حُكم محكمة جنايات الإسكندرية فيه تحذير لمن يجهلون أن القانون يُحمِّلهم مسئولية عما ينشرونه على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت، وأن الإخلال بهذه المسئولية وتجاوز الخطوط التى يسمح بها القانون يترتب عليها عقوبات، تصل إلى الحبس، مثلما حدث فى هذه الواقعة التى ظن فيها أحد المواطنين أنه مطلق السراح فى التشهير بفتاة، لا لشيء سوى لأنها رفضت الارتباط به، فترك نفسه لنوازع الانتقام الهمجية، وأساء إليها بنشر صورتها على صفحته فى الفيس بوك مع مادة تنطوى على تعمد التشهير بها، فحرَّكت ضده دعوى قضائية انتهت يوم الأربعاء الماضى بالحكم بحبسه 6 أشهر. من الأبعاد المهمة للحكم تصويب الخطأ الشائع لدى البعض الذى يتوهم أن الحق فى حرية التعبير معناه الإفلات من أى مساءلة، وتجاهل ما يتعلمه طلاب الإعلام منذ بداياتهم عن حدود النقد المباح، وعن العقوبات المفروضة فى حالة الإخلال بالضوابط. ولكن ما حدث مع ثورة الإنترنت أن توسعت دوائر النشر إلى آفاق لم يكن من الممكن تخيلها فيما قبل، وصار من حق من يعلم ومن لا يعلم أن ينشر أى شيء بلا قيود ولا روادع، بل وبلا إدراك لمسئولية الكلمة، بل إن هذا النشر الجديد صار أكثر وأوسع من النسخ المحدودة للصحف الورقية التى تبلى بعد وقت قصير، وأكثر من الإذاعة والتليفزيون التى تبث مادتها مرة واحدة لتتبدد فى الفضاء وينعدم أثرها لمن لم يلتقطها، ولا يبقى منها إلا تواترات غير دقيقة، أما رسائل الإنترنت فتظل متاحة لكل راغب فى الاطلاع متى أراد، بل إنها تزداد حيوية مع كل اشتراك فى تدويرها..إلخ. إضافة إلى القضية المشار إليها، لا تعتدّ بعض الأصوات على الإنترنت بأن للعاملين فى العمل العام، مثلهم مثل غيرهم، كرامة وسمعة مصانة بالدستور والقانون، وأن التهم لا تلقى جزافاً، وأن الطعن فى الذمة المالية وفى الالتزام بالواجبات، كلام خطير يستلزم الجدية، وأولى علاماتها الأدلة التى تقبلها المحكمة، وأما إذا تبين للمحكمة أن هناك خِفة فليكن العقاب الرادع. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب