تطورت كثيراً أساليب جذب الزبائن للسلع والخدمات باهظة الأسعار، وابتكرت بعض شركات التسويق العملاقة طرقاً تتوجه بها إلى الجمهور المُستهدَف مباشرة، ولا تبدد وقتها مع الجماهير العريضة التى لا قدرة لها على هذا الاستهلاك. وهذا ما يعرض له فيلم (عائلة جونز) حيث تنتقل العائلة للعيش فى ضاحية أمريكية مما يقطنها الأثرياء ومن يحبون أن ينالوا سمعة أنهم أثرياء، وتحكم هؤلاء جميعاً عُقَد النزوع الاستهلاكى والرغبة المَرَضية فى استعراض ما يملكون. وينبهر الجيران بالعائلة التى تثير فضولهم، حتى قبل أن تبدأ فى القيام بالدور المرسوم لها من شركة الترويج الكبرى، لأنها، وقبل أى شيئ، تعبر بشكلها الظاهرى عن الأسرة النموذجية: الزوجة فائقة الجمال والأناقة والود والتواضع (قامت بالدور ديمى مور)، والزوج شديد الوسامة صاحب الأعمال التى تدر أموالاً طائلة ينفقها بسخاء على عائلته لتعيش فى أفضل حال مع الإغداق عليهم بالهدايا الثمينة، والابنة والابن فى التعليم الجامعى، ولديهما كل ما يجذب الشباب فى عمرهما..إلخ. ولا يفطن أحد إلى أن العائلة المزعومة مفبركة من الشركة وأن أفرادها لا يعرفون بعضهم بعضاً سوى فى إطار الأدوار المرسومة لهم! ثم تبدأ العائلة فى إقامة العزومات الباذِخة تستعرض ما لديها، فتشتعل رغبة الاستهلاك لدى كل سكان الضاحية، ويسعون جميعاً إلى محاكاة العائلة الجديدة فى امتلاك ما تملك، ثم يتبين أن بعض هؤلاء ليسوا بالثراء الذى يحرصون على إظهاره، فيتورطون فى الاقتراض من البنوك، ويدخلون فى دوامة من التعاسة لعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم المادية، ويصل الأمر إلى أن ينتحر أحدهم! وفى خلفية كل هذا هناك الشركة المشرفة على العملية، التى تتابع زيادة المبيعات فى الضاحية، وتحسب لكل فرد فى الأسرة إنجازه وتمنحه العمولة المتفق عليها، ولا يطرف جفن أحد من هؤلاء بسبب الكوارث التى يتسببون فيها. وبرغم أن الفيلم انتهى بالخاتمة السعيدة حيث يستيقظ ضمير الزوج الوهمى ويقنع زوجته الوهمية بالتوقف، فإن الخطر قائم لأن الشركة باقية وهناك من يتنافسون على العمل فيها بالاشتراك فى عائلات ثرية مفبركة. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب