الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    تخفيض 25% من المصروفات الدراسية للطلاب ذوي الهمم بدراسات عليا عين شمس    الصحة: تكثيف الرقابة على أماكن تصنيع وعرض وبيع الأسماك المملحة والمدخنة    تنمية شبه جزيرة سيناء.. الحصاد الأسبوعي لأهم أنشطة وزارة الزراعة    حديد عز يسجل انخفاضًا جديدًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024    سعر الريال السعودي نهاية تعاملات اليوم الجمعة.. يسجل 12.80 جنيه    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    حماس تتمسك بالوقف النهائي للحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من غزة    روسيا تحذر من تقييد مرور سفنها عبر مضيق البلطيق    حزب العمال البريطاني يطالب بانتخابات تشريعية مبكرة    الزمالك يعلن تحسن حالة محمد صبحي واقتراب تعافيه من الإصابة    أخبار الأهلي : اتحاد الكرة يعلن عن تطور جديد في أزمة حسين الشحات ومحمد الشيبي    علاء نبيل يكشف موعد دورات الرخصة «A» للمدربين    مولر يوجه رسالة هامة لجماهير بايرن ميونخ قبل مواجهة ريال مدريد    رسميًا.. صن داونز يعلن تجديد عقد ويليامز حتى عام 2028    إصابة سيدة وابنها بانقلاب دراجة نارية على طريق الإسماعيلية الزقازيق الزراعي    أرقام جلوس طلاب الثانوية العامة 2024.. تعرف على الرابط والخطوات    احباط بيع 2 طن لحوم وكبدة فاسدة في القليوبية    أهالي مطوبس يقدمون العزاء لأسرة شيماء عروس كفر الشيخ (صور)    ما حقيقة تحقيق فيلم «أسود ملون» ل بيومي فؤاد «صفر» إيرادات؟    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    فريدة سيف النصر عن دور سُترة: لم أقدم أفضل ما لدي في «العتاولة» (فيديو)    هبة عبد الغني تطلب مشورة جمهورها.. ما القصة؟    مُنع من الكلام.. أحمد رزق يجري عملية جراحية في "الفك"    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    قبّل يد رجل أعمال.. مصطفى بكري يدعم حسام موافي: لا تحزن فنحن في زمن الرويبضة    طعنه بمطواة.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل جاره بسبب "الجمعية"    محافظ الغربية يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    عمرو يوسف يكشف كواليس جديدة من «شقو» مع محمد ممدوح    مانشستر يونايتد يضع عينه على موهبة برشلونة    عاجل - تحذير من كارثة إنسانية في دارفور السودانية: المجاعة وجرّ الأطفال نحو ساحات الصراع    الملف الغذائي لبعد الخمسين    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    أحد المكرمين فى عيد العمال: الرئيس السيسى يولى اهتماماً كبيراً ورعاية لعمال مصر    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    جامعة دمنهور تشارك في ماراثون صحتنا في كوكبنا بالإسكندرية    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    العثور على طفلة حديثة الولادة ملقاة في الشارع بالغربية    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسكو وبكين من الشراكة إلى التحالف الإستراتيجى
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 06 - 2019

رغم أن الزعيمين، الروسى فلاديمير بوتين والصينى شى جى بينج، قد التقيا أكثر من ثلاثين مرة على مدى السنوات الست الماضية منذ تولى الرئيس شى السلطة عام 2013، فإن قمة موسكو الأخيرة كانت إيذانا بمرحلة جديدة فى العلاقات بين البلدين التى وصلت بالفعل لمستويات غير مسبوقة.
وخلافا لما تذهب إليه بعض الكتابات الغربية والأمريكية، التى تشكك فى العلاقة بين روسيا والصين مستندة إلى خلافات تعتبر الآن جزءاً من الماضى، وتاريخا لا يمكن قياس الحاضر عليه، فقد تجاوزت العلاقة بينهما الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجى واقتربت كثيرا من التحالف الاستراتيجى، يدعم ذلك مجموعة من المؤشرات.
أولها: القاعدة الصلبة من المصالح المتبادلة بين الطرفين. فقد شهد التعاون الاقتصادى والتقنى بينهما قفزات ملحوظة وأصبح أوسع كثيرا من قطاع الطاقة وإن ظل الأخير فى صدارة التعاون بينهما، وكانت شركة غازبروم الروسية قد وقعت مع شركة سى.إن.بى.إس الصينية اتفاقية تقضى بتوريد 38 مليار طن سنويا من الغاز الروسى لمدة 30 عاما بقيمة 400 مليار دولار، فى صفقة اعتبرت الأضخم عالمياً، وأطلق عليها صفقة القرن بين البلدين، وذلك عبر خطوط نقل مباشرة من سيبيريا أهمها خط أنابيب قوة سيبيريا، الذى يبلغ إجمالى طوله نحو 4 آلاف كيلومتر.
هذا إلى جانب التعاون فى المجال النووى ويتضمن مشاريع قائمة على التكنولوجيا المتطورة لا نظير لها فى الصناعة النووية العالمية، ليؤكد البلدان قيادتهما فى المجال، منها قيام شركة روس أتوم الروسية للطاقة النووية ببناء أربعة مفاعلات نووية فى الصين تبلغ قدرة كل منها 1200 ميجاوات، اثنان منها فى محطة تينوان النووية، واثنان فى محطة شوداباو.
كذلك التعاون فى مجال الفضاء حيث تقدم روسيا معدات لمولدات كهرباء حرارية تستخدم فى برنامج الفضاء الصينى المخصص لاستكشاف القمر، واتفقت شركة روس كوسموس الروسية مع إدارة الفضاء الوطنية الصينية على توسيع مشاريعهما المشتركة فى مجال استكشاف القمر.
على صعيد آخر، تشهد الاستثمارات المشتركة نموا ملحوظا ويتم تنفيذ أكثر من 30 مشروعا مشتركا فى المجالات المختلفة بعضها فى الأقاليم الروسية ومنها الشرق الأقصى الروسى الذى يمثل فضاء رحبا للتعاون والاستثمار المشترك بين البلدين.
أما على صعيد التبادل التجارى بينهما فقد بلغ 108 مليارات دولار، ويعمل البلدان على زيادته إلى 200 مليار دولار، وهو رقم قياسى فى تاريخ العلاقات بينهما وعالمياً، وذلك فى ضوء تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الاقتصادى الأوراسى الذى تقوده روسيا ومشروع الحزام والطريق الذى تقوده الصين، واستخدام العملات الوطنية، الروبل واليوان، فى التعاملات بينهما وعبر البنوك المشتركة. وخلال قمة موسكو يوم 5 يونيو تم توقيع 21 اتفاقية تدعم التعاون فى المجالات السابقة وتدشن تعاونا جديدا فى المجال الزراعى والصناعى ومجال النقل والاتصالات.
من أبرزها شركة مشتركة للصناعات الغذائية برأسمال 80 مليار دولار، وإنشاء ممر للنقل يتضمن خطوطا برية وبحرية لتسهيل التنقل بين البلدين، وتطوير البنى التحتية الحدودية بينهما. كما لُوحظ ضخامة الوفد الصينى المشارك فى منتدى سان بطرسبورج الاقتصادى الدولى، ألف من المسئولين ورجال المال والأعمال، الذى حضره الرئيسان بوتين وشى ومثل الأخير ضيف شرف المنتدى.
يتزامن التعاون الاقتصادى مع آخر عسكرى لا يقل أهمية حيث وقع البلدان خارطة طريق لتطوير التعاون فى المجال العسكرى بينهما خلال الفترة من عام 2017 وحتى 2020. وتسلمت الصين منظومات إس-400 الروسية بموجب صفقة أبرمتها مع موسكو عام 2014، لتكون بكين بذلك العاصمة الأجنبية الأولى التى تحصل على هذه المنظومة، كما تم تدريب مجموعة من العسكريين الصينيين فى روسيا على تشغيلها واستخدامها. كما حصلت بكين على مقاتلات «سو-35» الروسية، الأمر الذى يزعج واشنطن وتعتبره تهديداً للسيطرة الجوية الأمريكية فى منطقة شرق آسيا رغم كونها منظومات دفاعية.
كما يعد التدريب والمناورات المشتركة أحد أبرز محاور هذا التعاون الاستراتيجى، ويقوم البلدان بالعديد من المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، من أبرزها مهمة السلام لمكافحة الإرهاب التى تجريها مع باقى دول منظمة شنجهاى. ومن المعروف أن الصين كانت مطلع العقد الماضى تمثل السوق الرئيسية للسلاح الروسى وتستأثر وحدها بما يزيد على 50% من إجمالى مبيعات الأسلحة الروسية ومع تطور الصناعات العسكرية فى الصين تراجعت وارداتها من الأسلحة الروسية واقتصر على منظومات نوعية عالية التقنية.
ثانيها: التهديدات والتحديات المشتركة التى تواجههما معاً، وأبرزها وأهمها السياسة الأمريكية العدائية تجاه البلدين وحرب العقوبات التى تشنها واشنطن ضد روسيا وحربها التجارية تجاه الصين. فقد جاءت استراتيجية الأمن القومى الأمريكى التى أصدرها دونالد ترامب فى ديسمبر 2017 لتؤكد أهمية توسيع النفوذ الأمريكى فى العالم، معتبرة أن دور روسيا والصين الدولى يمثل تهديداً للولايات المتحدة، مستخدمة مصطلح الدول التحريفية للإشارة إلى روسيا والصين اللتين تحاولان تغيير الوضع الراهن، أو القوى المراجعة التى تريد خلق عالم لا يتوافق بالضرورة مع المصالح والقيم الأمريكية. ومن ثم تسعى موسكو وبكين إلى الانتقال لنظام دولى متعدد القوى تمثل أوراسيا مركز ثقل مهما وقائدا فيه على الصعيدين الاقتصادى والاستراتيجى.
ثالثها: المواقف المتطابقة والرؤى المتناغمة حول القضايا والأزمات الدولية والإقليمية المختلفة وفى مقدمتها فنزويلا وسوريا وإيران وغيرها فى تحد وتناقض واضح مع المواقف الأمريكية التى ترى البلدان أنها تزعزع الاستقرار والأمن الدوليين.
رابعها: الود والتفاهم الذى يغلف العلاقة بين البلدين على مستوى القيادات والشعوب. فخلال عام 2018 زار الصين نحو مليونى سائح روسى، وزار الصين عدد كبيرمن الروس (8.1 مليون)، وغلب على القمة وجولات الرئيسين بوتين وشى فى سان بطرسبرج روح الود والصداقة والاحترام المتبادل لاثنين من أقدم الحضارات فى العالم. إن القوة الاستراتيجية الضاربة لروسيا يدا بيد مع القوة الاقتصادية الهائلة للصين ستغير حتما من موازين القوى العالمية، ومن مسار كثير من الأزمات الإقليمية والدولية، وستساعد على الانتقال إلى نظام أكثر عدالة واستقرارا كما يطمح البلدان.
لمزيد من مقالات د . نورهان الشيخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.