تسير السيارات عادة بسهولة ويسر يوم الأحد من كل أسبوع في شارع الأزهر بوسط البلد وذلك بسبب الأجازة الأسبوعية لجميع المحال التجارية الموجودة فى هذا الشارع و لكن يوم أمس الأول 12 مايو 2019 الموافق السابع من رمضان 1440 هجريا كان يوما مختلفا وعلى غير العادة في تلك المنطقة. حيث كانت حركة المشاة والمرور مكتظة خصوصا في الرابعة عصرا. السبب؟؟ احتفال جامع الأزهر الذي يقع في وسط الشارع للمرة الأولى بذكرى إنشائه التاسعة والسبعين بعد الألف على يد الفاطميين. هولاء الذين ادخلوا الكثير من العادات والاحتفالات الى مصر ليصبح مركزا ومنارة للتعليم الدينى، ليس في مصر وحدها ولا فى المنطقة العربية فقط ولكن في أرجاء المعمورة كلها. فتح جامع الأزهر أمس الأول أبوابه وتزين بالأضواء المبهجة لاستقبال المحتفلين من جميع الجنسيات والأعمار الذين استمتعوا بجدول الأنشطة الذي كان في انتظارهم. منذ أن تطأ أقدامك حرم الجامع تستقبلك أصوات المنشدين بالابتهالات والتواشيح الدينية التي تنقلك إلى عالم روحاني مبدع بعيدا عن صخب المدينة وزحمتها. أكثر من 3 آلاف شاركوا فى الاحتفال بإنشاء الأزهر لتبدأ الاحتفالية بعدة أنشطة ترضى جميع الأذواق والأعمار. هنا وتحت بوابات البهو الرئيسي، ركن للأطفال حيث يستقبلهم «نور» الشخصية الكرتونية لمجلة الأطفال التي تصدر عن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر حيث توجد أوراق وأقلام لتلوين رسومات وطنية ودينية. نشاط أخر على بعد أمتار من تواجد الأطفال وهو ركن الخط العربي حيث يستطيع الزائر من كتابة اسمه على أوراق ملونه وهنا تكالب طلاب الأزهر وخصوصا القادمين من الدول الآسيوية لتدوين أسمائهم بالخط العربي كذكرى لهذا الاحتفال. ليس هذا فقط ولكن يوجد نشاط أخر وهو رسم بورتريهات للأشخاص في الحال بالقلم الرصاص وكذلك عمل الحلي والسلاسل للفتيات والتي يشرف على كل تلك الأنشطة قطاع المعاهد الأزهرية. الخط العربى والرسم كان لهما حضور بارز فى الاحتفالية فى حوالي الخامسة بدأت فعاليات الاحتفال. (احتضنت أروقه الأزهر الملايين حيث أصبح منهل للوسطية والإسلام الشامل ولم توقف أحداث الزمن المتغيرة مسيرته العلمية).. هكذا استهل الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على أروقة الجامع الأزهر كلمته أثناء الاحتفال والذي أكد فيها أن جامع الأزهر يحافظ على علوم القران والسنة والمعارف واللغة العربية وآدابها وعلوم الفقه ومذاهبه المتنوعة، كما حافظ الأزهر على تراث المسلمين ونشره ولايزال ينشره صحيحا خالصا للعالم أجمع، وتدرس كل هذه العلوم في أروقته الشاهدة على عراقته ووسطيته، مضيفا ان المسلمين قد وثقوا فى الأزهر وائتمنوه على عقول وتعليم أبنائهم، وجاءوا إليه لينهلوا من علومه ومعارفه ومنهجه الوسطى وينطلقون برسالة الأزهر إلى العالم. كما أشار الدكتور عبد المنعم فؤاد إلى ان الجامع الأزهر يستقبل الوافدين إليه من دول العالم ويحسن استقبالهم ويرعاهم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حيث يلتقي معهم بشكل مستمر، وأضاف ان فى الجامع الأزهر العديد من أسماء الدول أطلقت على أروقته وفى العصر الحاضر ومع كثرة الوافدين العاشقين لمصر وأزهرها والذين بلغوا فى جامعة الأزهر ما يقرب من أربعين ألف طالب أنشئت مدينة البعوث الإسلامية وهى تضم أكثر من دول العالم ترعاهم مصر وأزهرها الشريف. وأكد الدكتور فؤاد ان الأزهر الذي أقبل عليه المسلمون من كل أصقاع الدنيا لهو ماض فى أداء رسالته وتبليغها للناس صافية بعيدة عن الانحرافات المذهبية أو الطائفية او المطامع السياسية، وأن أروقته ظلت ومازالت وستظل تدرس صحيح الإسلام، وأن مناهجه تحترم الرأي والرأي الأخر وتنتج عقلية علمية رصينة تسع الجميع، وتبنى العقول ، ولا تهدم الأفكار، و أن مناهج الأزهر هي الملاذ الأمن لطالبي العلوم الشرعية، وإنها لم تخرج يوما متطرفين ولا ارهابيين ولا دعاة عنف كما يزعم بعض المغرضين، بل خرجت علماء، وأدباء، وقادة دول ورواد نهضة فى القديم. وأعطى أمثله لخريجي الأزهر مثل ابن حجر العسقلاني، محمد عبده، رفاعه الطهطاوى،الإمام الشعراوى، والمراغى واحمد الطيب كما طالب المشرف العام على أروقة الجامع الأزهر شباب مصر بأن يحافظوا على بلدهم ، وتراثهم ، وأزهرهم وأن مقياس الحضارة فى هذا العصر ليس بالكثرة أو القلة بل بالعمل والجد والاجتهاد وحسن الخلق، واختتم دكتور فؤاد كلمته ببيت شعر للشاعر العظيم أحمد شوقي والذي رفع يديه تعظيما وإجلالا للناصحين الحكماء من علماء الأزهر وأخذ يشدو قائلا (قم فى فم الدنيا وحى الازهرا... وانثرعلى سمع الزمان الجوهرا). ثم تحدث الدكتور صلاح العادلى أمين عام هيئه كبار علماء الأزهر الذي أكد أن الأزهر الشريف يحفل بتاريخ طويل تصغي الآذان عند سماعه الى عمر مديد من العلم والعلماء، مشيرا إلى أن رسالة العلم والدين التي حملها الأزهر أصبح بفضلها يلقب بحارس الدين وكعبة العلماء والمتعلمين، وأضحى بفضلها نموذجا فريدا لعراقة الماضي وعنوانا صادقا لمجد المستقبل، وهو يشق طريق الألفية الثانية بقوة واقتدار منطلقا بمهام جسام يوجبها عليه تاريخه الطويل من حراسه الدين. وأوضح الدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر ان الأزهر بتدريسه المذاهب المتعددة عمل على ترسيخ قبول الآخر والتنوع الفكري ن فانصهر الجميع في رحابه مما أدى إلى تحقيق المحبة والإخاء فلا تنافر ولا انشقاق فهو المؤسسة الوطنية العريقة التي خرجت رجال وزعماء الأمة. كما تحدث الدكتور محمد أبوزيد الأمير نائب رئيس جامعة الأزهر أن الأزهر الشريف شهد على مر تاريخه الطويل تخريج أعلام من العلماء فى مختلف العلوم الشرعية والعربية عملت على تقدم الأزهر وعلو شأنه وتبليغ رسالته الى القاصي والداني. تم خلال هذا الاحتفال تكريم الفائزين فى مسابقة الأزهر العالمية للقرآن الكريم التي نظمتها هيئة كبار العلماء بمشاركة أكثرمن 1200 متسابق من مختلف الأعمار وكذلك من ذوى القدرات الخاصة فاز فيها 45 متسابقا مقسمين على خمسة مستويات. تكريم المتسابقين فى رواق الأزهر كما تم تكريم أوائل الدارسين برواق القرآن الكريم بالجامع الأزهر. ثم تلا ذلك فطار جماعي لحوالي أكثر من 3 ألاف شخص افترشوا ساحة جامع الأزهر بطريقة منظمة ومرتبة يجمعهم جميعا انتماؤهم لهذا الصرح العريق الذي سيظل منارة للعلم والدين شرقا وغربا وجنوبا وشمالا. يذكر أن المجلس الأعلى للأزهر قد وافق في شهر مايو 2018 برئاسة فضيلة الإمام الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على اعتبار مناسبة افتتاح الجامع الأزهر في السابع من رمضان عام 361 هجريا يوما ومناسبة احتفالية كل عام.