* مطالب بتحويل المنطقة لمحافظة مستقلة لمنحها مزيدا من الخدمات والترويج السياحى هل تخيلت نفسك جالساً فى حوض ضخم من الماء الكبريتى الذى تفوق حرارته درجة الغليان مستمتعاً وسط الآلاف من النخيل على امتداد بصرك، لا يقطع خضرتها وارتفاعها إلا سماء لا يوجد مثيل لصفائها وشمسها الساطعة، فى مناخ جاف (صيفا و شتاء) لن تجده فى بقعة أخرى بالعالم بما فى ذلك أشهر المدن السياحية الدولية؟، هل سمعت عن كنوز متحف المومياوات الذهبية ومقبرة باتينيو؟، هل تخيلت نفسك أمام جبل الكريستال الثمين الذى هرول إليه الأجانب وتجاهله المصريون؟، أو متجولاً بين جامعى البلح فى موسمه أو عاصرى الزيتون فى مجتمع يشبه خلية نحل لا يكل أفرادها منذ بزوغ الفجر حتى غياب النهار؟. العيون الكبريتية الساخنة لها فوائد مذهلة بين اثنين ونصف مليون نخلة يعيش أهل الواحات البحرية فى جنتهم الصغيرة المنسية عمداً أو تجاهلاً، منذ أن اكتشف واديهم الطيب قبل ثورة 25بكثير، وعندما سمع الرئيس جمال عبد الناصر عن تلك المنطقة الثرية بثرواتها التى ليس لها مثيل من معادن وآثار وخيرات أرسل إليها كل المعدات المستخدمة فى بناء السد العالى للاستفادة بمخزون الحديد ( ثانى أكبر منجم للحديد على مستوى العالم ) وغيره من المعادن المهمة، وتم إنشاء مستشفى ومجموعة من المدارس والوحدات الصحية الصغيرة إيذاناً بنقل المنطقة النائية إلى مخطط الدولة فى التنمية والاستفادة من الموارد، لكن كان للقدر رأى آخر بعد وفاة عبد الناصر ليتم استغلال أبسط البسيط من الموارد وهدر الباقى إهمالاً. واليوم يعود الاهتمام بالمنطقة من جديد، وكانت البداية بإنشاء الطريق المزدوج بين طريق الواحات بالسادس من أكتوبر والواحات البحرية التى كان يعانى سكانها الأمرين فى طريقهم قبل ذلك. فى رحلة استكشافية، على بعد عدة ساعات من القاهرة، وجدنا هذا الكنز السياحى والبيئى النادر، فالآبار الكبريتية التى أثبت العلم فائدتها الكبيرة لعلاج أمراض العظام والجلد والبشرة تخرج من الأرض دون جهد، ويستخدمها الرجال هناك للاستحمام اليومى، ونادراً ما تجد سائحا مصريا أو أجنبيا هناك حتى فى أهم المواسم.. لماذا؟ لأن التسويق بالفعل لتلك البقعة منعدم تماما.ً الموميات الذهبية تحكى تاريخ ما بعد الفراعنة ويعلم سكان الواحات درجة حرارة كل عين حسب عمقها، فهذه مياه تغلى غير محتملة يستخدمونها لرى النخيل، وتلك ساخنة تفيد فى علاج الأمراض، وتلك دافئة لأن عمقها قريب يتحملها الضيوف غير المعتادين على الحرارة الهائلة للعيون الكبريتية. ومما يلفت النظر أن هناك العديد من العيون الساخنة ( 400 عين ) مهمل وليس به ماء، ويفسر الأهالى ذلك بقولهم: «لا يوجد بالواحات كلها مكان لإصلاح الموتور الرافع للمياه اذا تطلب صيانة أو اصلاحا، لذلك يتم إرساله للقاهرة أو للجيزة وننتظر فترات طويلة لحين إصلاحه واستعادته». فنادق بدائية أما الفنادق الموجودة هناك فهى بدائية للغاية رغم روعة المدينة، وأشهر هذه الفنادق لسائح ألمانى - يدعى بيتر- أعجب بالواحات واستقر بها منذ ثلاثين عاماً وأقام منزله وفندقه أمامه وكان المفترض أن لديه عينا كبريتية داخل الفندق ( لكنها كانت أيضاً خارج نطاق الخدمة)، كما أن المد السلفى الواضح على معظم السكان، أجبره على إغلاق البار والديسكو الخاص بالفندق كى يصبح كسائر الفنادق البسيطة هناك (بالطبع قد يؤثر ذلك على إقبال السائحين خاصة مع عدم تقديم خدمة سياحية مميزة على أى صعيد لا على مستوى المواصلات ولا قرب مطار منها أو على مستوى الخدمات أو التسويق). وادى المومياوات فى الرحلة لاستكشاف وادى المومياوات الذهبية والبحث عن آثار الواحات المعبرة عن الأسرة 26 وما بعدها، عرفنا أن الرومان واليونان حاولوا تقليد العلوم الفرعونية بالتحنيط لكنهم لم يتمكنوا منها تماماً، فتحللت معظم الجثث أو تفحمت أو تلفت، والأحسن حالة من ال 250 مومياء ذهبية التى تم اكتشافها فى عام 1996 هم العشر مومياوات المعروضة فى المتحف هناك والتى كشفت عن سبب الوفاة فى هذا العصر لأعداد هائلة من السكان بسبب مرض الطاعون. العيون الجافة لا يكترث بها احد وبالانتقال إلى مقبرة باننتيو وجدنا أنها مكونة من صالة ذات ثلاثة أعمدة وثلاث حجرات جانبية واحدة فقط منها هى المنقوشة وهى الحجرة الاساسية المواجهة للمدخل، وتقع المقبرة فوق جبل يكشف جمال المدينة تحته كأنها لوحة مرسومة يطغى عليها النخيل بشموخه وبديع مظهره وكثافته على مرمى البصر، والبساطة الشديدة وعدم التقدير للأسف تجعلك ترى تابوتاً فرعونياً ملقى بالخارج فوق الجبل كأنه لا قيمة له، نزلت المقبرة مازحة دعونا نقرأ الفاتحة للأجداد فأجابنى حارسها (الفاتحة لا تجوز على الكفار) كيف يحرس سلفى الهوى مقبرة يعتبر أهلها كفرة؟، ولماذا تهمل الدولة التعليم والثقافة هناك للحد الذى يجعل التطرف حتى لو كان ظاهرياً فقط خنجراً يضرب الأمن والسلامة والسياحة والآثار؟. موسم البلح - صادفت الزيارة موسم البلح وهو ما يجعل الواحات بكل قراها أشبه بخلية النحل، سيدات ورجالا، يعملون بجمع وتعبئة البلح فى أكثر من 38 مصنعا (خاصا) لتصديره إلى دول شرق آسيا، ولذلك مراحل بدءًا من دخول البلح للمصنع ثم غسله وتجفيفه ودخوله أفرانا فى أقفاص بلاستيكية غير ممتلئة بالبلح كى يجفف جيدا، الأفران بها هواء دافئ ليتم تجفيف البلح دون طبخه، بعد ذلك تأتى مرحلة الانتقاء النهائية واختيار البلح الجيد السليم غير الفاسد ولا الناشف ولا المعطوب ليتم تعبئته فى الصناديق الورقية ثم وزنه حتى يتم تصديره. ماكينة غسل التمر والبلح الفاخر بالواحات يعرض بأسعار لا تذكر مقارنة بجودته ومقارنة بأسعاره بالقاهرة، بعد ذلك انتقلنا لمعرض الأسرة المنتجة ومعرض آخر لبيع الأزياء التقليدية والمشغولات اليدوية المميزة لهم أيضاً والتى تعمل بها النساء المعيلات وهى منتجات رائعة وأثمانها زهيدة للغاية وللأسف لا يعلم عنها أحد شيئا. ضعف الخدمات ضعف أو انعدام الخدمات هو السمة الغالبة على الواحات بكل قراها حتى مركز الباويطى، فالمدارس قليلة والحضانات تابعة للجمعيات الأهلية وكذلك مراكز تحفيظ القرآن الكريم، المستشفى ليس به أطباء إلا فيما ندر، ويعتمد السكان على القوافل الطبية التى يؤجلون شكواهم الطبية حتى تذهب إليهم حسب الظروف والاجندات الوقتية والمكانية، واذا حدثت أزمة عاجلة أو مكروه لأى شخص فإما أن يموت أو ينتظر حتى تستأجر أسرته سيارة تنقله للقاهرة بعد خمس أو ست ساعات اذا تمكنوا من ذلك. تجهيز الصناديق لدخولها الفرن - بحثنا عن خبير اقتصادى مدرك لامكانات واحتياجات الواحات البحرية ليرشدنا إلى سبل النهوض بتلك المنطقة، وسر المشكلة لمكان كان بامكانه أن يصبح منارة سياحية وثقافية وعلاجية لكن يتم التعامل معه وكأنه غير موجود على الخريطة؟ وبالسؤال وصلنا للسيد مسعود عبدالحكيم مدير البنك الزراعى (وهو البنك الوحيد بالواحات وأصبح أخيرا يعمل بالقطاعين الزراعى والمصرفى لخدمة الأهالى فى كل القطاعات) ولأن الحال واضحة لا تحتاج لشرح كان الحديث حول الحلول المطلوبة ليتغير هذا الحال، ولخصها مسعود فى مجموعة مطالب أساسية، أهمها الاهتمام بتحويل الواحات البحرية لمحافظة مستقلة عن محافظة الجيزة ويكون لها خدماتها المستقلة ولها ممثلون فى مجلس الشعب وتستفيد من إمكاناتها المهولة، خاصة أنها تحتوى على ثانى اكبر مخزون لخام الحديد فى العالم الفرز النهائى للتمر إضافة لاتخاذ الخطوات التحضيرية لتحويل منطقة الواحات البحرية لمركز لوجستى وتبادل تجارى عالمى لا يقل اهمية عن مراكز الدول العربية مادامت لدينا المقومات الطبيعية والبشرية والثروة المعلوماتية مع الاهتمام بصحة المواطنين وذلك بتأهيل المستشفى والوحدات الصحية وسد العجز بتشجيع الأطباء الاستشاريين على الاستقرار بالواحات عن طريق وضع مزايا تحفيزية لهم تزيد على دخولهم بالقاهرة، مع البدء فورا فى بناء نهضة تعليمية قويه تخدم الصناعة الحديثة داخل الواحات البحرية عن طريق توفير الدعم الكامل للعملية التعليمية، لان الواحات البحرية بها عدد قليل جدا من المدارس الابتدائية والاعدادية ثم تقل فى المرحلة الثانوية لتنحصر فى مدرسة ثانوية واحدة بجانب ثلاث مدارس فنية واحدة للزراعة وأخرى للصناعى وثالثة للتجارى. المرحلة الأخيرة للوزن والتعبئة ثم يشير مسعود إلى ضرورة الاهتمام بتطوير صناعة التمور عن طريق تقديم الدعم اللازم للمصانع الموجودة وبناء اكبر مصنع للتمور فى مصر والعالم باعلى تقنية حتى يمكن لمصر أن تنافس داخل أسواق أوروبا، إضافة لتقويم قطاع مناجم حديد الواحات الذى يعد ثانى اكبر منجم على مستوى العالم والعمل على جذب استثمارات لاقامة مصنع للصلب والمنتجات التحويلية على ارض المنجم. ولا ينسى مسعود عبدالحكيم أن يلفت النظر لقضية غاية فى الأهمية تتعلق بالبدء على وجه السرعة فى مشروع قانون لتقنين اراضى الملاك واضعى اليد على اراضيهم الموروثة من اجدادهم لمدد كبيرة، على أن يتناسب مشروع هذا القانون مع قدرات القاطنين الاصليين من اهل الواحات محدودى الدخل وليس من المستثمرين الوافدين من غير أهلها، لان أهل الأرض هم الأحق بتمليكهم الارض باسعار زهيدة تجعل الجميع قادرا على الدفع دون استدانة او اقتراض ليعيش ويحيا حياة كريمة على ارض مصرية. محمد عبدالله عباس - مسعود عبدالحكيم مقام سيدى الباويطى ملابس النساء التقليدية تراث وفن وصناعة