تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    "القومي لذوي الإعاقة" يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    عاجل- مدبولي: مشروعات «حياة كريمة» تُحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمات بقرى شبين القناطر    "اليونيسف" تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة    ترامب يهدد أمريكا اللاتينية بشن ضربات برية «قريبا»    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: انهيار 13 منزلًا وغرق 27 ألف خيمة بسبب المنخفض الجوي    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى مع اقتراب نوة الفيضة الصغرى    القبض على سيدة ورجل بتهمة إلقاء جثة طفلة حديثة الولادة داخل عقار بشبرا الخيمة    ضبط 419 كيلو مخدرات و193 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    القومي للمسرح" يطلق الدورة الأولى لمسابقة علاء عبد العزيز سليمان للتأليف    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج وتعزيز جودة الأمصال واللقاحات    الصحة و«يونيسف مصر» تبحثان اعتماد خطة تدريب شاملة لرعاية حديثي الولادة    شتاء الألبان يكشف الحقيقة: إنتاج قياسي يطيح بالأسعار… والمنوفي يعلنها بالأرقام    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    ارتدوا الشتوي.. الأرصاد للمواطنين: لن يكون هناك ارتفاعات قادمة في درجات الحرارة    وفاة عروس اختناقا بالغاز بعد أسابيع من زفافها بالمنيا    الحالة المرورية اليوم السبت.. سيولة بالقاهرة والجيزة    حريق يلتهم أتوبيس في كفر الشيخ دون إصابات.. صور    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    ترامب يرسل موفده إلى برلين للقاء زيلينسكي ومسؤولين أوروبيين بشأن أوكرانيا    السياحة والآثار توضح الحقائق بشأن ما أُثير مؤخرا حول المتحف المصري الكبير    بعد إصابته بالصليبي.. ارتباك في الأهلي بسبب يزن النعيمات    دونجا يكشف سر نجاح بيراميدز    آخر مستجدات تطور العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية بقيادة السيسي وماكرون    رئيس الوزراء يتفقد مكتبة مصر العامة ومستشفى شبين القناطر المركزى    وزارة العمل: تحرير 463 محضرا لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    بيت الطين يتحول إلى قبر بالدير.. مأساة أسرة كاملة فى جنوب الأقصر    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتلقى هزيمة مذلة أمام أنجيه بالدوري الفرنسي    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    افتتاح أيام قرطاج السينمائية بفيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن مارى جاسر    صرف مساعدات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر الإثنين المقبل    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    معرض جدة للكتاب ينظم ندوة عن تحويل الأحداث اليومية البسيطة إلى قصص ملهمة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    مقررة أممية: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل وداعموها    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف أفريقيا    حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدة قعيدة أثناء معاينتها شقة للايجار بمدينة نصر    " سلبيات الأميّة الرقمية وتحديات الواقع ومتطلبات سوق العمل ".. بقلم / أ.د.أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي.. إستشاري إدارة أعمال وإدارة موارد بشرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    ليتشي يتخطى بيزا بهدف في الدوري الإيطالي    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نوح الحمام».. وفن استلهام التراث
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 06 - 2019

فارق كبير بين استلهام التراث الشعبى والسطو عليه.. فهناك من يستبيح سرقة التراث الشعبى ويضع اسمه على أعمال أدبية لم يبدع فيها حرفا واحدا باعتبارها بلا صاحب أو مجهولة المؤلف!!.
أما الاستلهام من التراث فهو أن يعجب المبدع بفكرة ذات أصل تراثى ويستخدمها فى بناء نسيجه الفنى الخاص الذى يحمل بصمته وملامح أسلوبه.. ولعل من أفضل الأمثلة على الاستلهام الراقى المحترم مسرحية نوح الحمام للكاتب والمخرج أكرم مصطفى.. والذى اختار أن يبنى مسرحيته على فكرة البطل الشعبى الخارج على القانون.. والذى يفرض العدالة بقوة ذراعه ويسرق الأغنياء ليعطى الفقراء..
ويصبح فى نظر العامة والبسطاء بطلا خارقا تنسج حوله الأساطير مثل روبين هود وزورو فى الأدب العالمى وأدهم الشرقاوى وعلى الزيبق فى الأدب الشعبى المصرى والعربى.. وربما بعض حكايات جحا تحمل أيضا هذا الطابع مع استبدال عنصر القوة بالذكاء والحيلة.. بطل نوح الحمام الغائب الحاضر فى كل تفاصيل العرض هو الشاب وطنى الذى يتحاكى أهل قريته عن شجاعته وإقدامه واستهانته بالخطر، كما تتحاكى النساء عن وسامته وفحولته وتأثيره عليهن..
ولا أدرى على وجه اليقين هل قصد أكرم مصطفى من الاسم الدلالة على الوطن الذى كان غائبا فى فترة من الفترات.. المهم أن وطنى الذى يدور حوله العرض المسرحى لا يظهر أبدا.. وإنما هو محور الأحاديث ومن خلالها نتعرف على الشخصيات السبعة أبطال العرض.. وقد قسم المخرج خشبة المسرح إلى ثلاثة أقسام مستخدما بؤر الإضاءة التى أبدع فيها الفنان عمرو عبد الله ببساطة وبإمكانيات محدودة ليؤدى المعنى المقصود فى كل مشهد..
وقام الفنان فادى فوكيه بعمل ديكور شديد البساطة والذكاء لمنزل وطنى فى اليمين وحانة الساقى فى اليسار وراكية الشاى أمام الدوار فى المنتصف واستخدم عناصر بسيطة وقليلة التكاليف لكنها أوحت بالأجواء على أفضل وجه.. كما ساهمت موسيقى محمد حمدى رؤوف وأغنيات أحمد حمدى رؤوف وفاطمة عادل فى إعطاء الجو الملحمى لحكايات الجنوب وزرع لحظات التوتر والانتقال من مكان لآخر وأتمت الصورة الأزياء الجميلة المستوحاة من بيئة الجنوب والتى صممتها شيماء محمود اسماعيل..
ونأتى إلى عنصر التمثيل وهو أهم عناصر ذلك العرض الفنى الراقى حيث قدمت سوسن ربيع دور أم وطنى المرأة الصعيدية القوية أو الكبيرة كما يعتاد أهل الجنوب أن يلقبوا نساءهم الناضجات.. وهى سيدة الدار التى تتحكم فى زوجة ابنها ولا مانع من أن تعطى مساحة من الإنصات والحنان لعشيقته فى الخفاء.. بل وتساعدها وتهديها قارورة عطر من النوع الذى يحبه ابنها..
ولا تقدر امرأة فى الدار على عتابها أو مراجعتها.. فهى مصدر القوة والحنان وهى التى تقرر ما الذى يجوز وما الذى لايصح.. مساحة كبيرة من النضج الفنى اكتسبتها سوسن ربيع التى أطلت علينا فى بداية حياتها الفنية كابنة لفؤاد المهندس فى مسرحية «إنها حقا عائلة محترمة» لتزامل الأستاذ وشويكار وأمينة رزق ومحمود الجندى فى عرض واحد ثم تغيب عن الأضواء فترة وتعود إلى خشبة المسرح بقوة وحضور كبير.. وقدمت نشوة اسماعيل دور الزوجة وديدة التى يحمل اسمها أيضا دلالة على رقتها وضعفها ووداعتها فهى الزوجة المخلصة المحبة التى تدلك أن جمالها ومنبتها الطيب لا يكفيان للاحتفاظ بقلب وجسد وطنى لها وحدها وأن جارتها اللعوب تنافسها فى قلب زوجها وكأى امرأة بسيطة من الريف ترى الاستعانة بالسحر والشعوذة للاحتفاظ بزوجها أمرا مشروعا..
وعند الضرورة تتحول إلى نمرة مفترسة تكيل اللعنات لعشيقة زوجها.. أما إيناس المصرى فقدمت شخصية العشيقة الواثقة من جمالها وتأثيرها على وطنى والتى تحاول الكيد لزوجته والتقرب من والدته لعلها تحظى بدور شرعى أو على الأقل تفوز به بعضا من الوقت وتكيد منافستها.. وقد استطاعت إيناس أن تمسك بالملامح النفسية للشخصية وتؤديها بكل براعة دون أى ابتذال أو خروج على تقاليد المسرح المحترم.. وهى بالفعل ممثلة من طراز رفيع قدمت مع نشوة إسماعيل مباراة رائعة كان الفائز فيها هو الجمهور..
وقد ضم الديكور الثانى أكرم مصطفى مخرج ومؤلف العرض والذى لعب دور الرجل الضعيف المطالب بأخذ الثار من وطنى مع علمه بأنه يقل عنه فى المهارة والقوة والسرعة فى استخدام السلاح.. وهو ينتظر أمام الدوار بصبر لعله يشفى غليله أو يموت حرا أفضل من أن يعود لداره يحمل عار وخزى ترك الثأر وفقا لمفاهيم أهل الجنوب.. ولعب أحمد مجدى دورا شديد الطرافة والجمال لرجل أخرس يروى الحكايات عن قوة وفروسية وطنى.. ولا نتبين من حديثه إلا مقاطع من كلمات تظهر أن وطنى ذات يوم قتل أربعة «نوبة واحدة» ورغم اختلاج لسانه إلا أنه استطاع التعبير بجسده ووجهه ليعطى الشخصية ملامح قوية من دم ولحم..
أما الديكور الثالث فضم بطل العرض الفنان المبدع ياسر عزت الذى يلعب دور رجل القانون الضابط القاسى الذى يضطر لاستخدام القوة لأن الواقع يفرض عليه ذلك وهو فى الحانة يشرب الخمر بشراهة ثم يكتشف أنه يريد أن ينسى ضعفه وتخاذله عن أداء واجبه وهزيمته أمام ذلك الشاب حتى فصل من عمله..
ولكنه لا يستطيع أن يواجه المجتمع بأنه قد صار ضابطا مفصولا وضاعت من يده قشرة القوة التى يظهر بها أمام الناس وقام إبراهيم البيه بدور الساقى الذى يجاذب الضابط المفصول أطراف الحديث ومن خلاله نتعرف على ملامح القصة.. نوح الحمام حالة فنية خاصة يقدمها مسرح الطليعة مستكملا دوره الحيوى فى تقديم نماذج مختلفة وراقية من فنون المسرح الشبابى وهى نوعية عروض تستحق أن تستمر لأكثر من ثلاثين ليلة مثل «روح».. «وكأنك تراه».. وغيرها من التجارب الفنية الناضجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.