أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    «كتل هوائية أوروبية تضرب البلاد».. «الأرصاد» تكشف مفاجأة في طقس الغد    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    حفل افتتاح الإسكندرية للفيلم القصير يحتفي بالدورة العاشرة للفيلم القصير    نادية الجندي وفيفي عبده وسوسن بدر ضمن حضور حفل ذكرى تحرير سيناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعزّ الوِلد..
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 06 - 2019

أرق من نسمة وأجمل من ملك وأنعش من ندى الصباح وأطعم من خرطة بغاشة محشوة فستق مسأسأة مغمّسة بعسل خلية نقية بأعلي جبال الكون ملكتها أصدرت فرمانًا بألا يُجمع شهدها إلا من رحيق زهور الجنة وخلاصة ترياق الفردوس.. حبيبتى.. بمعنى حبى الحقيقي المستولي علي كيانى بأكمله المتنازلة إزاء سطوته طوعًا وعن طِيب خاطر وكامل قواّى العقلية والنفسية والوجدانية والشعورية عن كل ما يربطنى بأى آخر غيره.. بوصلتي التي تتجه إليها مقلتىّ ويداي وكرات دمى البيضاء والحمراء وخلجاتى واختياراتى وروحاتى وأوباتى وصدرى بضفتيه وقلبى بأذينيه وفمي بشفتيه ولسانى بدعاء إلى الله ليحفظها من كل سوء.. روحى التي أسلمت لها روحى تقودها منذ لحظة ميلادها كما يحلو لها.. منحة المولى التي طرزّت أيامى بعناقيد النور وأضفت علي مسيرتى معنى السرور.. معشوقتي الناعمة من تنادينى «تعالى» فيغدو كل حرف من النداء أمرًا مقدسًا واجب التنفيذ والاذعان والامتثال والتلبية والتبجيل والتهليل والتعظيم والتفعيل والإسراع والاندفاع والالتزام وإعطاء التمام والتسليم والسمع والطاعة والتوجه للغاية.. للهدف.. للمركز.. للمقصد.. إلى صاحبة الأمر والنهى.. إليها.. مولاتى.. قادمة يا حبّة القلب من جوّه.. سعادتك معاليك سيادتك جنابك سماحتك عظمتك ما عليك سوي الإشارة بأصبعك الدقيق الوردى لأحضر إليك فآتى وقد لملمت ذاتى وعقدت أطرافى لأركع وأُلبى وأؤدى واجبى الذى أملاه قلبي في أن أكون ملك يمين مليكتى وحاكمتى وساريتى ومنارتى ومدينتى وقارتى ودنياى.. الجالسة علي عرش الفؤاد. «احكيلى حدوتة يا تيتّا».. أقعد أحكى أحكى لمّا الحَكى ينضب ويجف اللسان وينحشر أبطال الحكاية ما بين ضروس العقل وملهاة اللهاة، ويتخلل الكلام المتباطئ تهويمة وتنهيدة وكام آه وتسوية ثنية ذراع، وعدل في وضع ورك، وشد قصبة ساق، وطرقعة كام صباع، وتثاؤب وسنان، وشبه سقوط في مغبّة نعاس، لكن عيون الحلوة مستيقظة متوثبة ترقب «التيتا» ولم يزل يقظًا لديها شوق حب الاستطلاع: «وبعدين؟!»... علي الفور جرس انتباه إيذانًا بإيصال ما انقطع من السرد بفروع جديدة في الحدوتة تُنبت بفورية فوق اللسان أشجارًا وأنهارًا وأحداثًا وزهرًا وطيرًا وبلاد تشيل البطل وبلاد تحطه، وهزيمة نكراء لأمنا الغولة، وزواج الشاطر حسن بسِت الحُسن والجمال التى يصعد لها أعالى الجبال، ويعيشوا كلهم في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات من غير تنظيم الأسرة.. «يعنى إيه يا تيتّة تمظيم أسله؟!».. حاجة بتاعة الناس الكبار.. الصغيرين لأ يا تيتّة؟!.. أيوه كده.. يعنى كده وكده يا تيتة.. هو كده يا روحى!! حدوتة كمان يا تيتة؟ زورى وجعنى يا حبِّة عينى.. أجيب لك الدكتور يديك قحنة يا تيتّا!.. اسمها حقنة. لأ اسمها قحنة.. على قولك قحنة قحنة ولا تزعلي..
الرهيفة الرقيقة البسكوتة.. حفيدتى وغرامى وهيامى.. خليكم مطرحى لأجل تستدلوا وتفهموا وتعوا عمق المشاعر المضفرة بالوّد والتراحم والتفاهم والتناغم والاتصال الروحى والغريزى والوراثى والجيناتى ما بينى وبينها.. والدتها أخذتها لسريرها تحكي لها كعادتها حدوتة قبل النوم، وكانت ليلتها عن ذات الرداء الأحمر التي تاهت في الغابة واستقبلها الذئب المارق في ثوب الجدّة.. ومثل كل راوى لحواديت الصغار أنهت الأم موضوعها بالخاتمة المعهودة: «بس وبعدين الديب أكل الجدّة وتوتة توتة فرغت الحدوتة.. ها.. حلوة ولا ملتوتة؟!».. وإذا بالغالية تنفض عن جفونها النوم وتهب في فراشها تحفظ غيبتى صارخة بعصبية بالغة: «لا مش حلوة وملتوتة ملتوتة ملتوتة والديب ماأكلشي الجدّة».. يا حبيبتي.. أبدًا الذئب لن يأكل الجدّة والنوم لن يداعب عيون الصغيرة علي وقع الافتراس وقرقشة العِظام.. ويقولوا لي شوية عقل في حبها.. طيب وأجيب لى عقل منين وهى التي لم تصعد سلم جمل الكلام بعد تخطف السماعة من الناحية الأخرى لتقول لي بزقزقتها الطفولية: «تتّا انت في بيتك. تعالي في بيتى.. بلاس السُعل..».. ووالله بالله تالله ولا لك علىّ يمين يا نور العين لو كان ده رأيك النهائى القاطع الباتر في أمر شغلي وأكل عيشي فلأقدم في اللحظة والتو خطاب استقالة مسببة بأبلغ مبرر إنسانى..
حفيدتى يا عالم عايزانى أتفرغ لها تفرغ الفنان الجاد لمزاولة نشاطه دونما هاجس المرتب، وأنا فنانة ونشاطى عاطفي وعلي أتم الاستعداد للتفرغ لنظم معلقات الغزل في حب الحفيدة.. و..يعنى «السُعل» فيه كل هذا العسل المصفى؟!.. يعنى بالذّمة سُعْلى يحمل لي مثل هذا القدر الهائل من النجاح والفلاح والأمان والسلام وهدوء البال والترويح والترفيه والغبطة والفسحة وكنوز الأرض والجنة ونعيمها والروابى الخضر وقمم السعادة وبلوغ المنتهى للوصول لضحكة براءة مجلجلة تطبع الغماّزة وتضيء في وجه الملاك سنته الضاحكة؟!.. هل «السعل» بهلاكه وغلبه وكسره للعمود الفقري وإضعاف النظر ورفع الضغط ووهن القلب والدَقة الشاردة والحرارة الزائدة والغدّة الخامدة والصفائح الراكدة يهل في طلعِته يجرى ناحيتي يرتمى في حضنى ويأخذنى في حضنه ويضع رأسه علي كتفى ويمسح بيده الدقيقة علي خدى ويمنحنى ثلاثة خمسة عُشرميت قبلة، ويلعب لى في شعرى يسرحه خلطبيس، ويتأرجح علي ساقي، ويضع أصبعه داخل أذنى كى لا أُلبي نداء يأخذنى بعيدًا عنه؟!.. هل يأخذنى «السعل» للنجيل الأخضر ندحرج الكرة ما بين قدم كوتش يلعب ماتش حِبى وحُبى مع سيقان دبت بأولي خطواتها علي الأرض ليلة إمبارح فقط؟!.. سعل إيه الذى ينزع الجدّة من حفيدتها.. الأصل من الفرع.. عودة الابن في الابنة التي اسمها علي اسمه ودمها امتدادًا لمجرى دمائه وجيناتها نسخة لجيناته.. البنت ودود إلي أبعد حد. معجونة حنان. وصاحبة شخصية قوية تتسلل لتأكيد وجودها بنعومة كاريزما، منحها لها رب الخلق، تحقيقًا لدعائى، يارب يا بنيتى يحبب فيكِ الرب والحصى فى الأرض.. تفتح ذراعيها لتحتضن الجميع وكأنها طول عمرها فى اشتياق.. الحضن الذى أتمثله طوال مشوارى إليها. أهبط من العربة بلهفة تتصاعد كالسعير لا أدرى كيف كنت أكبتها قبلها بساعة قبلها بيومين وقبل أسبوعين لا أكون قد رأيتها فيها.. شعورى بأنني سألقاها بعد لحظات يجعل خطواتى الأخيرة إليها عدوًا وجنونًا واندلاقًا وانكبابًا وعلي أهبة سقوط.. درجات السِلم تطويها قدماى الموهنتان، ولفة الدرابزين أتمناها عجينًا رخوًا لأجمعه في كفي ألقيه بعيدًا لأراها مع الاستدارة أعلي البسطة واقفة صغيرة صغيرة دقيقة جميلة نميسة هشة تبتسم بغمازاتها فاتحة ذراعيها لاحتضانى.. آه يانى.. وآه من تأنيبها الصامت عندما أفاجئها في غرفتها دون علم سابق.. تتجاهلنى. تكمّل ما بيدها وكأننى كنت موجودة معها طوال الوقت، ثم لا يطاوعها قلبها علي هذا التجاهل القاسى والعقاب المدمر لأننى لم أطلعها من قبل بقدومى حتى تتأهب لانتظارى، فأجدها فجأة تلقى بكل ما في يديها لتندفع لتحضن ساقى.. آه يانى!!!
الأمس كان مشهودًا في تاريخ وجودي.. حفيدتي اصطحبتها للحضانة لأول مرة.. ابنة الثالثة تنسلخ عن الأسرة الصغيرة لتدخل في ثنايا نسيج أسرة المجتمع الكبيرة، وإن كانت البداية احتكاكًا بصغار في مثل عمرها.. ركبت أكثر من سيارة لعبة في الفناء وكانت تدعونى للجلوس بجوارها، ولم أكن أعلم كيف سأتركها هنا دون رفقتى وأذهب أنا ليكون لي عقل في «السعل»!!.. أخذتها منى الخبيرة المدربة تقودها للعبة جماعية يقفز فيها الصغار بمرح بالغ فوق دائرة جلدية مطاطة محاطة بحوائط واقية من الشِباك.. خلعت لها حذاءها فاستسلمت صغيرتى وهي التي ترفض أن يفرض أحد عليها أمرًا بشأن حرية أقدامها وارتداء أو خلع حذائها.. أدخلتها من فتحة جانبية فانزلقت علي وجهها للداخل زاحفة متساندة كالأرنب بكفيها على الأرض، وإزاء الهزّات المتواصلة مع الآخرين انكفأت بين الأقدام فانخلع قلبي خوفًا علي وجهها وذراعها وبطنها وقدمها وكل فتفوتة فيها، لكنها تشجعت وقامت واقفة وحدها بعزيمة من يدافع عن كرامته ولا يقبل هوان المكوث ما بين الأقدام وانطلقت تقفز لأعلي هى الأخرى.. لكننى أعرفها.. أقرؤها.. دارساها من الألف للياء.. قفزاتها التي تحاول فيها أن تماثل بقية العيال نصفها مجاراة للموقف لتدخل منطقة اللعب لتكوِّن الأصدقاء، ونصفها خوفًا بالغًا من الوقوع مرة أخرى في هوّة المجهول، لهذا راقبتها بعيني صقر وقلب عصفور تتساند علي حوائط الشِباك التي لا تُسعفها كثيرًا فى تأرجحها لكنها تقاوم. تنط وتتساند وتعلو قفزاتها بالتدريج مكتسبة شجاعة أكبر وانسجامًا أكثر مع المحيط المهتز.. لكن نظرتها.. أعرفها.. أدركها.. لم تزل تحمل ذلك الخوف الذى لو كان رجلا أو جيشًا بأكمله لنازلته وأبدته من علي وجه الأرض.. كدت أصرخ في المشرفة أن تُخرجها من اللعبة الجهنمية التي تزلزل أقدامها.. لكنى خرست وتراجعت وابتعدت ونأيت عنها بمشاعر الحرص علي بناء دعائم اعتمادها علي نفسها، بينما صورتها مطبوعة في مخيلتي تقفز وتتساند وترسم ضحكة مزيفة نصفها مرح وأكثرها خوف.. صغيرة.. صغيرة.. حفيدتى.. نسألها.. الحضانة حلوة؟!.. (أيوه).. بتحبيها؟!.. (آيوه).. عايزة تروحي تانى؟!.. (آيوه).. عملت إيه هناك؟.. أنا قلت خلاص.. طيب المِس قالت لك إيه؟.. «قلت لها أنا عايزة كيك قالت خلص».. عندك دلوقت أصحاب (آيوه).. وأعشق المدّة الجديدة التي أضافتها لكلمة (آيوه) والتي استوردتها من الحضانة منذ يومها الأول بها، فأسترجعها مرات ومرات لتعزفها لي «آيوه.. آيوه.. آيوه» وعرفت بعدها إنها مقتبسة من صديقها الجديد في الفصل واسمه وحيد، وعجبت من حُسن تذوق حفيدتي ورهافة سمعها الذي يلتقط النغمة الفريدة حتى فى كلمة «آيوه» بالمد الدخيل من علي لسان وليد الذي ارتبط مع الحِلوة بخيوط ود وأُلفة حميمية عبرت عنها البنية بجملتها الأنثوية: «وليد صاحبى فك التوكة من شعرى».. وأعود أسألها وليد هو اللى فك التوكة يا روحى؟! وأسمعها تقول ال«آيوه» بالمد الوليدي.. إلحق يا ابني بنتك وليد فك شعرها من أول يوم دراسى!!
أثلج صدري وروى عطشي الدائم سؤالها عنى وافتقادها لى.. حبيبتي لاحظت تخلفي عن الذهاب معها للحضانة في يومها الثاني.. ذهبت للسعل وتركت المهمة المقدسة مقتصرة علي والديها، وإن لم أقتصر لحظة في حديثي عنها، ويعذرنى في ذلك كل من ذاق حلاوة الأحفاد، وأقارن موقفى الزاهى الباهى المكلل بالفخار بما جرى لجارتى وحفيدتها عندما ذهبت لتعود بها من الحضانة فهربت منها الصغيرة المكيرة قليلة الأدب باكية صارخة رافضة مما أوقع الجدّة في حرج بالغ خاصة عندما تدخلت المربية فأنكرت الصغيرة معرفتها الكامل بالجدّة وأصرت علي الإنكار أمام جميع القائمين علي الحضانة مما أورثهم الشك في شخصية السيدة واضطرارها للعودة للمنزل لاصطحاب أم الطفلة التي اعتذرت عن شقاوة البنت ولسعتها علي كفوفها: «مش عيب يا بنت تعملي روحك ماتعرفيش ننّاه».. والحمد لله إن حفيدتي من آخر ملعب الحضانة تترك جميع اللِعب والصحاب وحقيبة السندوتشات والترمس وتأتى رامحة ل«تتّاه»..
مهمتي حددتها في الحياة من لحظة ميلادها. أن أكون في خدمتها في معيتها في صفها في جبهتها وحكومتها وحزبها وطوع بنانها.. أن أغدو المرفهة عنها المسلية لها.. أن أكون سميرة الست الريسة ومضحكة الملكة.. وضعت روحي طوعًا وبكامل قواى الذهنية مع سبق الإصرار والترصد في مقام محاميها وعونها وسندها وحائط مبكاها وشكواها وملجئها ومخبئها وساترها وخيمتها وحافظتها وصندوقها وموضع سرها.. عندما تراكمت فوقها الأوامر وتعددت النواهي ومحاذير الصح والغلط، وزاد معدل التهذيب والتأنيب والتهديد بالعقاب ودخل في الموضوع مسألة الجنة والنار، والبنت الحلوة تسمع كلام ماما، والصغيرة المؤدبة تعتذر وماتعملش كده تانى، ولابد من فضلك وباردون ومِرسى وسورى وحضرتك.. و.. و..الكلام الكخ والدح.. ابنة الثلاث سنوات أصبحت محملة بأثقال عقدنا وجهلنا وموروثاتنا وصوابنا وأخطائنا وتربية أجيال متعاقبة تكلست نواهيها وتحجرت مفاهيمها.. و..تصحبني الغالية تجرنى معها للحمام.. اقفلي الباب يا تيتّا.. حاضر ياروحى.. تتأكد بذراعها الشبر من إحكام عملية قفل الباب.. ترفض الجلوس فليست لديها رغبة لقضاء الحاجة.. أتساءل بدهشة عن سبب المحبس الذي اقتادتنى إليه وحدنا فتشير لرأسى لتهبط إلي حيز قامتها لتهمس في أذنى وعيناها تستديران توجسًا في المكان المغلق.. «تتّا إنت قليلة الأدب» ماشي.. «طظ فيكى يا تيتّا».. مقبولة يا روحى.. «إنت كلبة يا تتّا».. مِرسى يا عيونى.. «إنت زفت الطين يا تتّا».. كمان يا حبّة قلبى.. وتكمل الصغيرة إخراج شحنتها بعدها تحيطنى بذراعيها الصغيرتين بحب بالغ وامتنان كبير فقد أفرغت كل ما تراكم بداخلها، واستطاعت أن تنفس فى شخصي كل جديد علي قاموسها الصغير من ممنوعات التقطتها من المسلسلات والشغالات والطريق محظور عليها التفوه به أمام الماما والبابا والضيوف، وهاآنذا بجلالة قدرى «تتّا» أتلقاه بترحاب وأتقبله بنفس راضية دون زجر أو تأنيب أو تلويح بعقاب.. عقاب.. يا خرابى!!.. هل هناك بني آدم خُلق علي وجه البسيطة من حقه أن يعاقب وردة.. أن يقول عيب لأحمر الخدين.. أن يخدش سطح القمر.. أن يقطب جبين الشمس.. أن يزعل الملبن.. أن يهمل الغمازات.. أن يغلق أضواء السن الضاحك.. أن يكفر بالنعمة.. أن يقود دمعة ملاك لخارج المقلتين.. أن يقهر الوداد.. أن يعتم الضياء.. أن يعكر اللبن.. أن يغلق الستار.. أن يسرق النهار.. أن يكئب الحفيد.. ويقولون إن دلع الجدود يفسد الأحفاد.. آيوه.. آيوه.. أنا راضية وقابلة وهاضمة وعارفة وفاهمة وابقوا ربوهم لما يكبروا.. بذمتكم هل هناك أجمل ولا أبهي ولا أفضل ولا أطري ولا ألين ولا أرق علي السمع من لكنة لسان طفل يادوب طالع في الكلام يلملم حروفًا يجمعها علي شفتيه ليشتم جدته.. «إنت غلسة يا تتّا».. غلسة وستين غلسة كمان...
أحبها أموت فيها ليلي ونهارى.. أعشقها تحت الشمس وعلي شط البحر وفوق المرجيحة وبين عرائسها وفي حديقة النادي.. لكن.. حدث ولا حرج بغرامى لها عندما يأتى المساء.. قبل ما تروح حبيبتى في النوم.. يا اخواتى.. عسل.. صغيرة هشة تعبانة مرهقة من اللعب طول النهار داخلة في حضني ما بين الصحوة والغفوة.. تعالي يا تتّا نغنى.. أدندن لها وتقلدنى.. طعمة طعامة.. يا ولاد يا ولاد توت توت تعالوا تعالوا علشان نسمع أبلة فضيلة راح تحكيلنا حكاية جميلة وفريرو جاكو دور مي فو سولالى ماتينو دن دن دون خواجة جامبو وحتة بت بربيها حتة بت بكبرها والمعلقة الصيني انكسرت مني يا مين يربينى علي بابا بعد الضنى لابس حرير في حرير سدد ديونه وبنى له قصر عالي كبير افتح يا سمسم وأنا روانة ياماما أنا روانة فاطمة وعيشة يا ماما مضغوا اللبانة وفاتونى أنا يا ماما في بحر الدوامة ومن الفرع ده آقطف وردة والفرع ده آقطف زهرة الوردة دى بتقول أهلا أهلا والزهرة دي بتقول سهلا سهلا وأهلا وسهلا بكم أهلا وحطّة يا بطّة يا دقن القُطة عم حسن زارع بصل كلته كله وآدى الزير وآدى غطاه وطار في الهواء شاشى وانت ماتدراشي يا جدع ودو رى مى فا صو لا سى أول درس هنحفظ فيه ورايح فين تعالى أما أقول لك أنا تفاحاية وإنت تفاحاية ناكل لمّا نشبع والقشر لأمك وبريللا بريللا بريللاية المرسال جالكم عايزين إيه عايزين نورا تجيبولها إيه نجيب لها بونبون اتفضلوا خدوها.. حفيدتى علي فمها ابتسامة تتركها تتجاوب معي مجاملة بينما جفونها تأخذ في الانضمام.. أى حاجة أغنيها تعيدها ورائى مدغمة مبتورة مكسرة واقعة وسنانة مسخسخة من الانبساط.. إنت كلبة.. إنت حمارة.. إنت جحشوشة.. إنت قطة.. إنت بطة.. إنت نايمة.. طِعمة طعامة!
من يوم ما طلعت زهرة في حياتى أنسي في دخلتهم عليّ من بابي ابني وزوجته وكل من هلّ ببستان الياسمين علي دارى.. لا أرى غيرها.. مركزة ناظرى فى إطارها.. هالتها تباعد كل من في موكبها.. نتلاقى.. نحتضن.. ندخل لأريها وترينى ما أريد وما تريد وأسهو عن الترحيب ولا يهمنى التأنيب.. أدفس روحي في حجرتها طوال زيارتي لبيت ابني.. مرتع الحب الحقيقي الذى يشاركنا فيه الحفيد.. شقيقها ابن السنة والنصف.. طبعًا حبيبى وقرّة عينى هو الآخر الذي يستشعر ولابد ولعى بأخته فيحاول جاهدًا أن يسرق منها الكاميرا مثيرًا انتباهى تجاهه فيحبو تجاه التليفزيون ليمتطى المقعد بمهارة حاذقة ليغلق زرار الشاشة فأصرخ فيه أكثر من مرة، ويبدو أن صراخى يمثل له الانهماك في لعبة ظريفة مسلية فيكرر فعلته، ويموت من الضحك.. ويعطينى أصابعه وآدى البيضة وآدى اللي قشرها وآدى اللى أكلها هَمْ هَمْ ويتصاعد نعيم جنات الدغدغة وتانى تانى.. شقاوة الصبيان.. وندلق ثلاثتنا سبت اللعب علي الأرض فينتشر الحطام يملأ السجادة ويتدحرج إلى الأركان وتحت السرير والكنبة فألقى بعيدًا بساق عروسة كانت فى أوج نشاطها ترقص بالبطارية، وألملم أطباقًا وملاعق وحللا كانت في زمانها مطبخًا وحجرة مائدة هللت لها حفيدتى وقعدت ساعات تقلد أكل وطهى الكبار، ولا يسعنى إلا أن آخذ حفيدي آكله مسخسخًا مكركرًا عندما يلقى بسماعة التليفون اللعبة تجاهنا هزارًا ومقصده مداعبة أخته التى تختبئ خلف ظهرى في لعبة الاستغماية.. ونتقلب ثلاثتنا على الأرض ليدخل في عينى فيل وفي فمى طيارة وتحت ظهرى ترقد عربة مطافى بسلمها المعدني الثاقب، وفوقى ملايكة الرحمن..
ويمضى الحفيد مكملا مسيرة حب استطلاعه التي يريد فيها معرفة السر في حركة ننى عينى بأصبعه، بينما البنت مطلبها تتأرجح فوق ركبتي حج حجيجة لبيت الله والكعبة ورسول الله.. وأنا.. جدة غلبانة مسنة أشكو عرق النسا.. لكنى في بعث جنة الأحفاد ولا بنت عشرين سنة ماشية علي درب حب المصطفي عليه صلاة الله وسلامه للسبطين الحسنيين، من لم يملك نفسه عندما رآهما يرتديان قميصين أحمرين فنزل من فوق المنبر ليضمهما إليه ويضعهما في حجره قائلا: «إنما أموالكم وأولادكم فتنة»، ويظل ساجدًا ويطيل من سجوده لأن الحسن راكب ظهره «لقد ارتحلني فكرهت أن أعجله».. وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين من الحسد بقوله: «أُعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة، ومن كل شيطان وهامَّة»، ويُدخل الحسن أصابعه الطفولية في لحية جده الذي يحمله ليضمه ويقبله قائلا: اللهم إنى أحبه.. فسأله المسلمون عن ذلك الحب الدافق: يا رسول الله إنا رأيناك تصنع لهذا الولد شيئًا ما رأيناك تصنعه بأحد.. قال: «هذا ريحانتى إن ابني هذا سيد، وعسي الله أن يصلح به فئتين من المسلمين».. ونهض النبى حاملا الحسن وسار، فلاقاه رجل قال له: نِعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي: ونِعم الراكب هو، وعندما ولدت الزهراء الحسن والحسين كان اسماهما نغمة حلوة فى فم أبى الزهراء يستعذبها ولا يمل من ترديدها.. ويلقى ابنته وزوجها وقد غلبهما النعاس، والحسن يبكى ويطلب طعامًا، ولا يهون علي الأب الكريم أن يوقظ العزيزين النائمين، فأسرع إلى شاه كانت تقف في ساحة الدار، فحلبها وسقي الحسن من لبنها حتى ارتوى، وإذا ما كان المثل العربى يقول «العرق يمد لسابع جد» فقد كان الحسن الأكثر شبهًا بجده الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الغزالى قول الرسول للحسن «أشبهت خَلْقى وخُلُقى»، وكان يقول لابنته فاطمة معاتبًا إذا ما بلغ مسمعه صوت بكاء الحسن: أو ما علمت أن بكاءه يؤذينى؟! وكان يقول لها: ادعى إلىّ ابني.. فيشمهما ويضمهما إليه، ولا يبرح حتى يضحكهما ويتركهما ضاحكين، وقد يلفهم جميعًا داخل بردته قائلا: «أنا وأنتم يوم القيامة في مكان واحد»، وكان قوله الدائم: «الحسن والحسين ابناى، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة»، وكانت تلك الأبوة الكبيرة للجدّ أعز علي الجميع من أبوة الأب الصغير، حتى تقول فاطمة في ترقيصها طفلها:
وبأبى شبه النبى لست شبيهًا بعلىّ
وفي تاريخ القلم أطلق عميد الأدب الدكتور طه حسين علي حفيدته سوسن من ابنته أمينة لقب «اللمبة الصغيرة» لأنها كانت بمثابة اللمبة المنيرة التى تضيء أفكاره وخطواته، رغم أنه ظل طويلا لا يلتقى بأحفاده إلا من خلال سطور خطابات زوج ابنته أمينة وزير الخارجية السابق الدكتور محمد حسن الزيات الذى كان يطلق عليه اسم «عطية» حيث يقول له طه في إحدى رسائله التي جمعها في موسوعة ضخمة الباحث القدير إبراهيم عبدالعزيز حول أحفاده «سوسن ومني وحسن»: (لقد تركت قراءة خطابك في نفسى آثارًا مختلفة منها ما يملأ القلب حنانًا ورحمة ويشيع فيها شيئا لا أقول من الحزن ولكن من الشوق الحزين، فوصفك لهؤلاء الصغار فى طريقهم إلي ذلك المنتزه يحببهم إلىّ أشد الحب، ويشوقني إليهم أعظم الشوق، ويشعرني في الوقت نفسه بقيمة هذا الوقت الذي أضاعته غربتكم عليّ وعلي سوزان، فهؤلاء الأحفاد ينشأون وينفقون أحب أوقاتهم إلي الآباء والأجداد في بلد ناء أشد النأى، ونحن لا نعلم من أنبائهم إلاّ ما يصل إلينا متقطعًا في كتبكم فيثير في قلوبنا حنانًا لا موضع له، تذهب به الأنفاس والزفرات التي تمر بها رياح الصيف والشتاء، وكان خليقًا أن يتحول إلي قبلات تُطبع علي خدود الأحفاد وجباههم وإلي ألوان من الدعابة والبِر حُرِّمت علينا وأتيحت لكم.. ولتشتركا معًا في تقبيل أحفاد أعرفهم كما أعرف أبطال الأساطير وحقائق ما وراء الطبيعة).. أما نجيب محفوظ فأبدًا لم يذق طعم الجدودية ولم ير في حياته أحفادًا لأى من الابنتين فاطمة وأم كلثوم اللتين رفضتا من الأصل الارتباط، وربما أتى أحفاد نجيب من بعد أبوته للرواية والثلاثية علي شكل قصص قصيرة للغاية وُلدت في فترة النقاهة حيث تشكلت في رحِم الأحلام..
وكمثل صاحب نوبل، لم يذق الكثير من أصحاب القلم متعة اللِعب مع الأحفاد، ولربما أضافوا في حال وجودهم مذاقًا جديدًا حرموا منه فى سطورهم وحرمونا معهم، وكان من بينهم العقاد والحكيم وزكى نجيب محمود ولويس عوض وأنيس منصور.. الخ. وحفيدتى كبرت.. خرطها خرّاط الصبايا.. وكلنا كبرنا.. الصغنونة بقت غادة ممشوقة صلاة النبى أحسن تقول للبدر فزّ قوم وأنا أقعد مطرحك.. مطرحها في القلب مزروع بعناية ربّانية، وكل يوم يطرح على الجانبين فدادين ياسمين ومانجة وتمر حِنة.. حلاوتها الصبية البهية سكر زيادة، ومما يزيد في نِسب العسل النقاوة طبعها الحلو ولسانها الحلو وحنانها الحلو علي اخوانها وصلاتها في أوقاتها، وكونها طالعة لي دودة قراية مما كوّن لديها الآن مكتبة خاصة بعناوين ضخمة فى كافة الأوجه خاصة في علم النفس والاقتصاد وإدارة الأعمال.. ومما يزيد من تقديرى لها وضعها نصائح الكبار موضع التقدير. حتى لو.. حتى إذا لم.. حتى في حالة.. حتي مع الاختلاف.. وإن كان يغيظنى منها فى ذلك الاتجاه الجديد الذى تسرب إلي أجروميتها, ولم يكن علي أيامنا ألا وهو الأخذ في الاعتبار بمسألة الدخول في مناقشة والإقناع والاقتناع وطرح وجهات النظر والحرية الشخصية والتركيبة النفسية والجينات الوراثية وبرج الميلاد وعقم التهديد والوعيد والأغلبية والأقلية والديمقراطية!!.. وكان ربك كريمًا سامعًا مُلبيًا دعائى بأن تكون حفيدتى محبة للإيثار ومراعاة آلام الغير، حتى لقد ثارت وفارت من الإعلان الغبي الذى تقع فيه السقالة الحديد فوق سطح عربة بريئة مركونة فتحطمها فيهتف بطل الإعلان فرحًا: الحمد لله مش عربيتي!!!
الحلوة مشغولة هناك في الخارج وأنا وحدي هنا قاعدة في البيت وفين وفين تبعث لي قلب علي الواتس آب، وساعات ساعات طابورًا من زهور صغيرة لا تكاد تبين، ولما يأخذها مزاجها الحلو ناحية الجدّة ترسل شعارها بالموافقة علي شكل تصفيق صغير بالأكف، وإذا ما أعجبها هزارى ترسل لي وش بيضحك.. بالتكنولوجيا.. أطق.. أطلبها لأسمع صوتها الربانى تقول لي لو تسمحى حضرتك يا تتاه من فضلك تقفى بعيد في ملقف هواء مفتوح خارج جدران الغرفة لأن موبايل حضرتك بيقطّع ويزن داخل الأماكن المغلقة والأسقف ومش سامعة حضرتك كويس واقفلي حضرتك وأنا حاطلب حضرتك من عندى أنا.. آلووه.. سامعانى كويس.. أيوه حضرتك.. خليني أشوفك يا حبّة عينى.. إن شاء الله يا تتاه إيه الأخبار؟!.. الحمد لله.. صحتك؟!.. الحمد لله.. والضغط عامل إيه؟!.. الحمد لله.. وقلبك؟! الحمد لله.. وعينك يا تتاه وحكاية المية البيضاء؟! الحمد لله.. وخشونة الركب؟! الحمد لله.. ورقبتك بتحركيها؟! الحمد لله.. لقيتي نظارتك؟! الحمد لله.. صحيح لقيتيها؟! الحمد لله.. بوسى لي نفسك يا تتاه..... أبوسنى إزاى؟!!!
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.