تعدد الزوجات في الإسلام موضوع كثيرا ما يثيره الإعلام الغربي ودوائر الفكر والثقافة لرمي الإسلام ورسوله الخاتم صلي الله عليه وسلم بالتهم الباطلة, وهنا يثور التساؤل: إذا كان نبي الإسلام والرحمة شهوانيا- في نظر الغرب- فلماذا يأمر بستر كل ما يفتن الإنسان في جسد المرأة ولماذا تأمر رسالته بذلك ولماذا لا يقتصر في تعدده علي الأبكار فقط؟ وهل كانت رسالة النبي صلي الله عليه وسلم بدعا في التعدد عن سابقاتها من الرسالات؟ هذه الشبهة يفندها الباحث الإسلامي محمود عبد العزيز راضي الباحث بكلية دار العلوم بالقاهرة, صاحب موسوعة الرسول الخاتم للرد علي شبهات الغرب ضد النبي صلي الله عليه وسلم, مشيرا إلي أن لكل زواج من زيجات الرسول سببا اجتماعيا أو سياسيا أو دينيا, فقد تزوج السيدة الطاهرة زينب بنت جحش لإبطال بدعة التبني, كما أنه صلي الله عليه وسلم أراد مصاهرة بعض أصحابه لتقوية العلاقات الدعوية بينهم وبينه وليكونوا عونا له علي تبليغ الدعوة والرسالة ونقل أقواله لأمهات المؤمنين. ولهذا تزوج السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب والسيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها. كما أن طبيعة الدعوة اقتضت تزوجيه من أمهات المؤمنين, حيث كان رحيما وبارا بمن فارق أهله ولهذا تزوج من السيدة سودة بنت زمعة نظرا لوحدتها ووحشتها ولم تكن ذات جمال أو مال وكانت سنها في ذلك الوقت ستا وستين عاما. كما كانت كل عشائر العرب وقبائلها بمن فيها من النساء يرغبون أن يكون لهم نسب ومصاهرة مع النبي صلي الله عليه وسلم, فهذا أبو سفيان بن حرب لما بلغه نكاح النبي لابنته أم حبيبة قال عنه: ذاك الفحل لا يقرع أنفه أي أنه كفء كريم لا يرد. كما أن النبي المصطفي لم يعدد الزواج في فترة الشباب التي تمتليء بالحيوية بل عدد عندما بلغ من الكبر عتيا وهي فترة يعزف فيها الشيوخ عن الشهوة الجنسية.. إذن..نستنتج من كل هذا أن ثمة دوافع إنسانية وأخلاقية واجتماعية وتعليمية كانت وراء هذه الزيجات. أضف إلي ذلك أن تعدد الزوجات لم يكن من ابتكار الرسول الخاتم; بل كان هذا التعدد قائما وبدون تحديد أعداد من الزوجات بين أنبياء العهد القديم منذ إبراهيم الخليل عليه السلام. ويبين محمود راضي أن تعدد الزوجات كان عند العرب والأمم الأخري قبل أن يبعث الرسول لكن دون ضوابط أو تحديد; فلما بعث الرسول الخاتم قيد القرآن الكريم المنزل عليه الزواج بعدد معين. فيباح للرجل الزواج بواحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع بشرط العدل ولهذا قال عزوجل:وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة. وإذا قارنا بين تعدد الزوجات الظاهر والمقيد في الإسلام وتعدد الزوجات الغربي السري, لتبين لنا أن تعدد الزوجات في الإسلام أرحم وأفضل بكثير مما هو موجود في العالم الغربي; حيث إن تعدد الزوجات في الإسلام علي الرغم من ندرته وقلة انتشاره وسط المجتمع الإسلامي الآن استطاع أن يقي المجتمعات الإسلامية مما يصطلي به العالم الغربي الآن من أمراض; فقد صار مزرعة للأمراض الفاتكة والمهلكة كالسيلان والزهري والإيدز وغير ذلك من أمراض تمتليء بها مستشفيات الغرب ومعاهده العلمية والطبية. ثم إن التعدد الموجود في الإسلام والمنضبط بأحكام الشرع قد أبصر بمزاياه وفوائده فلاسفة الغرب وحملوا حملة شعواء علي تعددهم المستتر والخفي والذي يجري تحت مزاعم الحرية الشخصية وهلم جرا. فهذا فيلسوف الألمان شوبنهاور ينكر علي الغربيين تعددهم وينادي بتنظيمه قانونيا مثل الإسلام فيقول:علي أنه من العبث الجدال في أمر تعدد الزوجات مادام منتشرا بيننا لا ينقصه غير قانون ونظام, أين لنا من مقتصر حقيقة علي زوجة واحدة! بل لا ننكر أننا في بعض أيامنا أو في معظمها كلنا أو جلنا نتخذ كثيرا من النساء! ففي مدينة لوندرة وحدها ثمانون ألف بنت عمومية سفك دم شرفهن علي مذبحة الزواج ضحية الاقتصار علي زوجة واحدة!. والفيلسوف الروسي الشهير توليستوي بدوره أنكر علي الغربيين اتهامهم للإسلام بالشهوانية مناديا بتنظيم التعدد السري بين الأوربيين قانونيا مثل الإسلام ولهذا قال:إن الزواج أصبح في عصرنا هذا بيننا محض خداع وغش ولكنه لايزال يوجد عند أولئك الذين يرون فيه سرا من أسرار الدين كالمسلمين أما نحن فلا نري فيه غير تلك المقارنة الحيوانية الزوجان يخدعان الناس بأنهما يعيشان معا في ارتباط عائلي حقيقي بالزواج. يظهر كذلك أمرهما في الخارج لكل من رآهما وإنهما سيبقيان في تمام الوفاق مادامت الحياة والحقيقة أنهما يعيشان علي قاعدة تعدد الزوجات!. ويختم الباحث محمود راضي لافتا إلي ما قاله واضع بذور الثورة الفرنسية فولتير; الذي أوضح الغبن الذي لحق الإسلام ونبيه, ونافيا شبهة الشهوانية, ومبينا دور الغرب في تشويه الدين الإسلامي فقال فولتير:أكرر لكم أيها الجهلة الأغبياء الذين خدعهم جهلة آخرون, إذ أقنعوكم بأن الديانة المحمدية ديانة شهوانية ولذات جسدية بينما هي ليست شيئا من ذلك, ولقد خدعتم في هذا الموضوع كما خدعتم في موضوعات أخري كثيرة!!!.