أنهى الاسبوع الاقتصادي الماضي تعاملاته بين صد و ردّ، فقد اتفقت الأحزاب اليونانية الثلاثة الرئيسية المشاركة في الحكومة على برنامج إصلاح لتخفيض العجز في الميزانية العامة، و من المقرر بحلول بداية الأسبوع الجاري أن تتم المصادقة على هذه البرنامج من قِبل البرلمان لكي تضمن الحكومة الحصول على حزمة الانقاذ الثانية التي من المقرر أن يواقف عليه وزراء مالية منطقة اليورو يوم الاربعاء القادم، وهو يوم حماسي جداً بين بيانات النمو من منطقة اليورو و تقرير التضخم من البنك المركزي البريطاني. أن حصول اليونان على الموافقة لخطة الانقاذ الجديدة بقيمة 130 مليار يورو مشروط من وزراء مالية منطقة اليورو بمصادقة البرلمان اليوناني على السياسات التقشفية الجديدة التي لقيت رفضا شديدا من الشارع و أثارت فوضى كبيرة، فقد صرح الحزب اليميني بنهاية الأسبوع الماضي بأنه لن يصوت على التخفيضات العميقة في الإنفاق العام التي طالبها وزراء مالية منطقة اليورو لضمان حصول اليونان على الحزمة الثانية للانقاذ. يشكل حزب لاوس الوطني أقلية في البرلمان(16 مقعد في البرلمان اليوناني الذي يتضمن حوالي 300 مقعد) ، و من المقرر أن يقوم البرلمان بالمصادقة على خطط التقشف قبل بداية تعاملات الأسبوع الجاري، فقد طالب وفد "الترويكا" الممثل لصندوق النقد الدولي، البنك المركزي الأوروبي، والإتحاد الأوروبي من اليونان بضرورة تخفيض الحد الأدنى للأجور 22%، بالتزامن مع خفض معاشات التقاعد 15%، أيضا تسريح 15 ألفا من العاملين في القطاع العام خلال عام 2012. قام وزراء مالية منطقة اليورو خلال الأسبوع الماضي بتأجيل الموافقة على خطة الإنقاذ الثانية حتى تثبت اليونان بأنها تستحق الحصول على المساعدات و طالب الوزراء المزيد من الاجرءات التقشفية، و أعطى وزراء مالية منطقة اليورو اليونان مهلة اقل من اسبوع لتلبية مطالبها باتخاذ المزيد من التدابير التقشفية الصارمة و توفير 325 مليون يورو اضافية من المدخرات في الميزانية قبل منحها خطة إنقاذ ثانية التي هي بامس الحاجة اليها. من المقرر ان يعقد وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعا يوم الاربعاء في 15 شباط/فبراير للموافقة على قرض الانقاذ الثاني بقيمة 130 مليار يورو من المساعدات التي وعدت المفوضية الأوروبية بتقديمها لليونان في تشرين الاول/اكتوبر، كما سيناقشون خطة ضخمة لتخفيض قيم السندات التي تعتبر قياسية على المستوى العالمي. تتسلط الأضواء الأسبوع الجاري أيضا على بيانات النمو من منطقة اليورو خلال الربع الأخير من العام الماضي، و من المتوقع أن تظهر هذه البيانات انكماش سواء في ألمانيا أو منطقة اليورو ، و ذلك نتيجة مباشرة لتفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو إلى جانب السياسات التقشفية الصارمة التي أقرتها الاقتصاديات الأوروبية و التي شلت عصب الاقتصاد في منطقة اليورو. و هذا ما دفع البنك المركزي الأوروبي في الاجتماع الاخير لابقاء سياسته النقدية كما هي دون تعديل، خاصة مع دخول المنطقة في ركود اقتصادي طفيف و التوقعات بالوقوع بركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري. أما عن الحدث المهم من المملكة المتحدة خلال الأسبوع القادم ، فهو تقرير التضخم البريطاني الأول خلال 2012 و الذي سوف يطلعنا عن التوقعات المسقبلية للنمو و التضخم في الأراضي الملكية، بعد أن قام البنك المركزي خلال برفع برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه على مر الثلاثة أشهر القادمة ليصبح البرنامج عند 325 مليار جنيه دعماً للاقتصاد الذي وقع في ركود اقتصادي طفيف و من المتوقع أن يقع في ركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. أما عن التوقعات المستقبلية للنمو من البنك المركزي البريطاني، فقد يقوم البنك بتخفيض توقعاته، خاصة مع أداء الاقتصاد خلال الربع الأخير من العام الماضي، و على الرغم من عودة قطاع الصناعة, الخدمات , و البناء لدائرة النمو الاقتصادي خلال الشهر الماضي و الذي يقلص احتمالية ركود اقتصادي ثاني، و لكن تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو مع التوقعات بوقوع الاقتصاد اليوناني في خطر العجز المؤقت عن سداد الديون كلها معطيات تجعل من احتمالية تفادي المملكة من وقوع في ركود اقتصادي أمر صعباً. بالنسبة لمعدلات التضخم ، فأشار البنك المركزي مرارا و تكرارا أن معدلات التضخم المرتفعة تتأثر بعوامل مؤقتة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة و الأغذية عالمياً، و تباطؤ مسيرة النمو العالمية التي تؤثر على الصادرات البريطانية، و الخطة التقشفية المطبقة في المملكة و التي تضمنت رفع الضرائب إلى مستويات مرتفعة جداً، ويتوقع البنك بأن تعاود معدلات التضخم انخفاضها خلال الفترة القادمة و هذا ما دعم قرار البنك الأخير برفع برنامج شراء الأصول. عزيزي القارئ، أسبوع اقتصادي تتسلط فيه العيون على يوم الأربعاء الذي سوف يرسم الاتجاه العام للأسواق، و كلنا امل بأن تنتهي المماطلات الأوروبية و تحل أزمة الديون اليونانية خاصة و أن أول موعد استحقاق للديون في 20 من شباط الجاري، لذلك الأعين ستبقى على تطورات أزمة الديون اليونان.