نعم الله تعالي علي الإنسان كثيرة قال تعالي: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.." آية رقم 34 من سورة إبراهيم وحتي لا تزول هذه النعم عن أصحابها يجب عليهم أن يداوموا علي شكرها قال تعالي "لئن شكرتم لأزيدنكم" آية رقم 7 من سورة إبراهيم. وإذا ما تخلي أصحاب النعم عن شكرها وقابلوها بالجحود والنكران انقلبت عليهم نقماً قال تعالي "ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" آية رقم 53 من سورة الأنفال. ورحم الله القائل: إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم وداوم عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النقم وفي القرآن الكريم نماذج لأناس قابلوا نعم الله بالكفران فكانت عاقبتهم الخسران والبوار. ومن هؤلاء قوم سبأ الذين كانوا يسكنون جنوب اليمن وكانت أرضهم خصبة وبلغوا في الحضارة شأواً وارتقوا في سلم المدنية درجات حتي تحكموا في مياه الأمطار العزيرة التي كانت تهطل في بلادهم بسد أ قاموه بين جبلين فيه عيون تفتح وتغلق عند الحاجة إليها وهو يشبه إلي حد ما السدود المقامة علي النيل اليوم كسد أسوان والسد العالي. وعرف هذا السد بسد مأرب. ومأرب: بلدة بينها وبين صنعاء ثلاث مراحل. وكانوا يوزعون هذا الماء المدخر خلف السد علي جنتين لهم كل واحدة منهما تحتوي علي بساتين مثمرة عن يمين وشمال السد. ولكن ويا للأسف لم يقابلوا نعمة الله بالشكر الواجب نحوها بل أعرضوا عن شكر الله وعن العمل الصالح الذي يتقربون به إلي الله تعالي. وأقبلوا علي شهوتهم وانكبوا علي نزواتهم فسلبهم الله تعالي نعمته. وأرسل عليهم سيل العرم. فدمر السد وأغرق الأرض. ثم جاء الجفاف بعد ذلك فلم ينبت الزرع. فتحولت النعمة إلي نقمة والمنحة إلي محنة. ورغد العيش الذي كانوا فيه إلي شدة وضنك. وتفرقوا في البلاد بعد تجمع. وصاروا مثلاً يضرب لكل أمة ذلت بعد عز. وتفرقت بعد توحد. وكان ذلك جزاءً وفاقاً لضيعهم. الشيخ: عثمان إبراهيم عامر