هل تذكر الإعلام الأجنبى الآن فقط أن هناك قوى خارجية فى ليبيا؟! سؤال سيفشل الجميع فى الإجابة عنه، ولكنه يفرض نفسه، وبخاصة بعد سلسلة من التقارير الإعلامية الغربية المتناقضة حول التغيرات الجارية على الأرض فى ليبيا. من بين هذه التقارير «العجيبة»، يأتى ما ذكرته شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأمريكية بتاريخ 7 مايو 2019 تحت عنوان «المعركة على طرابلس أصبحت صندوق اختبارات للقوى الخارجية»، حيث قالت فيه إن من وصفتهم ب«أنصار المشير حفتر فى ليبيا هم السعوديون والمصريون والإماراتيون»، مشيرة إلى ما ذكره أرتورو فارفيللي، الذى قدمته الشبكة على أنه متخصص فى شئون شمال إفريقيا بالمعهد الإيطالى للدراسات السياسية الدولية من أن حفتر» كان قادرا على إحداث التوافق بين المصالح المختلفة بشدة لكل من الإمارات والسعودية ومصر، والتى يتمثل هدفها الأول فى مقاطعة الحركات الإسلامية، ولا سيما جماعة الإخوان، التى توفر لها قطر وتركيا الحماية». وتابعت الشبكة تقول إنه «ربما لم يكن من قبيل المصادفة أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهى حليف قوى للسعوديين والإماراتيين، تبحث الآن تصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا». ويظهر من خلال التقرير بطبيعة الحال الإصرار على وصف الجيش الوطنى الليبى بأنه «مجرد» قوات حفتر، وكأنه إحدى الميليشيات المتحاربة فى ليبيا، ومحاولة تبرير التطور الاستراتيجى الذى تشهده الأراضى الليبية هذه الأيام فى معركة طرابلس على أنه ناتج عن دعم خارجي، مع التجاهل التام للدعم الخارجى الصارخ الذى تقدمه قطر وتركيا لتنظيمات إرهابية صريحة على الأرض، وأيضا للدور الفاضح الذى قامت به القوى «الخارجية» أيضا، وبخاصة الدول الكبري، فيما حدث لليبيا من فوضى وانهيار، بعد الإطاحة بمعمر القذافى ومقتله، والاكتفاء بمشاهدة مخازن اسلحة وذخائر الجيش الليبى وهى تنهب من قبل جماعات وتنظيمات. يظهر ذلك أيضا من خلال تقرير وكالة «رويترز» يوم 10 مايو 2019 بعنوان «طرابلس تحث ترامب على وقف اعتداءات أنصار حفتر فى ليبيا»، والذى ذكرت فيه الوكالة أن «الحكومة المعترف بها دوليا» فى ليبيا وصفت خصمها المشير خليفة حفتر بأنه «ديكتاتور عسكرى طامح فى السلطة»، وحثت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على وقف الدعم الخارجى لهجومه الذى بدأ قبل نحو شهرين على العاصمة الليبية طرابلس. ونقلت الوكالة عن فايز السراج رئيس تلك الحكومة قوله إن «مساندى حفتر المتحالفين مع واشنطن يحولون ليبيا الآن إلى ميدان قتال بالوكالة، بما يحمل بين طياته مخاطرة بنشوب حرب ذات تداعيات عالمية، وزيادة أعداد المهاجرين إلى أوروبا»، بحسب تعبيره، ونسى السراج، ونسيت «رويترز» أيضا أن ليبيا بالفعل ميدان قتال بالوكالة منذ عام 2011، ولم تكن ميدان قتال بالوكالة على يد حفتر وحده، والآن، كما تجاهل الاثنان أيضا أن من يدافع عن العاصمة الليبية موجود فيها بدعم خارجي. ونلاحظ أيضا إصرار كل من «سى إن إن» و«رويترز» على استخدام مصطلح «قوات حفتر» و«أنصار حفتر»، دونما أى اعتراف بالجيش الوطنى الليبي، مع الاعتراف بمجموعة الميليشيات والمرتزقة المدعومين خارجية الذين يدافعون عن طرابلس، وذلك فى إطار محاولات الإعلام الغربى لمنع ظهور قوات مسلحة وطنية تصحح الأوضاع فى ليبيا، بعد أن اتضح أن الجيش الوطنى هو العامل الأساسى وراء الحفاظ على دول المنطقة المطلوب انهيارها.