بالتأكيد أن امتلاكك للسلطة، أيًا يكون مستواها، ليس معناه أن تحاول بكل ما تتسع له هذه السلطة أن تفرض آراءك وتصرفاتك على من هم يخضعون لهذه السلطة فهو أمر يخاصم كل القيّم الإنسانية ويندرج تحت محاولة استغلال النفوذ بخاصة إذا كانت هذه التصرفات تعد شاذة وتتقاطع مع القيم الأخلاقية والدينية. هذا الأمر يتضاعف سوءه ويثير المزيد من الاستنكار والاشمئزاز إذا كنت تسعى إلى فرض هذه التصرفات على طلاب من الشباب صغار السن ممن هم يجب أن تتعامل معهم على أنهم أبناؤك وبخاصة إذا كنت تنتمى إلى مؤسسة دينية يفترض فيها الاعتدال والسلوك المنطقى وتعد رمزًا للتسامح وهى الأزهر الشريف! ما أقدم عليه الدكتور إمام رمضان إمام، أستاذ العقيدة فى كلية التربية جامعة الأزهر من إجباره لطالبين على خلع البنطلون أمر غريب للغاية خاصة أنه اعترف بأنه أقسم على الطلاب بأنه فى حالة رفضهم ذلك الأمر فسيكون الرسوب مصيرهم المحتوم! وهو ما يكشف عن عقلية مهتزة تختبئ خلف الإصرارعلى استغلال النفوذ باعتباره يملك تحديد مصير طلابه ومستقبلهم فى الدراسة!. السؤال الذى يتبادر إلى ذهن أى عاقل يدور حول : إذا كان ذلك هو أسلوب شرحه درسا فى منهج العقيدة فماذا سيكون تصرفه إذا كان الدرس عن فلسفة النكاح أو آداب العلاقة الحميمية بين الأزواج..! الغريب أن الدكتور حاول تبرير فعلته هذه بقوله إن ذلك كان على سبيل التمثيل مؤكدًا أن ما فعله كان بهدف التوضيح لشرح مسألة الحياء، وأنهم يجب أن يعبدوا الله كأنهم يرونه! والأغرب من ذلك أنه أشار إلى أنه طوال ما يقرب من ربع قرن وهو يشرح منهجه بهذا الأسلوب العملى بدلا من الحفظ والتلقين، مؤكدًا أنه أجرى هذه التجربة مرات كثيرة، وكان الطلاب يستحون، ويمتنعون عن خلع البنطلون.!.. غير أنه فى هذه المرة استجاب طالبان وخضعا لطلبه أملًا فى النجاح، وهنا يبرز السؤال : أين كانت إدارة جامعة الأزهر ومسئولو الكلية طوال هذه الفترة .. خاصة أن إدارة الجامعة قد قررت معاقبته بفصله عن العمل نتيجة فعلته الأخيرة إلى جانب وقف عميد الكلية، ووكيلها لشئون التعليم والطلاب ورئيس القسم لتقاعسهم عن المتابعة، بالإضافة إلى فصل الطالبين المشاركين فى هذا الفعل داخل المحاضرة مما يعد فعًلا فاضحًا داخل الحرم الجامعى ..! الأمر لم يقف عند هذا الحد بل امتد إلى أن قررت وزارة الأوقاف إلغاء تصريح الخطابة الخاص بالدكتور ومنعه من صعود المنبر ومن أداء الدروس بأى من المساجد .. فهل كان إمام يلقى خطبه ويشرح الدروس للمصلين داخل المسجد بنفس هذا المنهج الشاذ؟!. وفى موقفين متناقضين لواقعة أستاذ الأزهر، شهدت أيام الأسبوع الماضى حدثين يؤكدان ثقة أستاذين جامعيين فى نفسيهما وتعاملهما مع طلابهما بكل الود والاحترام باعتبارهم فى ذات مكانة أولادهما .. ففى الموقف الأول كشف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى فى منشور شاركه احد طلاب إحدى الجامعات عن موقف إنسانى لأحد مدرسى الجامعة مع طالبة من ذوى الاحتياجات الخاصة إذ كتب أن الأستاذ طلب منه إحضار مقعد متحرك وأنه عندما أحضره فوجئ بزميلته التى كانت تحاول صعود درج الكلية بصعوبة بسبب وضعها الصحى السيئ وعدم مقدرتها على المشى بسبب عطل فى المصعد، فما كان من الدكتور إلا أن طلب من الطالبة ان تجلس على المقعد ونقلها من الطابق الأول إلى الطابق الثالث حيث مكان المحاضرة ..! .. لتنهال بعد ذلك إشادات الطلاب عليه ووصفه بالرقى لموقفه الإنسانى من طالبته .. بينما كتبت إحدى الطالبات: أحمد الله على أننى كنت من بين طلابه فى يوم من الأيام. وفى لفتة إنسانية أخري، وثقتها كاميرا أحد هواتف الطلاب بكلية الآداب، بجامعة القاهرة، أظهرت دكتور المادة. رئيس اللجنة فى ذات الوقت، وهو يحمل طفلة رضيعة، ابنة إحدى الطالبات، التى ذهبت لأداء الامتحان بعد أن منعتها مشاعر أمومتها من ترك الرضيعة بالمنزل، ولم تستطع التخلى عن واجبها تجاه مشوارها التعليمي، لتكون مكافأتها أن يحمل الدكتور عصام جميل، رضيعتها، للاعتناء بها خلال الامتحان لمنعها من البكاء، وترك والدتها تؤدى الامتحان فى هدوء وبشكل جيد..! وقد تفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين وصفوا الأستاذ الجامعى بأنه يحمل الكثير من معانى الإنسانية، والأبوة بينما رد الدكتور بأنه لم يفعل شيئا يستحق كل ذلك وأن ما أقدم عليه هو الواجب باعتباره أبًا لطلابه أو أخا أكبر لهم وأنه ليس معنى أنه أستاذً جامعيً ألا يساعد أيا من طلابه يحتاج للمساعدة. هكذا تكون روح العلاقة التى تسود بين الأستاذ وطلابه .. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولطلابك وأساتذاتهم كل السلامة دائما . لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش