يأبي النظام السوري إلا أن يضع المنطقة بأسرها فوق برميل بارود قابل للانفجار في اي ثانية, كلما ضاقت من حوله الحلقات, وأحس بقرب سقوطه. ولم يكن تعمد قوات بشار الأسد إطلاق قذيفة هاون علي قرية تركية تقع علي الحدود بين البلدين سوي الفصل الجديد في سعي دمشق غير الحصيف للمضي قدما في تنفيذ خيار شمشون. ومن الواضح أن النظام السوري بات يستهويه الإقدام علي القيام بعمليات عشوائية, لإثبات وجهة نظره القاضية بأن سقوطه سيعني اندلاع حرب طاحنة في الشرق الأوسط ستحرق أصابع الجميع بمن فيهم بطبيعة الحال الدول التي يتهمها بمساندة الثورة, وفي مقدمتها تركيا. غير أن ما فات علي بشار ومن يقدم له المشورة والنصح, أن اختبار قدرة تركيا علي التحلي بالصبر ليس صائبا, فأنقرة لم يكن مقابلها من بديل سوي الرد عسكريا علي الهجوم السوري, بعد مقتل خمسة من مواطنيها, وقد يتطور الرد, الذي يقتصر حاليا علي القصف المدفعي, ليشمل دخول القوات التركية لعمق الأراضي السورية, سعيا وراء إقامة منطقة عازلة تحمي المناطق الحدودية من شطط نظام يتشبث بالسلطة حتي الرمق الأخير وعلي استعداد لإراقة دماء الأبرياء. كذلك فإن الأمر قد يصبح فرصة لحلف شمال الاطلنطي الناتو لاتخاذ مهاجمة تركيا كذريعة للتدخل العسكري في سوريا, لا سيما وأن مبرره سيكون عضوية تركيا في الناتو وارتباطها بمعاهدات ومواثيق تلزم الحلف بالتدخل لحماية سيادة البلدان الاعضاء فيه. لقد حان الوقت لكي يتوقف بشار الأسد وأركان نظامه الغاشم عن القيام بمغامرات لن تقود إلا لتدمير سوريا التي تعيش أحلك أيامها مع استمرار قمع المطالب المشروعة لشعبها بالحرية والديمقراطية.