محمد الليثى تاريخ لا يمكن تجاهله ... ومعاناه مستمرة تحت وطأة الاحتلال .. تاهو فى شتات أرضهم أصبحوا فرقاء يرضخون تحت مذلة الاستعمار .. لكن تاه الأمر على الكثير فى تحديد هويتهم بفعل الاحتلال وأصبحت أمورهم ليست بأيديهم .. اتهم البعض منهم بالخيانة للأرض والوطن.. ينفى الكثير منهم ذلك بأنهم ظلوا فى أرضهم التى ورثوها عن أجدادهم ومتمسكين بها. بدأت معاناتهم مع وعد من لا يملك لمن لا يستحق «بلفور» لإسرائيل ليأذن للكيان السرطانى الذى نهش فى وطنهم وفرقهم محاولين أن يطمسوا على هويتهم العربية، بدءا من فرض الجنسية الإسرائيلية على عرب 1948 أو ما يطلق عليهم عرب فلسطين .. حاولوا إعطاءهم ما للإسرائيليين من حقوق، لكن المشكلة الأزلية التى عانى منها عرب 48 تتمثل فى القيام بالحج والعمرة .. حيث إن الفلسطينيين بقطاع غزة تقوم بقضاء فريضة الحج عن طريق وزارة الأوقاف الفلسطينية والسفر عن طريق مصر، والفلسطينيين بالضفة الغربية عن طريق الأردن، لأنهم يحملون جوزات سفر فلسطينية .. أما عرب 48 يحملون جوازات سفر إسرائيلية .. والأراضى السعودية تمنع دخول حاملى هذه الجوازات إلى الأراضى المقدسة، وكان الحل بعد المباحثات الكثيرة أن يتم إعطاء وثائق سفر أردنية لحاملى الجنسية الإسرائيلية فترة قضاء الحج أو العمرة، لكن ما زالت الشبهات تحوم حول هذه الوثائق واتخاذ احتياطات وإجراءات مشددة على إصدارها، وذلك لغموض موقف عرب 48 من ولائهم، فعرب إسرائيل أو عرب 48 أو عرب الداخل وهى التسميات الشائعة فى العالم العربى للعرب الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (بحدود الخط الأخضر أى خط الهدنة 1948) ينقسمون فى إسرائيل إلى ثلاث مجموعات، الأولى وهم فلسطينيو 48 ، وهم الفلسطينيون الذين بقوا فى أرضهم فى سنة 1948 وأصبحوا مواطنين فى الدولة العبرية منذ بداية تأسيسها، خلافاً عن المواطنين العرب فى القدس والجولان الذين يملكون إقامة دائمة فقط ولا يحصلون على الجنسية، والمجموعة الثانية من العرب فى إسرائيل هم سكان مدينة القدس الذين تم ضمهم للدولة العبرية بعد سنة1967، وتم منحهم الإقامة الدائمة، لكن بدون إعطائهم الجنسية الإسرائيلية، وغالباً هم يمتلكون جوازات سفر أردنية، والمجموعة الثالثة والأخيرة من المواطنين العرب فى إسرائيل هم سكان الجولان، وهم مجموعة صغيرة من السكان السوريين الذين بقوا فى الجولان بعد أن احتلت إسرائيل الجولان من سوريا، وهؤلاء عرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية، وكل حقوق المواطنة بمقابل أن يكونوا كدروز فلسطين أى يخدمون خدمة عسكرية وأن يوالوا إسرائيل، لكنهم رفضوا كل هذا ورفضوا الولاء لغير سوريا، وفضلوا أن يكونوا سوريين للأبد، وتوجد مجموعة عرب لبنانيين نزحوا للأراضى الإسرائيلية أثناء الحرب الإسرائيلية-اللبنانية وحصلوا أيضاً على إقامة دائمة فى إسرائيل وفى وسائل الإعلام الإسرائيلية يشار إلى المواطنيين العرب فى إسرائيل بمصطلحى «عرب إسرائيل» أو «الوسط العربى»، كما يستخدم أحيانا مصطلح «الأقلية العربية» (خصوصا فى الإعلانات الرسمية)، هؤلاء العرب هم من العرب الذين بقوا فى قراهم وبلداتهم بعد أن سيطرت إسرائيل على الأقاليم التى يعيشون بها وبعد إنشاء دولة إسرائيل بالحدود التى هى عليها اليوم. خمس سكان إسرائيل حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية يشكّل المسلمون نحو 83 % من العرب فى إسرائيل، 9-10 % من المسيحيين و8 % دروز يقدّر عدد مواطنى إسرائيل العرب والحائزين على مكانة "مقيم دائم" بما يقارب مليون و400 الف نسمة بالإضافة إلى فلسطينيى ال 48 الذين يحصلون على الجنسية أيضاً أى 19.87 % من السكان الإسرائيليين وهم يقيمون فى خمس مناطق رئيسية هى: الجليل و المثلث والجولان والقدس وشمالى النقب، أما من بين المواطنين فقط فتكون نسبة المواطنين العرب حوالى 16 % من كل المواطنين الإسرائيليين. ولقد مرَّت الجهات أو الهيئات المسئولة عن الأوقاف والشئون الدينية فى فلسطين بالعديد من الحقب، مرورا بالخلافة العثمانية ثم بالانتداب البريطانى ثم بالاحتلال الإسرائيلى اليهودى الغاشم حيث انقسمت فلسطين بعد نكبة عام 1948م إلى عدة أجزاء، قسم تحت الاحتلال الإسرائيلى (ما يسمى بالخط الأخضر)، وقسم تحت الإدارة المصرية (قطاع غزة)، وقسم تحت الإدارة الأردنية (الضفة الغربية). إلى مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية. دستور فلسطين نص دستور فلسطين لسنة 1922م على اعتبار جميع التشريعات العثمانية التى كانت منشورة فى أول تشرين الثانى 1914م أو قبل ذلك، نافذة المفعول إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يسن بمقتضى هذا القانون. وفى الضفة الغربية فقد طبق القانون الأردنى المعمول به بالمملكة الأردنية الهاشمية، واستمر العمل بالقانون الأردنى حتى الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية سنة 1967م الذى ينص صراحة فى المادة رقم (4) منه على أن: «لوزارة الأوقاف والشئون المقدسات الإسلامية شخصية معنوية واستقلالا ماليا وإداريا ويجوز لها أن تقاضى بهذه الصفة، وأن تنيب عنها فى الإجراءات القضائية المتعلقة بها أو لأية غاية أخرى النائب العام أو أى شخص آخر تعينه لهذه الغاية وتمارس الصلاحيات المنصوص عليها فى هذا القانون، وفى أية أنظمة أو تعليمات تصدر بمقتضاه، كما يحق للوزارة رغم أى تشريع آخر أن تنيب عنها الإجراءات القضائية وفى المرافعات لدى محاكم الصلح ومأمورى التسوية أحد موظفيها»، استمرت الحال على ذلك حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية سنة 1994م وفى قطاع غزة فقد أصدر الحاكم الإدارى العام المصرى لقطاع غزة الأمر رقم 564 لسنة 1957م بحل المجلس الإسلامى الأعلى وتكوين إدارة الإسلامية وقد جاء فى المادة الثانية منه ما يلي:"تكون لإدارة الأوقاف الإسلامية شخصية معنوية وميزانية مستقلة يتولى إدارتها مدير يصدر قرار بتعيينه منا، ويكون تعيين موظفى هذه الإدارة بقرار يصدر منا عن طريق الإدارة المدنية". وبعد الاحتلال الصهيونى لقطاع غزة سنة 1967م الذى أوجد الاحتلال ما يسمى بالإدارة المدنية، والتى كانت تشرف على جميع الإدارات من خلال ضابط الأركان، ومن هذه الإدارات (إدارة الأوقاف الإسلامية) والتى كانت تخضع لإشراف ضابط ركن الأديان والتى كانت عبارة عن مكتب واحد لإدارة الأوقاف فى قطاع غزة بتاريخ 1/10/1994م أصدر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات مرسوماً رئاسياً بإنشاء وزارة الأوقاف والشئون الدينية محافظات فلسطين باسم (وزارة الأوقاف والشئون الدينية)، والوزارة هى أحد مظاهر الهوية الإسلامية فى المجتمع الفلسطينى، واستناداً إلى هذا المرسوم قامت الوزارة بإنشاء المديريات فى جميع محافظات الوطن عام 1966، وبعد هذه النبذة التاريخية عن عرب 48، «الأهرام العربى» تفتح الملف الشائك حول حج من يحملون الجنسية الإسرائيلية والقيام بالسفر إلى الاراضى المقدسة رغم أن المملكة العربية السعودية تمنع دخول الإسرائيليين إلى الأراضى المقدسة وقيامهم بالمشاعر سواء للحج أو العمرة، وهو ما تناوله الخبراء والمتخصصون فى الشئون الإسرائيلية . حج الإسرائيليين حول موقف حج عرب إسرائيل يقول دكتور منصور عبد الوهاب، المحلل السياسى المتخصص فى الصراع العربى الإسرائيلى فى هذا الشأن إنه من الصعب أن يحمل الحجاج من عرب 1948 جواز سفر إسرائيلى فى الأراضى السعودية موضحًا أن بظهور هذا الجواز هناك من المؤكد حدوث مشاكل كبيرة، وأضاف أنهم يحصلون على وثائق سفر خاصة يدخلوا بها إلى الأراضى المقدسة. وأوضح عبد الوهاب أنه ليس لعرب 1948 انتماء واحد ومن غير الممكن أن نصفهم ب"كتلة صماء واحدة" مضيفًا أن انتماءاتهم تختلف من جماعة لأخرى حيث قسمهم إلى ثلاث طبقات وفقًا لترتيب الانتماء للكيان الصهيونى وكانت الطبقة الأولى فى ترتيبه هى الدروز والتى صنفها أنها الأكثر انتماء للكيان الصهيونى، موضحًا أنهم يخدمون فى جيش الاحتلال الإسرائيلى، وأرجع ذلك إلى كونهم ينتمون إلى ديانات غير سماوية، أما الطبقة الثانية فهى البدو والذين وصفهم بأنهم يمتلكون طبيعة اجتماعية خصوصا أنه على الرغم من أنهم مسلمون، فهناك منهم من يمكن وصفه بالانتماء للكيان الصهيونى، كما وضعهم فى مكانة أبعد قليلًا عن الدروز، بخصوص انتمائهم للكيان الصهيونى. وكانت الطبقة الثالثة التى تحدث عنها "منصور عبد الوهاب" هم باقى عرب 1948 من مسلمين ومسيحيين والتى أجمع " منصور عبد الوهاب " بأن تم إجبارهم على الجنسية الإسرائيلية، حيث إنهم الفلسطينيون الذين لم يتخلوا عن أراضيهم مثلما فعل ضعاف النفوس الذين أغراهم المال وتركوا بيوتهم وأراضيهم للصهاينة. ليسوا خونة وأكد "عمرو زكريا"، الباحث والمتخصص فى الشئون الإسرائيلية، أن إحساس عرب إسرائيل بالقضية الفلسطينية عال جدا وشدد على وجوب التوعية بأن عرب 48 "ليسوا خونة" مضيفًا أن هناك الكثير من يعتقد أنهم باعوا وطنهم لأنهم قبلوا الجنسية الإسرائيلية، لكن فى الحقيقة هم من تمسكوا بأرضهم وفرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية لوقوعهم داخل إسرائيل وفقًا لحدود 67 مضيفًا أن لكل قاعدة شواذا، حيث إن منهم من يطالب بالمساواة مع الإسرائيليين بصفتهم مواطنين إسرائيليين الجنسية، كما أن لهم، الحق كمسلمين أن يؤدوا فريضة الحج وأن يتم تيسير هذه الرحلة لهم وأن كثيرا منهم يهتم بالقضية الفلسطينية أكثر من غيرهم من الفلسطينيين. طمس الهوية العربية أشار منصور عبد الوهاب إلى أن إسرائيل تعمل على طمس الهوية الفلسطينية العربية حيث يقومون بعملية "عبرنة" سواء فى المدارس أو فى مؤسسات أخرى تعمل على إضفاء الطابع اليهودى الصهيونى على العرب خصوصا على الأطفال حتى ينشأ الجيل الجديد متشبعا من الفكر الصهيونى، هادفين إلى تقوية واستمرارية المشروع الصهيونى خصوصا بالقدس حتى يضمنوها. وجدير بالذكر أن هناك خمس مدارس فى القدس طبقت المناهج الإسرائيلية ونظام التعليم الإسرائيلى بداية من العام الدراسى الحالى، كما ذكرت وكالة "معًا" الفلسطينية، مضيفة أن الاحتلال الإسرائيلى منذ عامه الأول سعى إلى فرض السيطرة على المدارس العربية، لكن الاحتجاجات والإضرابات أدت إلى وقف هذه المحاولات، مشيرة أن هذه المناهج تلغى أى ذكر لحق الفلسطينيين فى القدس كما تلغى المعارك وبطولات الشهداء الفلسطينيين، وتسعى إلى إثبات حق اليهود فى أرض فلسطين. وتابع منصور عبد الوهاب ذاكرًا حلين لمواجهة "العبرنة"، الحل الأول هو تحفيظ القرآن لكل الأطفال حتى لا تضيع مبادئ وتعاليم الإسلام وينجح الصهاينة فى خطتهم التى تهدف إلى جرهم إلى العلمانية والبعد عن الدين، أما الحل الثانى فيتمثل فى تدريس اللغة العربية لمواجهة اللغة العبرية التى يتحدثها الكثير من عرب 48، وأضاف أنه على المجتمع المصرى فهم من هم عرب 48 وأنه يجب علينا كعرب دعم الدين الإسلامى هناك، واصفًا إياه «واجب قومي». وأكد «منير محمود»، باحث فى الشئون الإسرائيلية ب«مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية» أن الحجاج من العرب فى الأراضى المحتلة يأخذون الأردن وسيلة للوصول إلى الأراضى المقدسة، وأضاف أنهم يذهبون أيضًا عن طريق مصر عبر معبر رفح والعبارات من نويبع وأيضًا بالطيران. لكن أوضح الدكتور «عبد الوهاب وهب الله»، أستاذ اللغة العبرية بقسم اللغات الشرقية بجامعة القاهرة أن عرب 48 يستقلون فقط طريق الأردن للوصول إلى الأراضى المقدسة عن طريق التواصل بينهم وبين شئون الحجاج بالمملكة الأردنية الهاشمية أما من يأخد الأراضى المصرية طريقًا له سواء بالعبارات أو بالطيران فهم فلسطينيون وغالبًا من قطاع غزة وليسوا إسرائيليين.