في بداية هذا القرن الحادي والعشرين واجهت دول عديدة في المنطقة العربية مشكلة شح المياه وتردي نوعية الموارد المائية والمشكلة عويصة كون احتياطيات هذه الموارد في الشرق الأوسط لا تبلغ حتى 1%. من الاحتياط العالمي. ثم إن الزيادة السريعة في تكاثر السكان جعلت مؤشر التزود بالماء في المنطقة العربية هو الأقل في العالم كله أي أقل من 1200 لتر للفرد الواحد سنوياً. وإذا استمر تكاثر السكان على الوتيرة ذاتها، فإن حصة الفرد الواحد من الماء بعد ثلاثين عام. ستنخفض إلى النصف. والمعروف أن الماء وسيلة شاملة لتأمين الحياة، وهو بهذه الصفة يلعب دوراً في منتهى الأهمية لإنتاج الأغذية لاسيما الزراعة، في مناطق الجفاف. وإلى ذلك يزداد استهلاك الماء في الصناعة. وتشير بعض التقديرات إلى أن مستوى توفير المياه في الدول سينخفض في حدود عام 2025 إلى مستوى كارثي مرعب. ويؤكد ذلك حقيقة أن المياه والأمن القومي مشكلتان مترابطتان. ويمكن أن تحدثا توترا اجتماعيا في المنطقة، فتصاعد الوضع المحيط في قضية المياه في هذه المنطقة يعود سببه مرارا إلى تدخل الدول الأجنبية في حل النزاعات القائمة بين المنطقة. وقد كانت هذه النزاعات مرتبطة، بإعادة توزيع الثروة المائية. ومما لا شك فيه أن المياه الآن موضع صراعات وخلافات حادة بما في ذلك الصراعات والنزاعات المسلحة. يقول بعض المحللين على سبيل الفكاهة الحزينة إن معادلة السلام في الشرق الأوسط بسيطة للغاية فالسلام يساوي ذرتين من الهيدروجين زائد ذرة من الأوكسجين، بمعنى أن مشكلة المياه هي الكل في الكل. وقد شهد النصف الثاني من القرن الماضي صراعا حادا بين إسرائيل والدول العربية المجاورة على موارد المياه. ونتيجة الحروب العربية مع الكيان الإسرائيلي احتلت إسرائيل أراضي عربية أساسية مع ما فيها، من أهم شرايين ومخزون المياه في المنطقة. كبحيرة طبريا، والضفة الغربية لنهر الأردن بمياهها السطحية والجوفية وكذلك الليطاني، وأنهار الجنوب اللبناني. وأدى ذلك إلى مزيد من التعقيدات في العلاقات العربية الإسرائيلية. وباتت مسألة استخدام المياه من أهم وأصعب شروط المباحثات العربية الإسرائيلية على المسارين السوري واللبناني. وتتردد في خطاب أطراف العملية السلمية عبارة الأرض مقابل المياه أكثر مقابل الأرض مقابل السلام. إن الصحارى تقهر الأرض ببطء وعناد. ففي العام 2025 كما يتوقع العلماء لن يعود ثلثا الأراضي الزراعية صالحا للزراعة في إفريقيا وثلث تلك الأراضي في آسيا وخمسها في أميركا الجنوبية. وسيقتضي الأمر ترحيل 135 مليون نسمة إلى أماكن أخرى. هذه العملية تضاهي إخلاء فرنسا وألمانيا من سكانهما بالكامل. وتهدد أكبر المخاطر، أطراف الصحارى الشهيرة. مثل الصحراء الكبرى، وصحراء غوبي. كل شيء مرتبط بالإنسان ونشاطه الحكيم على الأرض. فإذا كان سيستخدم بحكمة ما وهبه إياه الله عز وجل، فهذه الكارثة لن تحدث طبعا. مع أننا نعيش في وقت أصبحت فيه الظواهر الطبيعية الغريبة ممكنة. ومثل على ذلك، التصحر الحاصل اليوم.