صورة ذهنية شبه ثابتة تلك التى يختزنها البعض عن العلماء والباحثين، ..فهم المشغولون دائما.. ويجلسون مع أسرهم أحيانا ولا يتابعون أحداث الحياة الجارية أبدا. لكن الدكتورة منة الصيرفى كسرت هذه الصورة النمطية وأثبتت قدرتها على التقدم علمياً وتحمل مسئوليات أسرتها ..فهى باحثة ما بعد الدكتوراة فى مركز علوم الجينوم بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وحصدت جوائز عالمية خلال السنوات الماضية كان آخرها فى مارس الماضي، حيث تم تكريمها فى العاصمة الفرنسية باريس. لقد شغفت منة بالعلوم منذ طفولتها، ودعم ذلك تفوقها الدراسى الذى أتاح لها الحصول على منحة جزئية بعد الثانوية العامة لدراسة التكنولوجيا الحيوية بالجامعة الألمانية، وقد شجعتها والدتها الصحفية المتخصصة فى العلوم بمؤسسة الأخبار الزميلة هبة حسين على دراسة علم الجينات لتنهى دراستها الجامعية بتفوق مرة أخرى عام 2010. وتؤكد منة الصيرفى ل «الأهرام» أنها رغبت فى استكمال دراستها العليا خارج مصر تحديداً فى جامعة هايدلبرج الألمانية وهو ما مثل وقتها تحديًا كبيًرا للكثير من «التابوهات» الاجتماعية آنذاك.. فكيف تسافر تلك الشابة الصغيرة وتقيم بمفردها فى بلد أجنبي؟ وكيف سيتقبل المجتمع ذلك عند رجوعها؟ بل ان البعض قال لها :كده مش هتتجوزى ولكن بدعم الاسرة المتفاهمة الواعية سافرت منة وبذلت جهدًا مضاعفًا لتحصل فى زمن قياسى على درجتى الماجيستير والدكتوراة عام 2015 لتكون أصغر الباحثين حصولًا على تلك الدرجة العلمية فى عمر الخامسة والعشرين فقط. ثم عادت «منة» إلى الوطن ليستفيد مما حققته، واستطاعت الالتحاق بمركز علوم الجينوم فى مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، معمل الدكتور شريف الخميسي. وتتذكر منة الصيرفى زيارتها الى باريس بعد حصولها على الدكتوراة حيث لفت انتباهها إعلان ضخم يحمل صورة احدى السيدات يعلن عن فوزها بجائزة اليونسكو «المرأة من أجل العلم» ، لتقرر على الفور التقدم بأبحاثها فى مجال دراسة تصحيح الخلايا للحمض النووى للحصول على تلك الجائزة المادية لاستكمال أبحاثها العلمية. ولم تتوان منة عن تحقيق هدفها وتقدمت للمسابقة فى منافسة مع 110 باحثات من مصر والعراق وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان وحصلت على منحة المشرق العربى عن عام 2017 . .. وقد شجعتها هذه المنحة للتقدم الى فرع آخر من فروع المسابقة العام الحالى لاختيار 15 من المواهب العلمية الصاعدة تحت سن الاربعين تنافست عليها 280 باحثة على المستويين الإقليمى والدولي، لتفوز «منة» مرة اخري، وكانت الوحيدة بينهن تحت سن الثلاثين وتقول: لم يكن مجرد احتفال بالباحثات ولكنه كان تدريبا فى مجالات متعددة استمر اسبوعين فى مجالات الاتصال والاعلام وحقوق الملكية الفكرية، لنعود الى أوطاننا بمؤهلات ومهارات أكبر لنتعرف كيف نستثمر فى بلادنا ونفيد الأجيال الصاعدة ونكافح فكرة التحيز للنوع فى العلم. وسألنا منة: هل تعطلت حياتك الشخصية خلال مسيرة النجاح المهنى والعلمى كما حذرك البعض؟.. وكانت الاجابة بالنفى حيث تزوجت ورزقها الله بطفلها الاول بعد اسابيع من التكريم، وترى الباحثة المصرية أن أهم عوامل نجاح الفتاة هو دعم أسرتها، خاصة اذا كانت طموحة. وتضيف: لم أشعر يوما بأى فرق فى التعامل بينى وبين شقيقى فقد قدم لنا والدانا نفس الفرص ثم كان دعم زوجى وتفهمه لطبيعة عملى ودراستى المستمرة من أكبر عوامل نجاحي، وتختتم الباحثة المصرية حوارها مع «الأهرام»بنصيحة الى كل فتاة باختيار شريك لها فى الحياة تكون بينهم احلام مشتركة وقدرة على تحقيق التوازن بين الاحلام والمسئوليات.