شريف الغمري: فجأة قفزت الذكريات القاسية إلي أذهان البرازيليين مع قيام لجنة تحقيق بإعادة فتح ملف أعمال القمع والتعذيب التي إرتكبت ضد الشعب البرازيلي أثناء فترة الحكم الديكتاتوري الذي استمر حوالي20 عاما من عام1964 وحتي عام.1985 ويتساءل الكثيرون الأن هل يتم فعلا محاكمة قادة هذه الفترة الذين مازالوا علي قيد الحياة بتهمة ممارسة التعذيب والقمع لشعب البرازيل. ومن بين ملفات التي تنظرها اللجنة قضية فتاة تدعي إيتسلا, وهو الإسم الحركي لها, والتي كانت طالبة في كلية الطب في ذلك الوقت, وإنضمت إلي إحدي جماعات حرب العصابات ضد النظام الديكتاتوري, إلي أن ألقي القبض عليها عام1970, وقضت في السجن ثلاث سنوات تعرضت فيها لأبشع أنواع التعذيب ومنها الصدمات الكهربائية وتعليقها من قدميها ورأسها لأسفل وهي عارية وضربها بالعصي أثناء ذلك. هذه الفتاة هي في الحقيقة ديلما روسيف(64 عاما), التي انتخبت العام الماضي رئيسة للبرازيل خلفا للرئيس لولا دي سيلفا. وتحرص روسيف منذ إنتخابها علي عدم الظهور في صورة الضحية ونادرا ما تتحدث عما تعرضت له من تعذيب, وإن كانت قد دعت إلي الكشف عن خفايا فترة حكم الديكتاتورية العسكرية في البرازيل. وكشف تحقيق نشرته صحيفة هيرالد تريبيون الدولية من ريو دي جانيرو, عن تفاصيل إنضمام روسيف في شبابها إلي جيش الطليعة الثوري, وهو تنظيم لحرب العصابات ضد النظام الديكتاتوري في ذلك الوقت, وبعد إطلاق سراحها من السجن إنتقلت إلي مدينة بورتو أليجري في جنوب البلاد حيث كان زوجها في ذلك الوقت كارلوس فرانكلين يمضي عقوبة السجن لإتهامه بالتخريب, وهناك إستكملت روسيف دراستها في الإقتصاد بعد أن حال الإعتقال دون إستكمالها دراسة الطب. وفي عام1976 قررت روسيف التفرغ لعالم السياسة, وتبنت سياسات الإعتدال والدفاع عن الفقراء وأصبحت الساعد الأيمن للرئيس السابق لولا دي سيلفا الذي لم يدخر جهدا لضمان فوزها بمنصب الرئاسة خلفا له. ومنذ بداية حكمها بدأت تظهر بصماتها في حل المشاكل القائمة في البلاد وإستكمال النجاحات التي كان قد حققها دي سيلفا في الإنتقال بالبرازيل إلي مرتبة الدول المتقدمة إقتصاديا, والتي تضمنت برامج ناجحة في تحقيق العدالة الإجتماعية للشعب. ويري المراقبون أن السياسة التي تتبعها روسيف تؤكد أنه لا توجد لديها رغبة في الإنتقام.