هدير الزهار : أطلقوا عليها لقب ديدي أي الشقيقة الكبري وأدرجت مجلة تايم الأمريكية اسمها في قائمة الشخصيات ال100 الأكثر نفوذا في العالم وال25 بين أقوي50 مديرا تنفيذيا.. أنها السياسية المشاكسة رئيسة حكومة ولاية البنغال الهندية والمرأة التي أكتسب شهرتها بسحق الشيوعيين ماماتا بانيرجي التي حلق نجمها عاليا بعد فوزها فوزا ساحقا في انتخابات ولاية البنغال الغربية بالهند العام الماضي وطردها للأحزاب الشيوعية التي كانت تحكم الولاية علي مدي34 عاما والتي ظلت تحاربهم طوال تلك السنوات مما جعلها تتعرض مرارا وتكرارا للإيذاء النفسي والبدني علي أيدي قيادات الأحزاب, وفي أحدي المرات كادت أن تموت لولا مساعدة القدر لها حيث كان يعتبرها البعض مجنونة لوقوفها في وجه الشيوعيين الأمر الذي يعد بمثابة الوقوف أمام القطار لذا فأنه كان من المتوقع أن تقتل أو تغتال في أي وقت إلا أنها استطاعت إيقاف قطار الشيوعيين الأمر الذي أعلن عن حدوث تغيير جذري في السياسة الهندية بتراجع قوة الحزبين السياسيين الرئيسيين في البلاد من أصوات الناخبين وتزايد نفوذ الأحزاب الإقليمية. ولدت ماماتا في كالكتا عاصمة ولاية البنغال بالهند عام1955 لأسرة من الطبقة المتوسطة ومنذ أن كانت طالبة جامعية وهي تميل للعمل السياسي فقد كرست حياتها من أجل الدفاع عن حقوق الفقراء في البنغال حتي أنها لم تتزوج قط ولم تسع للعيش في أي رفاهية بل أنها تعيش في منزل يتكون من غرفة واحدة في أحد أحياء كالكتا وترتدي طوال الوقت جلبابا قطنيا وحذاء مطاطيا. وقد بدأت ماماتا مسيرتها السياسية من خلال حزب مؤتمر الشباب الهندي وهي في بداية العشرينيات من عمرها وفي عام1984 ترشحت للانتخابات البرلمانية وهي لم تتعد التاسعة والعشرين من عمرها فأصبحت أصغر عضوه في البرلمان الهندي كما أصبحت الأمين العام لحزب مؤتمر الشباب الهندي ولكنها قدمت استقالتها من الحزب عام1997 بسبب عدم اهتمام الحزب بالدور القيادي الذي تلعبه ولاية البنغال, ثم قامت بتأسيس حزبها الخاص وهو حزب مؤتمر ترينامول والذي أعلنت أن الهدف الأساسي منه هو معارضة سياسات ومحاربة سطوة الشيوعيين وذلك لأنهم كانوا يسعون للسيطرة علي جميع المناصب في الولاية خلال فترة حكمهم والتي منها تعيين أعضاء الحزب في المناصب القيادية. وقد شغلت ماماتا العديد من الحقائب الوزارية ففي عام1991 شغلت منصب وزيرة الموارد البشرية وتحديدا شئون الشباب والرياضة وتنمية المرأة والطفل في تلك الوزارة, كما عينت كوزيرة للسكك الحديدية فترتين الأولي كانت في عام20001999 وكانت أول امرآة تشغل ذلك المنصب والثانية كانت في عام2009 وحتي2011 ثم تمت أقالتها بعد أن أصبحت رئيسة حكومة البنغال وقد قامت ماماتا بالعديد من الانجازات خلال وجودها بالوزارة والتي منها تجديدها لعدد من القطارات وخطوط السكك الحديدية بالإضافة لأفتتاحها4 خطوط قطارات جديدة تصل بين عدة مناطق في البنغال. لا شك أن ماماتا تحظي بشعبية كبيرة بين الفقراء فهي رمز للدفاع عن حقوقهم والأمل الوحيد في إنعاش الاقتصاد الذي تعاني الولاية من تراجعه منذ عقود ولكن خطأ السياسي بألف فهفواتها وقراراتها السريعة وتعصبها المتزايد ضد المعارضة بدأت تنفر عددا من البنغاليين من أبناء الطبقة المتوسطة, خاصة بعد أن لمسوا وجود تناقض في خطاباتها العامة إلا أنها مازالت نجمة في صفوف المعارضة فهي مدافعة شرسة عن حقوق الفلاحين ضد محاولات الحكومة للاستيلاء علي أراضيهم لإفساح المجال أمام المصانع والمشروعات الاستثمارية مما يشكل عائقا أمام الاستثمارات الأجنبية التي تعد تلك الولاية الفقيرة المكتظة بالسكان الذين يبلغ عددهم91 مليون في أشد الاحتياج إليها, خاصة و أنه كان هناك سوء إدارة للاقتصاد تحت الحكم الشيوعي الذين تركوا لها الولاية تحت وطأة ديون وصلت ل40 مليار دولار بالإضافة لعدد كبير من المصانع المهجورة التي كان يعمل بها ألاف العاملين لذا ففي الوقت الذي يعتبرها البعض بطلة يعتبرها البعض الأخر عقبة في طريق التقدم الاقتصادي في الهند فقد كانت الحكومة الهندية تنوي أقامة سلسلة متاجر عالمية في الهند ولكن عارضتها ماماتا حيث لها رؤيتها الخاصة للنهوض بالاقتصاد حيث أنها تود الاعتماد علي الأسواق الداخلية وليست الأسواق الغربية والاستثمارات الأجنبية واعتقادها بأن مثل تلك السلسلة من الأسواق الغربية سيكون لها تأثير سلبي علي صغار التجار في ولايتها بحرمانهم من الحصول علي قوت يومهم. ومع تزايد نفوذ ماماتا بشكل كبير واتخاذها قرارات سياسية حادة في العلاقات التجارية فقد قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بزيارة خاصة لها خلال رحلتها الأخيرة إلي الهند, وهو ما يعتبر تكريما كبيرا فريدا من نوعه نادرا ما يحدث لأي زعيم إقليمي حيث قالت أنها ترغب في مقابلتها امرأة لامرأة وقد تناثرت الأقاويل في الصحف الأجنبية أن الهدف من تلك الزيارة هو أقناع ماماتا بالسماح للشركات الأجنبية بمزاولة أعمالها التجارية في الهند. ماماتا بانيرجي.. تلك المرأة القوية التي هزت السياسة الهندية واشتهرت عالميا بأنها المرأة الوحيدة التي سطع نجمها في الحياة السياسية في جنوب آسيا دون أن تكون ابنة أو شقيقة أو أرملة زعيم مشهور لايزال أمامها تحد كبير لتحقيق الآمال الاقتصادية لمؤيديها في دولة ينتشر الفساد في أركانها فهل ستصمد أمام ذلك التحدي وترفع رأس الفيل الهندي عاليا أم أنها ستضعف؟ وهل ستتمسك بسياساتها أم أنها ستعيد التفكير مرة أخري؟