في صباح مثل ذلك اليوم(7 أكتوبر) من عام1973( وكان أيضا يوم أحد!), كانت تلك عناوين إحدي الصحف المصرية, التي مازلت أحتفظ بنسخة منها, متضمنة أنباء ماتم ظهيرة اليوم السابق, أي6 أكتوبر1973:' عبرنا القناة ورفعنا علم مصر','إسرائيل تعترف بنجاح العبورالمصري وتدفق المدرعات إلي سيناء',' استولت قواتنا علي معظم الشاطيء الشرقي للقناة, وتواصل القتال بنجاح',' قواتنا البحرية تدمر الأهداف الهامة للعدو, وتتصدي لهجوم جوي كبير',' القوات السورية تقتحم مواقع العدو, وتحرر جبل الشيخ و عدة مراكز بالجولان', و' السادات يتابع العمليات من القيادة العامة'. كانت تلك كلها عناوين متزنة جدا, وصادقة جدا, مقارنة بالعناوين المثيرة التي سبق أن قرأناها في صحف6 يونيو1967 وكانت كلها كاذبة و مفبركة. لكن الوضع تغير جذريا بعد6 سنوات, وكان ذلك أمرا منطقيا, فعندما تكون منتصرا, لاتحتاج لأن تكذب أبدا. كيف تحقق هذا الإنجاز, وهذا التغيير الشامل, في تلك المدة القصيرة6 سنوات؟.. تحقق بسبب ثلاثة عوامل: العامل الأول, هو وجود إرادة سياسية للحرب, وللثأر, وللنصر. لم تكن هي إرادة القيادة فقط, ولكنها كانت قبلها إرادة الشعب كله.إنني أنتمي إلي جيل الطلاب الذين خرجوا في مظاهرات فبراير1968 إحتجاجا علي الأحكام الهزيلة التي صدرت بحق المسئولين العسكريين عن الهزيمة. كانت الرغبة الجارفة للحرب, والتخلص من عار الهزيمة المهينة,تعتمل في نفوس الشعب كله, والشباب في مقدمتهم, ولذلك, عندما ظن الشعب أن السادات يتلكأ في الاستعداد للحرب, خرج أيضا في المظاهرات ضده في عام.1972 العامل الثاني, هو التخطيط السليم للمعركة, والذي بدأ بإعادة بناء القوات المسلحة علي أسس علمية وحرفية عالية, وبالإعتماد علي أفضل قياداتها ورجالها, أولئك القادة العظام الذين جعلوا المصريين يرفعون رؤوسهم فخرا وثقة بأنفسهم. أما العالم الثالث, فهو الكفاءة والمهارة السياسية التي أبداها السادات في تهيئة المسرح العربي و الدولي للحرب, وفي نفس الوقت تنفيذ خطة بارعة للخداع الإستراتيجي, ظن الإسرائيليون معها أن لاشيء سوف يحدث. وعندما اكتشفوا الخدعة, في اللحظات الأخيرة, كانت القوات المصرية قد عبرت القناة,وعبر معها شعب مصر كله الهزيمة إلي النصر!. (تنويه: ورد في'كلمات حرة' بالأمس, علي سبيل الخطأ, أن صاحبة أغنية' راجعين, رافعين رايات النصر, اسمها نبيلة إسماعيل, ولكنها بالطبع' نبيلة قنديل', زوجة الملحن علي إسماعيل, ومؤلفة الأناشيد الشهيرة الأخري مثل:'دع سمائي'و'فدائي'). المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب