آرجو أن تكون التوجيهات الرئاسية لوزيرة التضامن باحترام أحكام القضاء ، ورد الحقوق لأصحابها درسا لجميع المسئولين في التراجع عن كل قرار أو ممارسات تتناقض وإقامة العدالة الاجتماعية واحترام الحقوق، وتوفير ضمانات الحياة الآمنة والكرامة الإنسانية لكل مواطن. إذا لم ينتفض العالم العربي ويوحد صفوفه وقواه لمواجهة الجريمة الجديدة للرئيس الأمريكي بتبعية الجولان السورية المحتلة للكيان الإرهابي الصهيوني فمتي؟! أولم يأت آوان استخدام ما لدينا من أوراق ضغط واستنزاف لما تبقي من ثروات الأمة التي إذا واصلت صمتها المخزي أمام بلطجة إسرائيل، فما هي الأراضي العربية الجديدة التي سترفع أعلامها السوداء فوقها؟!. لا يحتاج د. وسيم السيسي إلي تعريف مني كأستاذ وعالم وكاتب وقاريء من أهم قراء ومحللي الحضارة المصرية القديمة والعظيمة، وفي ثلاث مقالات مهمة تناول د. وسيم قصة حفر قناة السويس، كما سردها في محاضرة ألقاها بدعوة من وزيرة الثقافة في المركز الثقافي المصري بباريس بمناسبة مرور 150عاما علي حفر القناة، وسرد فيها تاريخ حفرها الذي يعود إلي سنوسرت الثالث، وسميت بقناة سيزو ستريس، حيث تم إيصال البحر الأبيض لأحمر بفرع النيل البيلوزي عام1896 ق.م. وبعد 60عاما أعاد سيتي الأول حفرها... وأمر الإسكندر الأكبر بإعادة حفرها، وجاء بطليموس الثاني، فأتم حفرها وتوالي اهتمام الحكام الرومان بحفرها... ثم أعيد حفرها بأمر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثم جاء ديلسبس الذي كان صديقا لسعيد باشا، وأعاد حفرها إلي أن تم افتتاحها الأسطوري في عهد الخديو إسماعيل... أي أن فكرة حفر قناة السويس وإدراك قيمتها وأهميتها كان لملوك مصر العظام، ولم يكن مشروعا استعماريا، كما ظهر بالحملة الفرنسية والاحتلال البريطاني... ومع الحملة الفرنسية جاء 160 عالما كان من بينهم شامبليون الذي فك رموز كتاباتنا الهيروغليفية لنبدأ في معرفة أسرار حضارتنا العظيمة. وفي مقالين تاليين في «المصري اليوم» يشير د. وسيم إلي محاولات جديدة لرفع تمثال ديلسبس علي قاعدته في مدخل قناة السويس في بورسعيد باعتباره صاحب الفكرة الأساسية، وصاحب الفضل في حفر القناة، مع أن هذا ما تنفيه الوقائع التاريخية، وأن الفضل الحقيقي يعود إلي آلاف العمال والفلاحين الذين حفروها واستشهدوا فيها، بعد أن تعرضوا لأقسي ألوان السخرة والحرمان في أقسي الظروف الطبيعية، وأنه وراء ما تعرضت له مصر من ديون وإفلاس تضاعفت بالاحتفال الأسطوري الذي أقامه الخديو للأمبراطورة أوجيني وما سجلته الوثائق مما ارتكبه ديلسبس بحق مصر لا تسمح مساحة المقال بإعادة سردها عن عقود الإذعان التي فرضها علي صديقه الخديو، والتي لا مثيل لها في التاريخ، والتي وصفها المؤرخ البريطاني إدوارد ديزي بأنه لم يحدث أبدا أن مُنح امتياز يكفل لصاحبه مثل المزايا التي حصل عليها، ويلقي هذا القدر من الأعباء والتكاليف علي من أصدره، وليزداد الطين بلة يذكر د. وسيم في مقال تال أنه في مدخل الكوليدج دي فرانس بالسوربون يوجد تمثال العار والإهانة للحضارة المصرية العظيمة الذي نحته برتولوي لشامبليون يضع حذاءه علي رأس أحد ملوكنا العظام!!.. لا أعرف كيف يتفق ترك هذا التمثال مع ولع الفرنسيين بالحضارة والآثار الفرعونية، ويجسده قسم المصريات بمتحف اللوفر الذي يمتلئ بالكنوز والقطع النادرة التي حملتها معها الحملة الفرنسية!! وأدهشني بشدة ما ذكره د.وسيم من رد السفير الفرنسي عن سؤال عن تمثال ديلسبس، وأنه يمثل العلاقة بين مصر وفرنسا ..! لا ياسيادة السفير العلاقات بين مصر وفرنسا لا تكون من تمثال لا يمثل قيمة تاريخية حقيقية، ويطالب د.وسيم برفع التمثال المهين للحضارة المصرية في مدخل الكوليدج دي فرانس. أثق أن عمق علاقات الصداقة بين مصر وفرنسا وولع الفرنسيين بالحضارة المصرية الذي يتجلي الآن في تدفق الآلاف علي معرض الفرعون الذهبي «توت عنخ أمون» يقتضي رفع تمثال برتولوي الذي يناقض كل هذا الاحترام والولع بعظمة الحضارة المصرية، أما مدخل قناة السويس فيجب أن يرفع به تمثال يرمز لمن حفروها وماتوا فيها أما تمثال ديلسبس فمكانه المتحف القومي في بورسعيد كجزء مؤلم وحزين من قصة حفر القناة واستغلال قوي الاستعمار القديم في فرض عقود الإذعان والامتياز والاحتلال، تلك القوي التي عادت عام 1956 بعد تأميم مصر قناتها واعادتها ملكا لأبناء وطنها.. عادوا بالعدوان الثلاثي الذي أراد أن يتخذ من الاستيلاء علي بورسعيد مدخلا لإعادة احتلال مصر والسيطرة علي قناة السويس، فكانت المقاومة الباسلة لأبناء المدينة وفرق مقاومتها الشعبية ومن تسلل من قوات نظامية بعد أن حوصرت المدينة برا وبحرا وجوا وقطعت عنها المياه والنور والإمدادات الغذائية من القوات البرية والجوية والبحرية للجيوش الثلاثة المعتديه وكان إسقاط الفدائيين وقوي المقاومة الشعبية لتمثال ديلسبس من فوق قاعدته في مدخل القناة رمزا من أهم رموز انتصارهم علي العدوان. ألا يمثل إعادة التمثال إلي قاعدته عدم احترام النصر الذي صار عيدا من أهم أعياد المقاومة والنضال الوطني وإهانة لدماء وأرواح الشهداء الذين قدمتهم بورسعيد ثمنا لانتصار مصر.. ومازال السؤال ينتظر إجابة.. كيف يتفق احتفاء وولع الفرنسيين بالحضارة المصرية مع عدم إزالة تمثال برتولوي؟!! لمزيد من مقالات سكينة فؤاد