كثفت بعض المواقع والصفحات الإلكترونية التابعة لليمين الصهيونى فى كل من إسرائيل والولايات المتحدة حملاتها الإعلامية لتهيئة المناخ الملائم لتمرير أفكار ومقترحات الإدارة الأمريكية المعروفة إعلامياً بصفقة القرن والتى تعتزم إطلاقها بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، مع استغلال نتائج الزيارات التى قام بها قادة كل من الأردن ومصر للولايات المتحدة، للادعاء بدراسة القادة العرب لبنود الخطة الأمريكية الجديدة التى تستهدف مواصلة فرض الوقائع الميدانية على الأرض تمهيداً لفرض التسوية على أطراف النزاع، وممارسة مزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية لإرضاء الإدارة الأمريكية، وذلك رغم وضوح ردود الفعل الصادرة عن مسئولى الإدارة الأمريكية الذين أكدوا أن المبادرة الأمريكية لم تتطرق لفكرة استبدال أراض مع مصر لتوسيع قطاع غزة، أو تشجيع فكرة إقامة الوطن البديل فى الأردن، وفى هذا الإطار نورد الحقائق التالية: - إخفاق الإدارة الأمريكية حتى الآن فى صياغة مبادرة متكاملة ونهائية لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وتركيز الجانب الأمريكى على مناقشة الوضع الإنسانى فى قطاع غزة، ومطالبة كل من السعودية ودول الخليج بتمويل احتياجات القطاع، مع حث القادة العرب على تليين مواقف القيادة الفلسطينية الرافضة لتلك المبادرة، التى لاتلبى الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، وتركز بشكل رئيسى على تعزيز أمن إسرائيل. - تأكيد قادة مصر والأردن ضرورة التوصل إلى سلام متوازن يقوم على أساس حل الدولتين، مع تسوية مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائى. - حرص الدول العربية على تأكيد تمسكها بثوابت أمنها القومى وعدم التفريط فى حقوق الشعب الفلسطينى، مع عدم إعطاء الادعاءات التى أطلقتها وسائل الاعلام الاسرائيلية أى اهتمام، حيث تواصل القيادة المصرية جهودها لاستكمال خطط التنمية فى سيناء للرد على الخطاب الإعلامى الذى يسعى للترويج لتوسيع القطاع، بالتوازى مع رفض الملك الاردنى أى إملاءات أو تهديدات لا تتفق وثوابت المملكة الوطنية. - استهداف إسرائيل مراكز الفكر والدراسات الفلسطينية والعربية لتغييب الوعى العربى، وكان آخرها بتدمير مركز عبد الله الحورانى للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال قصف الطائرات الإسرائيلية لقطاع غزة يوم 4/5/2019، وذلك ضمن مخططات الاحتلال الرامية لتصفية القضية الفلسطينية. ولاشك فإن المرحلة الراهنة تعد من أخطر المراحل التى تمر بها القضية الفلسطينية نتيجة تزايد الضغوط التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى، فى ظل تصاعد الحملات الإعلامية التى تشنها إسرائيل والتى تسهم فيها أدواتها التقليدية أو على شبكات التواصل الاجتماعى للتشكيك فى مصداقية السياسات العربية المتخذة، ومحاولة النيل من الرموز والقيادات العربية، والتى بلغت حد محاولة اغتيال اسم الرئيس الفلسطينى لرفضه الخطوات التدريجية التى تعلنها الإدارة الأمريكية وقادة الاحتلال الاسرائيلي، لإجباره على تقديم تنازلات تمس الثوابت الفلسطينية خاصة فى القدس وقطاع غزة، الأمر الذى يتطلب ضرورة بلورة سياسة إعلامية تسهم بها مؤسسات الإعلام العربى بمختلف فئاته وتوجهاته بهدف مساندة المواقف العربية، ومحاولة التعرف على مواقف وخطط القوى السياسية فى إسرائيل، والقيام بجهد للرد على التجاوزات والأكاذيب التى تثيرها الأبواق الإعلامية الاسرائيلية. وبعيداً عن جلد الذات واتهام مؤسساتنا الإعلامية ومراكزنا البحثية بالتقصير، إلا أن الحقيقة أننا نلمس تراجع الاهتمام بالدراسات الاسرائيلية، فى ظل تركيز جامعاتنا على تدريس اللغة العبرية وآدابها، دون الالتفات للدراسات الإسرائيلية واليهودية المعاصرة مما يضعف من قدرة الأجيال الجديدة على فهم واستيعاب المخططات الصهيونية، الأمر الذى دفع الدكتور ابراهيم البحراوى وهو أحد أساتذة اللغة العبرية بجامعة عين شمس لتأسيس منتدى للدراسات الإسرائيلية، وذلك بهدف تحقيق التواصل بين الأجيال، وبناء جيل جديد متخصص فى مجال الدراسات الإسرائيلية يمتلك مؤهلات تمكنه من الدراسة المعمقة المتأنية، لإثراء ميدان الدراسات الإسرائيلية بكل فروعه وتخصصاته بالمزيد من المساهمات الرصينة، ومن ثم تسليح الأجيال الجديدة من باحثى حقل الدراسات الإسرائيلية بما يجعلهم جديرين بحمل أمانة الإسهام الجاد علمياً وعملياً فى صون مصالح مصر العليا واضطلاعها بالتزاماتها القومية تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية. ولعل أهم ما يميز تلك الفكرة المبدعة إخلاص القائمين على أداء هذه الرسالة التى نجحت فى جذب عشرات الشباب المهتمين بالدراسات الاسرائيلية من داخل وخارج مصر، حيث يشارك فى هذا المنتدى شباب من الدول العربية وفى مقدمتهم أشقاؤنا الفلسطينيون الذين وجدوا فى هذا المحفل منبراً للتعبير عن مواقفهم الوطنية، مع استعدادهم لتوظيف أدواتهم الجديدة التى يمتلكون مفاتيح العمل بها، وأهمها شبكات التواصل الاجتماعى ومنصات الإعلام الجديد لتوعية وتثقيف الشباب المصرى والفلسطينى والعربى بطبيعة المخاطر والتهديدات التى يتعرض لها الأمن القومى العربى، وهى رسالة تؤكد إمكانية الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى تحقيق أهداف الأمن القومى، وتحويلها من وسائل تعمل للإضرار بأمن الوطن ومصالحه الحيوية إلى أدوات تسعى للمتابعة الموقوتة لمراكز الدراسات والبحوث السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية، واختراق إعلام الطرف الآخر بشقيه التقليدى والجديد، والذى يمتلئ بالأكاذيب والدعاية والشائعات التى تستهدف النيل من الحقوق والمصالح العربية، فتحية لجيل الآباء الذى تطوع لنقل خبراته ومعارفه لجيل الشباب، والشكر موصول لجيل الوسط الذى يضحى بوقته وجهده لتحقيق هذه الرسالة الوطنية، خاصة بعد أن أبدت بعض الصحف المصرية والعربية استعدادها لتخصيص بعض صفحاتها لباحثى المنتدى لنشر نتائج الدراسات والتحليلات التى يتم إعدادها أو ترجمتها للمساعدة فى تثقيف وتنوير القارئ المصرى والعربى وتوعيته بحقوقه المشروعة، بما فى ذلك حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى. لمزيد من مقالات لواء محمد عبد المقصود