الشارع التركي يرفض الخيار العسكري مع سوريا: يكفي الشعب ما يعانيه من الأسد

رغم حساسية الشعب التركي تجاه أي عمل يستهدف بلده أو يبدو أن فيه امتهانا لكرامته أو اعتداء عليه، يبدو الشارع التركي رافضا تماما لفكرة المواجهة العسكرية مع سوريا، «البلد الجار المسلم»، حتى بعد أن قامت دفاعات الجيش السوري بإسقاط الطائرة الحربية التركية أثناء طلعة تدريبية قرب الحدود السورية.
لا يرفض الشارع التركي فقط خيار المواجهة بين جيشي البلدين الجارين، اللذين تربط بين شعبيهما أواصر قربي، إنما أيضا يرفض، في اتساق لافت مع حكومته وجيشه، فكرة التدخل العسكري الدولي ضد سوريا لإسقاط نظام بشار الأسد، على غرار ما حدث من حلف شمال الأطلنطي (ناتو) في ليبيا، وإن كان يؤيد إسقاط النظام بشكل عام.
«المصري اليوم» رصدت آراء الشارع التركي تجاه التوتر الراهن بين البلدين وموقفه من العمل العسكري ضد سوريا. ففي الوقت الذي عقدت فيه قمة أمنية طارئة في أنقرة، على خلفية الحشود الهائلة في الجبهتين، أعرب «تولجا أونال»، وهو من مدينة اسطنبول، عن تأييده لسياسة ضبط النفس واستبعاد خيار المواجهة مع سوريا. وأضاف تولجا: «نحن والسوريون أشقاء، نتابع على مدى عامين الآن ما يعانيه هذا الشعب من ظلم على يد حاكمه بشار الأسد وجيشه، لكن أي عمل عسكري لن يدفع ثمنه سوى الشعب السوري نفسه».
وأيد أحمد طاش، من سكان محافظة هطاي الحدودية التي تأوي مخيمات اللاجئين السوريين، عدم الرد العسكري على ما قامت به سوريا من إسقاط للطائرة العسكرية التركية، قائلا «نرفض أن نقاتل إخواننا المسلمين في سوريا، ونرفض أن نزيد معاناة الشعب السوري الذي يعاني من حاكمه ونظامه».
وتابع طاش: «نحن هنا في هطاي لنا أقرباء في حلب وغيرها من المدن السورية. لا أتصور أن تقوم حرب بيني وبين قريب لي. أؤيد موقف الحكومة التي أعلنت رفضها المواجهة مع سوريا، وأؤيد أن تعمل تركيا مع المجتمع الدولي على فرض الحصار على نظام الأسد، لإجباره على التنحي حتى يعيش الشعب».
في المقابل، وبحسب أحدث استطلاع للرأي في تركيا، أجراه مركز البحوث السياسية والاجتماعية حول الشأن السوري، أبدى 67 % القيام بتدخل عسكري ضد سوريا، وأيد 58 % اتخاذ تدابير دولية لفرض الحصار على نظام الأسد وإجباره على التنحي.
وقال محمد فاتح، الباحث في مجال العلوم السياسية بجامعة أنقرة، إن هذه الاستطلاعات، تتدخل بشكل كبير في صنع القرار في تركيا وتلجأ لها الحكومة التركية بين الحين والآخر، في كل موقف تحتاج فيه إلى رصد توجهات الشعب نحو قضية معينة. وكان هذا الاستطلاع قد أجري بناء على طلب من رئيس الوزراء رجب طيب أردوجان.
وأضاف فاتح أن موقف الشارع التركي تجاه سوريا ينطلق في الأساس من اعتبار سوريا «دولة جارة وشقيقة ومسلمة»، وأن الشعب السوري يتعرض لظلم كبير، والحكومة التركية يجب أن تقف إلى جانبه وليس إلى جانب الأسد. وأضاف أن هذا هو ما أدى إلى تحول موقف أردوجان نحو دعم المعارضة السورية بعد أن وصلت علاقاتها مع النظام السوري قبل الأزمة في سوريا إلى أعلى درجات التوافق.
وأعرب «آرول تونجاي»، من مؤيدي حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، عن اعتقاده بأن حكومة «العدالة والتنمية» ارتكبت أخطاء في رسم سياستها تجاه نظام الأسد الديكتاتوري منذ البداية. وقال «كان عليها اتخاذ موقف واضح منذ البداية على غرار موقفها من الرئيس المصري السابق حسني مبارك، حيث سارع أردوجان إلى مطالبته بالتنحي».
ومع ذلك، يضيف تونجاي أنه «لا يمكن قبول فكرة التدخل العسكري ضد سوريا، لأن في ذلك خطر على المنطقة كلها بما فيها تركيا. كما نرفض المواجهة بين الجيشين التركي والسوري، لكن من حقنا بالطبع اتخاذ جميع التدابير لحماية حدودنا».
الرأي نفسه أيدته زينب أيدوغان، الطالبة بجامعة الشرق الأوسط بأنقرة، والتي أكدت رفضها التام لأي عمل عسكري في سوريا، سواء من تركيا أو المجتمع الدولي لأن الضحية – برأيها - ستكون الشعب السوري، الذي يعاني بالفعل ظلم نظامه.