للشهر العاشر علي التوالي يرفض مؤشر الأداء الاقتصادي في تايوان الخروج من منطقة الركود الاقتصادي, لتقع تايوان اأحد النمور الآسيوية ضحية جديدة للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد العالمي. بسبب أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو, واستمرار تباطؤ الاقتصاد الأمريكي والصيني والياباني. فقد أصبحت المعجزة الاقتصادية التايوانية التي كانت مسار حديث العالم في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في مفترق طرق مع فشل الحكومة الحالية في وضع حل لمواجهة تفاقم الوضع الاقتصادي للبلاد وسط غضب شعبي عارم. فمن بين أهم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تايوان في الوقت الراهن هي تراجع معدل الصادرات التي تعتمد عليها كمحرك رئيسي للاقتصاد, ففي أغسطس الماضي تراجعت الصادرات بنسبة4.2% بعد انخفاض استمر ستة أشهر متواصلة, ويرجع ذلك إلي أن أكبر الشركاء الاقتصاديين لتايوان, وهم الولاياتالمتحدة والصين واليابان, الذين يعانون من تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي يغذيه تأثرهم بأزمة منطقة اليورو التي تعصف بأوروبا. وتشير أحدث الإحصائيات الحكومية إلي ارتفاع معدلات البطالة في تايوان لتصل إلي4.31% في يوليو الماضي وذلك مع استمرار تدني الأجور, وارتفاع التضخم بنسبة3.42% الشهر الماضي وهو أعلي مستوي للتضخم تشهده البلاد منذ أربع سنوات.وخلال أغسطس الماضي أيضا بقي مؤشر الحكومة لوصف حالة الاقتصاد عند اللون الأزرق الذي يعني منطقة الركود الاقتصادي وذلك للشهر العاشر علي التوالي وهي فترة تزيد عن عدد المرات التي أضيء فيها الضوء الأزرق خلال فترة الأزمة المالية العالمية ما بين عامي2008 و2009. تردي الأوضاع الاقتصادية كان له تداعياته السياسية, حيث لم يجد الرئيس التايواني ما يينج جيو مفرا من تصاعد الغضب الشعبي من سوء الأحوال الاقتصادية وارتفاع الأسعار, سوي منح رئيس الوزراء سيان تشين مهلة شهر واحد فقط لتحسين الوضع الاقتصادي, وهو ما وصفته الصحيفة بأنه أمر سخيف لأن رئيس الوزراء تولي منصبه منذ سبعة أشهر لم يستطع خلالها تحسين الوضع, فكيف يتسني له تحقيق ما لم يستطع انجازه في سبعة أشهر, خاصة في ظل تلك الأجواء التشاؤمية المخيمة علي الاقتصاد العالمي. وأشارت تقارير صحفية إلي عجز الحكومة الجديدة عن حل بعض الخلافات الداخلية, مثل قضية الحد الأدني للأجور التي أسفر الخلاف حولها إلي استقالة وزيرة العمل الجمعة الماضية, بعد رفض الحكومة رفع الحد الأدني للأجور خلال العام المقبل. بل أن رئيس الوزراء سيان تشي نفسه نجا من اقتراع بسحب الثقة في22 سبتمبر الحالي, قدمته الأحزاب المعارضة بدعوي فشل حكومته في تقليص التضخم وخفض معدلات البطالة, حيث أنقذته الأغلبية التي يتمتع بها الحزب الحاكم في البرلمان. ويري الخبراء أن أي حل سريع لعلاج أزمة البطالة في تايوان سيكون حلا قصير المدي, مثل ذلك البرنامج الذي وضعته الحكومة عام2010 والمعروف باسم "22 كيه" والذي كان يوفر دعما حكوميا بمقدار22 ألف دولار تايواني شهريا للشركات التي توظف الشباب حديثي التخرج لفترة مؤقتة توصف بأنها فترة تدريبية. فإن كان هذا البرنامج قد سمح بخلق فرص عمل لفترة قصيرة فإنه لن ينجح في حل مشكلة البطالة طويلة الأجل التي يواجهها جيل كامل من شباب تايوان.... والسؤال الآن هو هل ستتحرك الحكومة التايوانية ليستعيد النمر الآسيوي قوته أم ستظل تايوان رهينة الأزمات الاقتصادية العنيفة التي تضرب العالم منذ أكثر من أربع سنوات.