معنى من أهم معانى الإنجازات والمشروعات المهمة التى افتتحها الرئيس الأحد الماضى مع إنهاء عزلة سيناء تحقيق عبور ثان بالتنمية والتعمير وتوثيق شرايين الحياة بعد العبور العسكرى العظيم عام 1973 وتأكيد بسط سيادة مصر ووضع نهاية لأوهام وأطماع استعادة أى وجود أو إحياء لمخططات أو رموز استعمارية قديمة أو حديثة!! وسط هذا المشهد الوطنى الذى يمتلئ بالزهو الوطنى وانتصار الإرادة الوطنية ما معنى أن يأتينا من أحفاد صناع الماضى الاستعمارى الأسود الذين حولوا قناة السويس إلى قناة فرنسية والأراضى والمدن حولها إلى محور لصراع مصالحهم ومطامعهم فى مصر وفى المنطقة كلها وفى مستعمراتهم فى الشرق وأن يطالبوا بإعادة وضع على مدخل قناتنا التى قاتلنا لاستعادتها وردها إلى أحضان أبنائها تمثال لرمز من أسوأ رموز جرائمهم التى انتهت باحتلال مصر ونهب مكاسب وعوائد القناة وبسط نفوذهم لأكثر من مائة عام..؟!! وسط ما تشهده من أحداث وقرارات لتأكيد سيادتنا على مجمل أراضينا وفى المقدمة منها سيناء ومدن ومنطقة القناة، أن تدور الآن هذه المحاولات المحمومة لإعادة تمثال ديلسبس الذى لم يكن أبدا وكما أجمع المؤرخون المحترمون صاحب فكرة حفر القناة هذا الجهد الجبار لعشرات الآلاف من عمالنا وفلاحينا بأيديهم وعرقهم وفئوسهم عندما لم تكن هناك آلات ولا معدات حديثة وتم تحت سياط وتعذيب الشركة الفرنسية التى كونها ديلسبس بمقتضى عقد الإذعان الذى جعل الخديوى سعيد يوقعه مستغلا علاقته الوثيقة به منذ مطلع شبابه وحوله ديلسبس إلى عقد تمليك القناة المصرية للشركة والنفوذ والسيطرة الفرنسية.. كُتب العقد باللغتين الفرنسية والتركية فقط وسُجلت الشركة فى فرنسا لتخضع للقوانين الفرنسية وحماية أمبراطور فرنسا نابليون الثالث.. سقط فى عمليات الحفر أكثر من 120 ألف شهيد فى عملية سخرة وصفها المؤرخون بواحدة من أكبر عمليات السخرة فى التاريخ قادها ونفذها ديلسبس الذى مات فى فرنسا قبل أن تنفذ عليه أحكام بالحبس فى قضيتى فساد!! هذا بعض القليل من كوارث جرائم الاستعمار فى بلادنا وخاصة ما ارتبط بحفر القناة وما جرته على مصر سياسيا واقتصاديا ويريد بعض أحفاد من ارتكبوها إعادة وضع تمثال ديلسبس المهين فى مدخل قناتنا بعد أن كونوا منذ سنوات فى فرنسا جمعية باسم محبى قناة السويس، وكان أولى بهم أن يطلقوا عليها جمعية ناهبى وسارقى قناة السويس.. ومعروف أن التمثال الذى يريدون إعادته إلى القاعدة التى وضع عليها أسقطة الفدائيون وأبطال المقاومة عام 1956 عندما حاولت قوات الغزو البريطانية والفرنسية إعادة الاستيلاء على القناة وإعادة احتلال مصر. وليست الكارثة فى محاولة أحفاد المستعمرين لإحياء وتمجيد تاريخهم الاستعمارى الأسود.. الكارثة الحقيقية فى أن تجد جمعيتهم من يدعمها ويساندها من المصريين!!!! ثم يشيعون أوهام تنشيط السياحة!! كأن مدينة بورسعيد الرائعة بكل ما تمتلك من مقومات للسياحة الشاطئية وتراكم تراث لعناق حضارة مدن المتوسط مع الشرق ورموز المقاومة والفنار والجزر وتراث عمرانى لمساجد وكنائس وبيت الأمة والبيت الايطالى، أسأل الذين يريدون إعادة التمثال المهين.... أين كانوا من تدمير وهدم أغلب هذا التراث العمرانى العظيم؟! ومع ذلك مازالت بورسعيد تمتلك الكثير من المقومات السياحية إذا أحسن إدارتها مثلها مثل مدن مصر كلها. وكما كتبت من قبل أن دعوة إعادة وضع التمثال المهين على مدخل قناتنا المصرية ودفاع بعض المصريين عنها كشفت عن غياب وعيهم بتاريخهم الوطنى وما ارتكبه الاستعمار من جرائم انتهاك لاستغلال بلادهم وكرامتهم وسيادتهم ونهب لثروات وخيرات كانت تستطيع أن تجعلهم من أغنى شعوب الدنيا.. أيضا الذين يدافعون عن إعادة التمثال مهما كانت الدوافع أو الأسباب وراء هذه الدعوة ودون مبالاة أو ربما دون فهم لما تعنيه عودة التمثال من تمجيد للتاريخ الأسود للاستعمار وجرائمه.. الذين يتبنون هذه الدعوة أسألهم هل لم يسمعوا أو يشاهدوا صورا للتمثال الذى يُهين حضارتنا العظيمة القديمة وجامعة من أكبر جامعات فرنسا تضع فى مدخلها تمثالا لشامبليون يضع حذاءه فوق رأس أحد ملوك حضاراتنا القديمة ووضعوا نسخة أخرى لنفس التمثال فى مدخل جامعة أخرى 2014؟!!! هل طالب المدافعون عن عودة ديلسبس لمدخل قناتنا باحترام الحضارة المصرية ورفع التمثال المهين لحضارتنا أم أن علينا أن نتقبل إهانة حضارتنا ونرد عليها بتمجيد جرائمهم الاستعمارية ورموزها؟! لقد توالى المؤيدون والمشاركون فى القضية التى رفعها مجموعة من شباب أبناء بورسعيد دفاعا عن كرامة بلادهم وتاريخهم الوطنى وقناتهم المصرية... انضمت قامات قانونية ومؤرخون وكتاب من بورسعيد ومن مصر كلها باعتبارها قضية دفاع عن كرامة وتاريخ وطنى لوطن عزيز وعظيم مثل مصر وعدم تمجيد جرائم التاريخ الأسود لصراع المصالح والأطماع الاستعمارية على أرضنا، وكانت قناة السويس محورا لها.. انضم أيضا للقضية أحفاد مجموعة من فدائيى وأبطال المقاومة الذين اعتبروا أجدادهم أن إسقاط التمثال يستكمل انتصارهم على قوات العدوان الثلاثى 1956 أو ربما إعادة وضع التمثال نعتذر عما فعله الفدائيون والمقاومة وعن انتصار أبناء بورسعيد على القوات الغازية؟!! أرجو فى مقال قادم بإذن الله أن أقدم للقارئ العزيز بعض ما ضمته الوثائق الرسمية والمؤلفات والدراسات العربية والأجنبية عما ارتكب بحق المصريين فى حفر القناة والتى تفوق قدرة العقل على الاستيعاب وقدرة الضمير الوطنى على القبول أو التسامح.. والتى وضعها الشباب الوطنى الرائع من أبناء بورسعيد أمام قضائنا واثقين فى عدالته ووطنيته وواثقين أيضا فى عدالة قضيتهم موثقين ما تعرضت له بلادهم بسبب الصراع والمطامع الاستعمارية من ديون وقروض وإفلاس للخزانة المصرية ورهن لأراض وضياع لسد بعض الديون التى فرضها النفوذ الأجنبي.. لو أنصفنا لطالبنا بتعويضات عنها لتأكيد أننا شعب لا يتسامح فى كرامة أبنائه وسيادة أراضيه واستقرارها واستقلالها. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد