مع بداية الثمانينات تعرفت علي الزميل عارف سعد الدين.. حيث كان مراسلا حربيا لوكالة أنباء الشرق الأوسط.. وكنت أحتل نفس الموقع لجريدة الوفد.. ومنذ هذه الأيام كانت تتطور العلاقة بيننا يوما بعد يوم حتي تم التحاقنا بجريدة الأهرام اقتسمنا لقمة العيش وعشنا أجمل ساعات العمر ونهلنا من أساتذة الأهرام العظام في جميع أفرع العمل الصحفي بل وفي اخلاقيات المهنة.. وكان الحبيب عارف سعد الدين بذكائه وفطنته يعرف أهمية التكنولوجيا في المجال الصحفي فوهب حياته وكل مايملك في تعلمها والإلمام بكل تفاصيلها.وكانت سببا مباشرا في أن يسبقني الي مقعد مستشار رئيس التحرير أي أنه أصبح الرئيس المباشر لي, كان حبنا وصداقتنا تذيب هذه الأمور إلا أن الحبيب المتواضع تواضع العظماء الزاهد في أمور الدنيا لم يكن يريحه هذا الوضع رغم أنه أمر طبيعي فمنذ عين رئيسا لي لم أذكر ولو لمرة واحدة أن قابلني جالسا بل كان مجرد دخولي حجرة مكتبه كان يترك الدنيا وماعليها ليقابلني خارج حدود المكتب وكنت ألوم عليه في ذلك فالعلاقة بيننا لا يجب أن تكون بها مثل هذه الحساسية إلا أن إصراره وتواضعه لم يغيرا في الأمر شيئا وعندما داهمني المرض اللعين كانت تأتيني بعض ساعات الانهزام والانكسار وسرعان ماكان يزورني مع زوجته الشهيدة وولديه وكان بصحبتهم الزميلة المحترمة منال الغمري ليتحول اللقاء لاحتفالية حب أنسي فيها كل هموم الدنيا وأخرج من هزيمتي وانكساري لأعود لعملي ولحياتي بكل الحب والتفاؤل وتعود البهجة والابتسامة لكل أفراد عائلتي كم كان فيلسوفا يعيد لي البسمة عندما أشكو له من تصرفات بعض ضعاف النفوس.. ويذكر للحبيب رحمة الله عليه أنه بعد الثورة وجد روحا حماسية وطاقة هائلة لدي الشباب من تلاميذه.. فأخذ يحملهم المسئولية يوما بعد يوم ويناقشهم أفكارهم وطموحهم حتي أخذ القرار بترك الدفة لهم ليقودوا العمل بأنفسهم