ثلاثة مواقف لن يخرج عنها رأى الجماهير فى التعديلات الدستورية المنتظر الاستفتاء عليها خلال الأيام القليلة المقبلة فيما بين مؤيد ومعارض ومحايد، وأيا كان موقفك من هذه التعديلات فإن المشاركة وإبداء الرأى أمام الصناديق وفى لجان الاستفتاء يعتبر أحد المكاسب الحقيقية الملموسة لثورة 30 يونيو ومن قبلها 25 يناير، حيث تغيرت مفاهيم الانتخابات والاستفتاءات لدى المواطن المصرى الذى كان دائما ما ينظر لها على أنها «تحصيل حاصل» وأن «رأيه» «لن يقدم أو يؤخر» ولكن ومع تكرار التجربة الانتخابية الحقيقية زادت نسبة مشاركة المواطنين على مدار السنوات الماضية فى مختلف المناسبات التى تطلبت نزولهم وإبداء آرائهم. هذه الحالة عكستها مظاهر التأييد والدعم السياسى للتعديلات الدستورية حيث اتفقت الأحزاب والقوى السياسية وأعضاء مجلس النواب على ضرورة التعديل من أجل المستقبل. «الدستور عمل بشرى ممكن أن تلحق به الشوائب وهذا موجود فى كل الدساتير فى العالم، حيث يتم تعديلها بين فترة وأخري، هذه مسألة ليست جديدة ولا ببدعة وأيضا ليست محل استغراب فالدستور قابل للتعديل، شأنه فى ذلك شأن أى عمل بشرى آخر. المستشار محمد عبد العزيز الشناوى النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا السابق وعضو لجنة ال10 ولجنة ال 50 فى تعديل دستور 2014، ساهم فى كتابة هذا الدستور محل تعديل بعض مواده حاليا، يقول إنه يتم عمل أى دستور خلال فترة زمنية معينة، ولوجود متغيرات ومستجدات، نرى حاجة ملحة فى إحداث تعديلات على بعض مواده، حتى تتواكب مع هذه المتغيرات، ولكن أريد بداية ان أشرح الظروف الصعبة والتى وصفها ب «غير العادية» التى كنا نعمل فيها لإخراج دستور 2014، حيث إنه كان من المفروض الانتهاء من هذا الدستور خلال شهر فقط وهى مدة زمنية قصيرة للغاية، بالإضافة إلى الأجواء السيئة التى كنا نعمل خلالها، حيث تنعقد الجلسات والمناقشات وسط المظاهرات، وعندما كنا نناقش مواد الدستور فى لجنة ال 10 قمنا بعمل صياغة منضبطة للغاية، وعندما ناقشنا هذه المواد فى لجنة ال 50 تم تغيير هذه الصياغة، حيث إننى كنت عضوا باللجنتين. وأضاف : ليس من الإنصاف أن ننظر لدستور 2014 بمنظور عام 2019، يجب أن نراعى الظروف الضاغطة التى تم فيها إعداد هذا الدستور، وبالرغم من ذلك استطعنا أن نخرج دستورا «مناسبا» وفى نفس الوقت قابلا للتعديل من خلال المستجدات والمتغيرات، لأننا كنا نعانى من مرحلة خطيرة مرت بها البلاد خلال حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وما تلاه من عمليات إرهابية، وبالتالى ليس هناك داع لمهاجمة دستور 2014. ووصف المستشار الشناوى التعديلات بأنها مطلوبة فى هذه المرحلة فمثلا المادة «102» الخاصة بالكوتة لمقاعد المرأة أرى أن تعديلها محل صواب، ولكن من الأهمية إعادة صياغتها بدقة، حيث إن النص يقول «على أن تخصص بما لا يقل..» لا نستطيع قول ذلك ولكن الأصح أن يقول «على أن تخصص ما لا يقل عن ربع المقاعد للمرأة..»، وتم الأخذ بهذا التعديل الذى طالبنا به فى إعادة صياغة هذه الفقرة من قبل مجلس النواب، وذلك تعاون كبير من البرلمان وخير دليل على أن مصلحة البلاد هى الهدف الرئيسى لجميع العاملين بالدولة. أيضا فى ذات المادة بالفقرة الثالثة تعديل مهم وصائب ومطلوب هو «تقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات ويجوز الأخذ بالنظام الفردى أو القائمة أو الجمع.. «حيث يقول النص الحالى غير المعدل : « التمثيل المتكافئ للناخبين..» وهذه الجملة من الممكن أن تحدث مشاكل فى العدد وغير ذلك. نائب رئيس الجمهورية وبالنسبة للمادة المستحدثة الخاصة بنائب رئيس الجمهورية، أرى أن وجودها أمر مهم وضروري، فوجود نائب أو أكثر للرئيس مسألة ضرورية نظرا للمهام والأعباء الجسام الملقاة على عاتق الرئيس، فوجود هذه المادة شيء جيد ومميز. وفيما يتعلق بالمادة 160 فهى جيدة جدا حيث «يقوم نائب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة بأعمال رئيس الجمهورية فى حالة غيابه» فبالتالى لا يجوز له أن يطلب تعديل الدستور أو يحل مجلس النواب أو الشيوخ أو يقيل الحكومة، إذا خلا منصب رئيس الجمهورية لا يجوز له أن يرشح نفسه لهذا المنصب. وفى تعديل المادة «185» تم حذف عبارة مهمة جدا، وهى «أن كل جهة قضائية لها موازنة مستقلة» ولا أعلم لماذا سيتم حذفها فى التعديل ؟ ففى دستور 2014 تكون الموازنة المالية المستقلة لكل هيئة أو جهة قضائية يتم مناقشتها بمجلس النواب بكامل عناصرها وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقما واحدا، فبما أن مجلس النواب يناقش هذه الموازنة فما الداعى لحذفها وتعديل هذا النص القانونى . النائب العام وعن المادة الخاصة بالنائب العام والذى يتولى المنصب لمدة 4 سنوات فقط، أرى أن الفترة قصيرة، فهناك قضايا تحتاج إلى التحقيق مدة طويلة، ويتم التحقيق فيها مع 200 و300 متهم فى قضية واحدة، فإذا كان رئيس الجمهورية سيتولى منصبه لمدة 6 سنوات، ومجلس النواب دورته 5 سنوات، فعلى الأقل تكون مدة تولى النائب العام 6 سنوات أيضا، على أساس إنهاء جميع القضايا الموكلة له، والمادة الخاصة بالمحكمة الدستورية العليا فى اختيار رئيسها من بين أقدم 5 نواب.. لا أرى مشكلة بها فالأمر ميسر، وعن تعديل المادة الخاصة بتمثيل مناسب للعمال والفلاحين فهذا أمر عظيم فالدولة تدعم حقوقهم فى تمثيل عادل وقوى بمجلس النواب. مجلس الشيوخ ويقول المستشار الشناوى عن المادة الخاصة بإنشاء مجلس الشيوخ، أرى أن هذا هو الوقت المناسب لوجود مثل هذا المجلس فى مصر الآن، وذلك لدراسة ومراجعة مشروعات القوانين والقرارات والتوصيات دراسة عميقة شاملة، حتى تذهب بعد ذلك لمجلس النواب خالية من العيوب وفى ذلك تخفيف الأعباء عن مجلس النواب وضمان أن جميع القرارات التى تصدر منه سليمة من الناحية العلمية، لأن مجلس الشيوخ سيضم قامات علمية كبيرة، مضيفا أن الاختصاصات الموكلة له مهمة جدا بأخذ رأيه فى اقتراحات تعديل مواد الدستور، ومشروعات الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بمعاهدات الصلح والتحالفات المتعلقة بحقوق السيادة لأنه يكفل ضمانة لهذه المعاهدات وتوفير قدر كبير من الدراسة والبحث قبل إقرارها أو التصديق عليها، ومصر مرت قبل ذلك بتعديل الدستور فى فترات سابقة كدستور 23 لأنه كان مواليا للاحتلال البريطانى آنذاك، فكانت هناك ثورة على هذا الدستور لتغييره، ودستور 71 تم تعديل مادة انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع السرى المباشر، وكان نصها قبل التعديل بالاستفتاء الشعبى بناء على ترشيح مجلس الشعب، وأنصح الشعب باستخدام حقه القانونى والسياسى فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لأن القانون هو المنظم لعلاقة المواطن بالسلطات العامة فى الدولة، وبالتالى يكفل القانون للمواطن حماية حريته الشخصية وملكيته وحرية رأيه فى التعبير. النزول والمشاركة ويؤكد الدكتور محمد الذهبى أستاذ القانون الدستورى أن المطلوب من الجميع النزول والمشاركة والوقوف بجانب الرأى الذى يدعمونه، فالمشاركة فى الانتخابات والاستفتاءات هى أولى قيم الديمقراطية والتقدم التى أكدها مواطنو الدول المتقدمة ورسخوها بمشاركتهم الفعالة التى تؤكد أن أى اختيار هو اختيار تلك الشعوب، ويضيف : أتمنى زيادة نسبة المشاركة وأن يشارك الناس برأيهم خلال الأيام المقبلة.