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    انتصار تصور فيلمًا جديدًا في أمريكا    دور المرأة في تعزيز وحماية الأمن والسلم القوميين في ندوة بالعريش    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتش عن أكاذيب الصحافة
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 10 - 2012

"الصدق قبل السبق".. قاعدة أصولية في علم الصحافة تؤكد أن حق الجمهور في معرفة الحقيقة مقدم على حق الصحافة في النشر.. فالنشر الصحفي وسيلة نبيلة لغاية عظمى هي تقديم الحقائق الكاملة إلى الناس. دون تزوير أو تحوير أو تلوين أو نقص أو تلاعب أو اختلاق أو اجتزاء أو تحيز أو خلط بين الرأي والخبر، أو دمج بين المعلومة ووجهة النظر.

لكن أشباه الصحفيين، وأنصاف المحررين، ممن تسللوا إلى المهنة لو اذا في مصر، أصبحوا يفاخرون، وربما يفاجرون، بقدراتهم الشيطانية على تقديم الأخبار المزيفة، والأباطيل المصنوعة، و"الحقائق الكاذبة" (التي جرى تركيبها بشكل ملتو)، مستخفين خلف الإثارة فيها، حتى تكاد تمتلك على الناس أسماعهم وأبصارهم، فلا يدرون أنهم يُسقون السم الزعاف، والمخدر القاتل، وأنهم أصبحوا مغيبين عن الوعي السليم، والحقائق الكاملة، نتيجة التضليل الذي مُورس بحقهم، والأساليب الخبيثة التي انطلت عليهم.
أمثال هؤلاء الصحفيين مكانهم المصحات النفسية، والسجون التهذيبية، من أجل العقاب بالتقويم، بعد ما خربت نفوسهم، وماتت ضمائرهم، وأصبحوا وبالا على الوطن والشعب، فهم مصابون بداء عضال، لا بُرء لهم منه، وهو دس السم في العسل، باستخدام مهاراتهم في اختلاق الأحداث، وصنع الأكاذيب، و"فبركة" الأخبار، والمبالغة في الأمور، والتعامي عن العظائم، والقفز من المعلومات الناقصة إلى الاستنتاجات الخاطئة.
لكن السؤال : لماذا قد يكذب الصحفيون أصلا؟
الإجابة: للبحث عن الشهرة، والتنفيس عن الأهواء، والحصول على الأموال، وابتزاز الشرفاء، من خلال تهديدهم بالإساءة لسمعتهم، وجرح خصوصياتهم، وكشف زلاتهم، بالإضافة إلى خدمة تياراتهم الفكرية أو أيديولوجياتهم السياسية، أو أجنداتهم الخفية، أو منافعهم الخاصة، أو مصالح من يعملون لحسابهم أو يستأجرونهم..إلخ، فضلا عن عدم وجود رقابة قوية تردعهم، أو إجراءات قانونية تحول بينهم وبين الكذب. وهكذا تنطبق عليهم المقولة المأثورة : "من أمِن العقوبة أساء الأدب".
وأسوأ ما يمكن أن يترتب على الكذب الصحفي ليس فقط اقتناع بعض الناس به، وإنما خلط الوقائع والحقائق بحيث تبدو الكذبة في هذه الحالة كأنها خلاف في وجهات النظر، أو اختلاف في زوايا الرؤية، وليست كذباً صريحاً، وهنا يتحقق للكذبة شيوعها، وتكتسب قدرا من الشرعية.
أما الأداة الرئيسة في صنع الأكاذيب فهي تجريد الخبر من مصادره الحقيقية، والاعتماد على مصادر "مجهولة" تُوصف تارة بأنها عليمة أو مسئولة أو مطلعة أو موثوقة أو مقربة.. إلخ.
ومثل هذا العزو، وتلك الصيغ التجهيلية، يخلي الصحفي من مسئوليته عن تحديد المسئول عن الخبر، وهكذا تغرق صحفنا في بحار من الأخبار التي لا مسؤول عنها، فتجدها في أكثر من خبر وتقرير، بالعدد الواحد، كأنها طريقة معتمدة ومشروعة، ولا تحفظات مهنية بشأنها، أو أخطار اجتماعية تترتب عليها.
ولترويج أكاذيبهم بنعومة، يلجأ أصحاب الأخبار الكاذبة إلى إيراد أكاذيبهم في سياق من التفاصيل التي قد تكون سليمة بالفعل، والمعلومات التي ربما تكون صحيحة حقا، بُغية جذب أنظار القراء بعيدا عن الكذبة المقصودة أو الموجهة المزروعة في ثنايا الخبر.
ولاستكمال الخدعة يتم "تنسيب" الأخبار إلى "المصادر المجهولة"، في وقت يتم فيه نثر معلومات صحيحة بداخلها، بما يشي بأن الخبر صحيح، خلافا للحقيقة، والاعتماد على أنه إذا تعرض للنفي أو التكذيب فلن يصل هذا النفي أو التكذيب إلى معظم الناس الذين بلغهم الخبر في صورته الأولى، كما أنه سيكون فد رسخ في الذاكرة، بما فيه من إثارة صاخبة.
وينبغي التنبيه إلى أنه لا يعني "تجهيل المصدر" في الخبر -بالضرورة- أنه كاذب، لكنه يستوجب التعامل معه على أنه -على الأقل- خبر لا يُوثق به، ولا يُعتمد عليه، ولا يجسد الحقيقة الكاملة ، ولا الطريقة المحكمة في توصيلها.
ومن أسف أن بعض القراء لا ينزعج من مطالعة الخبر المنفي أو المكذوب، وبالتالي يشجع ذلك الصحيفة الكذوب على الاستمرار في نسج أكاذيبها، وتدريجيا تتحول بكثرة الطرق و"التخديم" عليها، إلى حقائق مُسلم بها، ثم يتبرع بعض القراء بنشرها، دون انتباه إلى ما تنطوي عليه من تدليس، وافتراء.
ومهما يكن الأمر؛ فحبل الكذب قصير، ومصير القصص "المفبركة" إلى انكشاف، وبمرور الزمن تفتقد الصحف الكاذبة ثقة القارئ، وربما تستوجب احتقاره، نتيجة لجوئها إلى هذا الكذب المتبجح، دون "لف أو دوران"، أو تكبد عناء إعادة تغليفه، بإطار يسنده من الحقائق الجزئية، أو التفاصيل الكثيرة.
إن الموضوع الصحفي المثالي هو ذلك الذي يحتوي على عناصر قوته في داخله، ودلائل ثبوته في ثناياه، ووسائل صحته بين سطوره، مُسلحا بالحُجة الراسخة، والمعلومة الدامغة، والإقناع القوي، والاستنتاج المنهجي، والأرقام الصحيحة، والفكرة الجديدة، والوسيلة المُثلى، والأهم: تقديم ما ينفع الناس، ولا يشغلهم بالباطل والزور عن حاضرهم الحق، ومستقبلهم المأمول.
[email protected]
المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.