حين يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يذكر لنا مثلا، أو يتلو علينا خبرا فإن المراد أن نعيه ونتعلم منه، وهذا يكون بعد تأمله وتدبر ما جاء فيه، فالتأمل والتدبر عبادة واجبة الطاعة (ليدبروا آياته).. ويرى الدكتور أبو اليزيد العجمى أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم أن المثل الذى ذكره القرآن فى قوله تعالي: «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا».. هذا المثل يحفل بالعديد من القيم التربوية التى ينبغى أن تكون أساس تربيتنا، منها: * أن النعم فضل من الله سبحانه ولا ينبغى لأحد أن ينسبها لعقله وجهده؛ حتى لا يقع فيما وقع فيه قارون. * أن رعاية الله لنعمه علينا تجعلها عظيمة ومثمرة مما لا نستطيع فعله نحن. فلنطلب دوام النعمة بالشكر (لئن شكرتم لأزيدنكم). ولنعلم أننا وإن أخذنا بالأسباب فالله هو السبب الحقيقى (أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون). * الفتنة بالنعمة ونسيان المنعم، حيث بلغت الفتنة مداها حين اعتقد أنها لا تفنى ولن تفنى، وهنا تجسد ظلمه لنفسه؛ لأنه كفر بالواقع الذى يدل على أن كل شى يفنى، وبلغ به العجب حده، حين قال مفترضا – مع إنكاره ليوم القيامة – حتى لو حدث فسيكون لى هناك ما هو أكثر من هذا وأفضل.. فالخلط والخلل العقدى أدى إلى سلسلة من الكفران وتجاوز الحدود. فلندرك أن النعم ابتلاء (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) «الأنبياء 35». * علينا أن نذكر أنفسنا بأصل خلقتنا من تراب ثم من نطفة ثم من علقة. * المحاور المؤمن يؤمن بالله ولا يشرك به أحدا ويعلم المفتون كيف ينظر إلى نعمة الله عنده، ولا يغتر بها وينسبها إلى نفسه، ولا يشرك بالمنعم أحدا، وليعلم أن قدرة الله على إزالة هذه النعمة بين الكاف والنون. * المفتون بالنعمة والمعجب بها إلى حد الإشراك بالله يبتلى بزوالها وسط أسباب عاصفة لا يستطيع لها دفعا، ولا يجد من ينصره ليمنع هذا العقاب، وهنا يكون الندم ولات ساعة مندم.