دخلت حرب المياه فى الشرق الأوسط منعطفا جديدا بإقرار الحكومة الأمريكية ضم مرتفعات الجولان إلى الأراضى الإسرائيلية، والتصديق على القانون الإسرائيلى الصادر عام 1991 الخاص بهذا الشأن. والأمر الواقع أن إسرائيل أعربت مرارا وتكرارا أنها لن تتراجع عن ضم الجولان باعتبارها من أهم مصادر المياه العذبة إلى جوار ما تستولى عليه من مياه فى الأردن ولبنان والأراضى الفلسطينيةالمحتلة، فإسرائيل تعتمد على هذه المياه فى إنتاج المحاصيل والفواكه بنسبة تقترب من 40% من بعض أنواعها مثل الكروم والزيتون وغيرهما. وحرب البيئة هى أخطر أنواع الحروب، فهى لا تهدد فقط جيوشا على جبهات القتال، بل تهدد مصائرأجيال بشرية وتحكم عليها بالموت أو الفقر، سواء كان ذلك بسرقة الموارد أم ضمها بالقوة أو تسميمها، وإذا كانت إسرائيل نفسها تعتبرأكبر نموذج لسرقة الأرض فى التاريخ فإنها لا تجد غضاضة عن ممارسة كل أشكال الاعتداء على الموارد البيئية لدى جيرانها العرب، يساعدها على ذلك الضعف العربى وانشغالهم وبصراعات قبلية أو فتن داخلية وتواطؤ القوى الدولية. وحاليا تتعرض أنهار النيل ودجلة والفرات والأردن والليطانى، والمياه الجوفية فى فلسطين لمخاطر ضخمة تنذر بتدمير التنمية وفرص الحياة لدى الشعوب العربية، حيث تزداد ندرة المياه فى المنطقة العربية يوما بعد يوم، بفعل قوى خارجية، أو غياب الإدارة الرشيدة للمياه، أو بفعل الجفاف والتصحر وتملح المياه أو تلوثها أو آثار تغير المناخ. ويا ليت الحكومات العربية تستفيق وتنتبه إلى ما يحدق بها من مخاطر، وتوحد صفوفها وتوفر ما تنفقه فى الحروب الداخلية أو الصراعات، لتنفقه فى حماية مواردها وصيانتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لمزيد من مقالات فوزى عبد الحليم