«الأمن القومى المصرى يبدأ من الجنوب» عبارة قصيرة تحوى معانى كبيرة ذيلها الباحث الصحفى عزام أبو ليلة فى مقدمة كتابه الجديد «السودان : قصة الحرب والانقسام». خلال سبعة فصول يكشف الكتاب أسباب وجذور الصراع فى السودان والتحذير من تكرار مثل هذا السيناريو الخطير داخل العديد من البلاد العربية وحقيقة أزمة السودان فى السنوات الأخيرة التى شهدت حربا داخلية حامية الوطيس قبل توقيع اتفاقية نيفاشا بين الشمال والجنوب، عام 2005 ثم الحرب فى إقليم دارفور وحقيقة تأجيج الصراع هناك وأبرز الحركات المسلحة وقادتها ثم المطالبات بالانفصال فى مناطق أخرى داخل البلد الشقيق كما فى الشرق وقبائل البجة وجنوب كردفان. يبرز الكتاب دور إسرائيل فى السودان وحوض النيل فيقول المؤلف: «إن دور إسرائيل فى التلاعب داخل إفريقيا كان مبكرا منذ الثمانينيات بهدف استغلال الاحتجاب المصرى عن هذه الدول ولعبت إسرائيل دور الشريك الاقتصادى والفنى واللوجستى وهو ما أدى بدوره إلى إشعال الموقف وتصاعد وتيرة الأحداث من جانب الدول الثمانى ضد مصر والسودان وهو ما ظهر بوضوح فى اجتماعات تلك الدول فى الإسكندرية عام 2009 وظهور تباين وجهات النظر حول الشكل النهائى للاتفاقية بهدف التأثير على حصة مصر والسودان من مياه النيل، مما يؤكد الدور الإسرائيلى الخفى وعامل استغلال علاقاتها مع دول الحوض للوقوف ضد مصلحة مصر.. فعبر المشاهدات الواقعية عام 2004 فى كل من إثيوبيا ورواندا وأوغندا وبحيرة فكتوريا أو منطقة البحيرات العظمى لوحظ وجود إسرائيلى مشبوه من الناحية التقنية وفى مجال الزراعة وتربية المواشى والتدريب الفنى وكلها غطاءات لأغراض إسرائيلية استراتيجية ولتعميق التعاون مع تلك الدول بغرض الضغط لاتخاذ مواقف ضد مصر. من جهته «أكد المؤلف فى تصريح ل «الأهرام» أن الكتاب يلقى الضوء على أهمية فهم حقيقة الأحداث داخل السودان الشقيق وكيف وصلت الأمور إلى حد التحارب والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد وهو ما حدث بين الشمال والجنوب حتى وصل الأمر إلى تقسيم البلد الشقيق الى دولتين كذلك الحرب فى إقليم دارفور وصولا لمطالبات بانفصال الإقليم الكبير أيضا وهو ما يدفع إلى تمزيق كامل التراب السودانى إلى دويلات صغيرة متناحرة،كاشفا كيف تم من خلال أصابع الأيادى الخفية إشعال الحرب داخل الوطن الواحد وبين الأشقاء وأن الغرض الرئيسى من ذلك كله هو نهب ثروات السودان ثم تهديد الأمن القومى المصرى من خلال بوابته الجنوبية. وأوضح المؤلف أن الكتاب جاء حصيلة متابعات مباشرة من خلال عمله كصحفى وباحث متخصص فى الشأن السودانى ويصدر الكتاب بعد تصاعد المظاهرات الداخلية حيث يسهم الكتاب فى فهم تركيبة ووجدان الشعب السودانى لشرح ما يحدث وتطوره وتأثيره على الدول المحيطة، خاصة فى ظل التطورات الأخيرة بالسودان والإطاحة بالرئيس عمر البشير. كما يكشف مراحل التصعيد ضد مصر من بعض دول حوض النيل بغرض القفز على الاتفاقيات الدولية والتاريخية التى تحفظ حق مصر فى حصتها من نهر النيل كدولة مصب.كذلك يلقى الضوء على ما يمكن القيام به من دور مصرى من أجل إعادة لحمة شعبى وادى النيل بهدف استعادة دور مصر المحورى داخل تلك الدول, وتدارك تأثير كارثة سد النهضة على أمن مصر المائى وأمنها القومى بشكل عام خاصة أنها أصبحت واقعا ملموسا.