مع بدء سريان اتفاقية التعاون الدفاعي بين دولة الإماراتوالولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبوع الماضى، خلال الزيارة التى قام بها جون بولتون مستشار الامن القومى الامريكى إلى أبوظبى، سأل البعض عن أهمية توقيت الزيارة وتفعيل هذه الاتفاقية وهل تحمل دلالات خاصة بالرغم من أنها وقعت بين البلدين منذ مطلع هذا العام؟ لقد أعلنت دولة الامارات أن هذه الاتفاقية ستعمل على تعزيز التنسيق العسكري بين أبوظبى وواشنطن كما ستعطي في هذا الوقت الحرج مزيداً من التقدم للشراكة العسكرية والسياسية والاقتصادية القوية بين الدولتين. لا شك أن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى الإمارات وتفعيل اتفاقية التعاون الدفاعي تعكس رسائل مهمة اقليميا ودوليا خاصة بعد توجيهه اتهاما صريحا لإيران بالوقوف وراء استهداف 4 سفن شحن تجارية مدنية من جنسيات عدة في منتصف الشهر الماضى لعمليات تخريبية بالقرب من المياه الإقليمية باتجاه الساحل الشرقي بالقرب من إمارة الفجيرة بدولة الامارات. ومن أهم هذه الرسائل الموجهة إلى طهران مباشرة هى: إدراك أن الإماراتوالولاياتالمتحدة تتشاركان نفس الاهتمام بضرورة تعزيز الاستقرار في المنطقة وأن الاتفاقية ستعمل على توطيد التعاون الوثيق في المسائل الدفاعية والأمنية بين البلدين ودعم الجهود التي تبذل للحفاظ على الأمن خاصة في منطقة الخليج. فمن المؤكد أنها رسالة ردع قوية لإيران بأن السياسية التخريبية التى تتبعها فى المنطقة يجب أن تتوقف فورا. ومن ضمن الرسائل التحذيرية الأخرى لإيران أن ترى حجم التنسيق السياسى والدبلوماسى الضخم الذى تقوم به الولاياتالمتحدة وقيادات المنطقة العربية وعلى رأسهم مصر والامارات والسعودية فى إدارة ملفات وازمات منطقة الخليج والذى تبلور فى انعقاد ثلاث قمم ( عربية وخليجية وإسلامية ) فى مكةالمكرمة نهاية الأسبوع الماضى. فوصول جون بولتون إلى الإمارات لإجراء محادثات بشأن القضايا الأمنية المهمة في المنطقة تكشف لإيران عن مدى قوة ومتانة التحالف الاستراتيجي بين أبوظبى وواشنطن للتصدي لأى عمل تخريبي من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في الخليج يكون وراءه تصرفات طهران العدائية. كما تأتي زيارة جون بولتون لدولة الإمارات أيضا في توقيت مهم نظرا لطبيعة التحديات التي تواجهها المنطقة. فمن المعروف أنه منذ وصول دونالد ترامب الرئيس الأمريكى إلى البيت الأبيض فى عام 2017، كان له موقف واضح وثابت تجاه إيران، حيث قوض الاتفاق النووى مع طهران الذى تم توقيعه فى عهد باراك أوباما الرئيس الامريكى السابق وترتب على آثاره الإفراج عن مبالغ مالية مجمدة استغلها النظام الإيراني فى تحقيق أعماله العدائية فى المنطقة. وليس أدل على ذلك التصريح السابق لمايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الذى أكد فيه أن النظام الإيراني استخدم المال الذي حصل عليه عبر الاتفاقية النووية فى عهد باراك أوباما لتمويل حروب بالوكالة في الشرق الأوسط، معلنا أن بلاده ستواجه طهران من خلال ممارسة أكبر ضغط مالى غير مسبوق عليها. وتتوافق رؤية ترامب مع كل من الإمارات والسعودية على أولوية وخطورة سعي إيران نحو السلاح النووي حيث يرى المراقبون أن بولتون الذى أعلن من الامارات الأسبوع الماضى بدء سريان اتفاقية التعاون الدفاعي بين أبوظبى وواشنطن هو نفسه الذى أعلن في 5 مايو الماضى ارسال حاملة الطائرات «إبراهام لينكولن» وعدد من قاذفات بي-52 إلى الخليج، مما يبعث برسالة شديدة اللهجة لطهران بأن أنشطتها التخريبية ستواجه بكل حزم من قبل الولاياتالمتحدة وبجانبها دول الخليج. ويرى بعض المحللين السياسيين أنه على الرغم من أن الضغوط المالية التى تمارس على طهران حاليا لكبح قدراتها العدائية فإنها ليست كافية للحد من أنشطتها الإرهابية سواء كان فى العراق وسوريا أو الحرب التى تشنها بالوكالة في اليمن أو تسليحها مجموعات شيعية في لبنان. ولعل ما يؤكد وقوف الولاياتالمتحدة بجانب دول الخليج وخاصة الامارات فى حربها ضد وكلاء إيران فى المنطقة، زيارة جون ماتيس وزير الدفاع الأمريكي السابق الى أبوظبى خلال منتصف الشهر الماضى، حيث أكد أمام الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى أن العلاقات بين البلدين تشكل الانموذج الأفضل لشكل العلاقات التي تفرضها الأحداث في المنطقة والتي وصفها بأنها شديدة التوتر، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة صلبة بما فيه الكفاية لمعاونة حلفائها في المنطقة. فلا يغفل أحد أن هناك تهديدات بالحرب فى الخليج، وترسانة عسكرية ضخمة واقفة على أهبة الاستعداد في المنطقة، مما ينذر بإحتمالية صدام مسلح بين طهران وواشنطن جراء السلوك العدائي والتجاوزات التى ينتهجها النظام الايرانى، ما يجعل جميع السيناريوهات محتملة. فمن المعروف أن جون بولتون ومايك بومبيو ينتهجان خطاً متشدداً تجاه طهران. وقال ترامب صراحة الأسبوع الماضى:» لدي جون بولتون ولدي حمائم، وفي النهاية أتخذ القرار». أى أن جميع الخيرات مطروحة. وعلى الرغم من أن دول الخليج هى المستهدفة فى المقام الأول، فإنها لا تسعى إلى الحرب بل تعمل من أجل أمن وسلام المنطقة بما يحقق الاستقرار لشعوبها،. لكن فى الوقت ذاته لن تقف مكتوفة الأيدي ضد أى عدوان إرهابى ينتهجه النظام الايرانى. إن زيارة مستشار الأمن الأمريكى إلى أبوظبى تأتى في مرحلة غاية في الدقة والحساسية، ففي الوقت الذي تتلاعب فيه إيران وتحاول خداع المجتمع الدولى من خلال الحرب بالوكالة فى المنطقة، تحرك القادة العرب والخليجيون بالتعاون مع الولاياتالمتحدة لوقف نهج إيران التخريبي وتهديدها المستمر لأمن دول المنطقة وسلامة شعوبها.