منذ ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة الفرنسية فى 20 أكتوبر 1798 كانت عمامة الأزهر تجمع حولها المصريين فى نضالهم ضد المحتل، وهو ما تكرر أيضاً خلال الثورة العرابية ضد استبداد خديو مصر توفيق ثم كانت العمامة الأزهرية العلم على ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطانى لمصر. ويوضح إبراهيم عنانى عضو اتحاد المؤرخين العرب أن العمامة لم تغب عن مجالس المثقفين والتنويريين . ولكن ما حدث بعد ذلك أن العمامة الأزهرية بشكلها المعروف تراجعت إلى حد ما حتى أصبح بعض علماء وطلاب الأزهر أنفسهم يرتدون الملابس (الافرنجية) وتخلوا عن العمامة، وكاد ظهورها يقتصر على صلاة الجمعة من كل أسبوع فحسب داخل المسجد. ارتبطت العمامة فى وجدان الشعوب والحضارات بالوجاهة الاجتماعية والمكانة الدينية، وعلى الرغم من أن هذه الألبسة هى فى الأساس قطعة من القماش أو الصوف أو الحرير أو غيره، إلا أنها تمثل مكانة خاصة فى بعض الحضارات. وقد تفنن صناع العمائم فى صناعتها وتجويدها والبراعة فيها، فى وقت يحرص فيه علماء الدين دوماً على حسن هندامهم وأناقة أزيائهم، خصوصاً عمائمهم إذ أنها تعبر عن شخصية كل منهم لدرجة جعلت بعض علماء الأزهر فى مصر يعتبرها كالتاج على رأسه. والعمامة الأزهرية فى مصر لها مكانة خاصة فى العالم، إذ يُكن العالم كله تقديره واحترامه لهذه المؤسسة العريقة ولمنسوبيها، نظراً لحرصه على نشر الفكر الاسلامى الوسطى الصحيح. ولبس سادة العرب قديماً العمامة الصفراء والسوداء والبيضاء والحمراء، كما أرتدى الأمويون والعباسيون ألواناً مختلفة .. وتمثل العمامة عند العرب التاج عند غيرهم من الأمم، لأن أهم ما تميز به علماء الأزهر عبر التاريخ فضلاً عن علمهم وخلقهم هو حسن المظهر وبهاء الزى الذى يعرف به العلماء فالزى الأزهرى بهاء خاص يعرف به علماؤه فى كل أرجاء العالم. تاريخ العمامة الأزهرية توالت على الجامع الأزهر أشكال مختلفة من العمائم ، بدأت عندما جلس قاضى القضاة أبو الحسن بن النعمان المغربى سنة 365ه (أكتوبر 975م) فى أول حلقة علمية تعليمية، ثم توالت حلقات العلم بعد ذلك. ولأن مصر عرفت صناعة الطرابيش فى عهد الوالى محمد على باشا وكان ارتداء الطربوش عادة عثمانية، فقد عرف المصريون نوعين من أغطية الرأس فى ذلك الوقت هما (الطربوش والعمامة) حيث كانت العمامة لطلاب ومشايخ الأزهر والطربوش لمن عداهم من الموظفين والعامة (بكوات وبشوات وأفندية) وكان (الطربوش والعمامة) الغطاءين المواجهين (للقبعة الأجنبية) التى كان يرتديها الأجانب فى مصر، واستمر ذلك حتى قيام ثورة يوليو 1952 حينما قررت إلغاء فكرة إلزامية ارتداء الطربوش ليصبح المصريون أحراراً فيما يرتدونه فيما يتعلق بأغطية الرأس باستثناء (العمامة الأزهرية) لطلاب ومشايخ الأزهر الشريف.