د. فتحي مرعي : الاحساس بالواجب احساس جميل.. وله مردود أجمل.. الاحساس بالواجب تجاه النفس وتجاه الآخرين .. وأخيرا وليس آخرا تجاه الله رب العالمين. هذا الاحساس يجعل من الانسان.. انسانا صالحا في الدنيا وفي الآخرة.. فالصلاح ليس فقط في الدنيا, ولكنه أيضا في الآخرة.. ففي الدنيا يقول الله:والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين..( العنكبوت9).. وفي الآخرة يقول الله عن إبراهيم عليه السلام:ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين..( البقرة130). والاحساس بالواجب تجاه النفس يجعل الانسان منضبطا في أقواله وأفعاله.. ويجعله يحافظ علي نفسه من السلوكيات المشينة أو غير اللائقة.. ويحافظ علي صحته فلا يقرب السجائر أو الشيشة أو المخدرات أو المسكرات.. ولا يفرط في الأكل ولا ينسي التريض ولو بالمشي.. ويقوم بعمله خير قيام.. ولا يؤجل عمل اليوم إلي الغد أو بعد الغد.. ولا يلجأ للكذب أو النفاق.. ويحترم كلمته فإذا وعد بشيء أوفي به.. وهكذا. والاحساس بالواجب تجاه الآخرين يشمل أشياء كثيرة.. ومن ذلك أن تكون تعاملاته تعاملات راقية ومحترمة.. فيبتعد عن الغش والخداع والغدر.. كما يؤدي ما عليه من واجب تجاه والديه بادئ بدء.. ثم الأقرباء.. والناس بعامة وأن يكون لطيفا ودودا في تعامله معهم.. وألا يأكل حقوق الناس ولا يتعالي عليهم. والاحساس بالواجب تجاه الله يدفعه إلي أن يؤدي ما افترضه الله عليه.. وأن يحس بأن الله رقيب عليه.. فيخشي الله فيما يفعله وفيما يتجنب فعله.. وحتي فيما يدور في داخله.. ويحذركم الله نفسه وإلي الله المصير.. قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله علي كل شيء قدير..( آل عمران 28- 29).. كذلك أن تكون توجهاته خالصة لوجه الله وابتغاء مرضاته.. لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس.. ومن يفعل, ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما..( النساء114).. أي لا خير في جل ما يتسامرون به إلا أن يكون حثا علي اخراج الصدقات أو اسداء معروف أو الصلح بين متخاصمين. وكما تقدم فإن هناك تداخلا بين الاحساس بالواجب تجاه النفس وتجاه الآخرين وتجاه الله سبحانه وتعالي.. فالله في كل ذلك.. ومن هنا الآية الكريمة قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين..( الأنعام162). فعبادتنا الله عز وجل.. وكذلك سلوكياتنا قولا وعملا وتعاملنا مع الناس.. كل ذلك لوجه الله وابتغاء مرضاته.. فما أجمل أن تكون وجهتنا الله في كل ما نأتي وما ندع.. وعندئذ نكون من المبشرين بالجنة بإذن الله.. عن طريق ملائكته وما يوحون إلينا به ونحن بعد أحياء إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون.. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون..( فصلت 30-31). فهل هناك مردود أروع وأجمل من الاحساس بالواجب تجاه النفس وتجاه الآخرين وتجاه الله رب العالمين؟!